بروفيسور أسعد غانم:
المشاركة في الانتخابات او مقاطعتها هي ادوات، ولا يمكن ان تكون غايات، عدا عند الذين يريدون الخروج من المواطنة (المحدودة)، والذين لا يقدمون اي بديل عملي لمجتمعنا
اليوم صباحا يبدو اننا ذاهبون بأربعة احزاب –على الاقل- لانتخابات الكنيست: الجبهة الديمقراطية، الاسلامية-التجمع- العربية لتغيير وحلفائها، وكرامة ومساواة وباقي الاحزاب الصغيرة. كل عاقل يعرف ان قائمتين، على الاقل، لن تمرا نسبة الحسم ، هما "كرامة ومساواة" وتحالفها، وقائمة اخرى من الاحزاب المركبة للقائمة المشتركة، او اثنتين، وذلك يتعلق بتقسيم الاصوات ونسبة الحسم.
على مدى سنوات تعرفت، بمستويات مختلفة، على قيادات الاحزاب، وعرفت انهم متفاوتون في القدرات والتمكن من العمل السياسي، لكنهم بدون شك على مستوى عال من الاستعداد للعمل لأجل شعبنا، وفي مجمل القضايا، رغم انني حقيقة اعتقد بان غالبيتهم لا يعون معنى العمل السياسي، ويعتقدون بان العمل السياسي هو شعارات وخطابات على المنصات، وهذا مهم... لكنهم لم يعملوا بشكل كاف على تنظيم مجتمعنا وعلى تخطيط وتنفيذ مشاريع عينية، كان بإمكانهم القيام بها، ولو بشكل محدود.
لي نقد كبير على المشتركة واهمالها لوضع مخططات تنفيذية، وطبعا لأدائها ككتلة ، رغم القدرات الفردية الممتازة لأعضائها، كما للمناكفات الشخصية، ولمسألة التناوب، الخ.... لكنها تبقى بالتأكيد التجلي الاهم لتمثيلنا في الكنيست وخارجها، وكان لها اثر كبير محليا، وفلسطينيا وعربيا، وحتى عالميا، وهي بالتأكيد كانت ممكن ان تكون الاداة الأنجع حتى الان لتنظيم مجتمعنا، رغم التقدير لما تقوم به المتابعة (والذي لا زال يحتاج الى جهد اكبر)... وهذا سوف يدرس لاحقا. وبعد اخراج الحركة الاسلامية الشمالية خارج القانون، لم يعد هنالك عمل حزبيحركي يستحق الذكر، خارج الاحزاب المركبة للمشتركة عدا بعض الخطوات الجانبية هنا وهناك، والتي لا تستطيع ان تشكل زخما يستطيع تحريك قضايا مجتمعنا الى الامام.
للتوضيح فقط: المشاركة في الانتخابات او مقاطعتها هي ادوات، ولا يمكن ان تكون غايات، عدا عند الذين يريدون الخروج من المواطنة (المحدودة)، والذين لا يقدمون اي بديل عملي لمجتمعنا، عدا بعض الاحاديث غير الواضحة هنا وهناك.
عودة لموضوعنا الاساسي، الان نحن على عتبة تفكيك المشتركة، وهي خطوة جدية للوراء بشكل كبير وصادم لكل من توخى تحسين وتطوير التجربة، لا التنازل عنها، والاهم اننا امام خطوة قد تضرب فعالياتنا السياسية الاساسية بشكل جدي. تعالوا نتصور وضعا تفشل به قائمة او اثنتين من تجاوز نسبة الحسم، سوف يضرب هذا كل هذه الفعاليات وقياداتها التي نحتاجها ونريد طبعا ان تطور ادائها، وسوف تعطي اليمين ثلاثة او اربعة مقاعد اضافية على الاقل، ليتمكن اكثر من مطاردة شعبنا في الضفة وغزة واللجوء، ليتنكر اكثر لأية تسوية سياسية منصفة، ليتمكن من المصادرة والتهويد وهدم البيوت في النقب وقلنسوة وطنطور وغيرها، ليمارس التمييز العنصري اكثر، وليسنّ قوانين اسوأ ولينتهك مقدساتنا اكثر...يجب ان تعرف مركبات المشتركة، بانها تساهم في كل هذا اذا استمرت في التنكر لمطلب انقاذ المشتركة.
ما وصلني عن اتفاق الاحزاب الثلاثة – الاسلامية والجبهة والتجمع (بدون العربية للتغيير) حول تقاسم المشتركة هو امر غير مقبول وغير معقول ويؤكد التمترس بالكراسي والسعي لدفع العربية للتغيير خارج المشتركة، رغم ان كل الاحزاب تعرف بان في هذا مشكلة هذه الاحزاب، واذا حصل هذا فان هذه الاحزاب كلها مرشحة للفشل في الانتخابات القريبة.
الان، العودة للمشتركة وارد، وتستطيع ان تكون امتن واقوى واكثر فاعلية من ذي قبل. الاقتراح الممكن والمعقول مبني على اساس التبادلية والتكافؤ، بالتفصيل:
اولا، لن يضر الجبهة اي شيء اذا تنازلت عن رئاسة القائمة ويجب ان تعلن ذلك جهارا -واعرف تماما بان ما نشر عن اتفاق حول رئاسة الجبهة للمشتركة هو عار عن الصحة-، واصلا من الغريب جدا ان لا صوت يصدر عن الجبهة بهذا الصدد حتى الان.
ثانيا التبادلية والتكافؤ: أ – ب – ت- ث: أ- ب – ت – ث: الخ.... المسألة هي تقاسم كراسي ولا يوجد نقاش جوهري او خلاف واحد حول البرنامج. ادرك ان للجبهة وللإسلامية تطلعات اكثر، وممكن جدا حصول مرشحيهم على المقعدين 13 و 14، وليثبتوا انهم فعلا اكثر قوة وتنظيما من غيرهم وليشدوا الهمة لإدخال هذين المقعدين للكنيست، علنا نستطيع زعزعة ائتلاف اليمين، بدل التمترس في "لعبة الكراسي" فقط.
اذا عادت الاحزاب للمشتركة فإنها سوف تربح حزبيا وستحصل على مقاعد اكثر من اي سيناريو منفصل والذي قد يؤدي الى اختفاء بعضهم من الساحة السياسية وضرب مصالح مجتمعنا جديا. قيادات الجبهة والتجمع والاسلامية والتغيير وغيرهم مسؤولة امام شعبنا عموما ومجتمعنا هنا خصوصا، وتستطيع انقاذ مجتمعنا عموما، ووضعها هي خصوصا، وقبل فوات الاوان.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com