الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 03:01

قصّة نجاح

سمر فاهوم ضاهر من الناصرة: اتّبعي شغفك.. المثابرة والعمل أساس تحقيق ذاتك

رغدة بسيوني- كل
نُشر: 21/03/19 11:11,  حُتلن: 17:16

كل امرأة قادرة على أن تُحقّق ذاتها وأن تُحلّق بعيدًا للوصول لأحلامها مهما كانت كبيرة، نشارككم تجارب بمثابة تقدير وحُب لنساء مجتمعنا المُثابرات الطّموحات المُغرّدات خارج كل سرب يحاول الحدّ من طاقاتهن، هي رسائل أمل لكُل امرأة، أم، شابة، طفلة، مُسنّة، من أجل بذل المزيد من المجهودات للنّهوض والمضيّ قُدمًا وتحقيق الذّوات وترك بصمة خاصّة لا تُنسى. "أجا دورِك"!

سمر فاهوم ضاهر من الناصرة زوجة وأم لثلاثة أبناء وصاحبة متجر شغل ايد في الناصرة.


سمر فاهوم ضاهر

بدأ اهتمامي بالأشغال اليدوية منذ الطفولة، إذ لطالما رأيت جدّتي وهي تخيط المناديل الأويا، بالإبرة والمكّوك، ووالدتي وهي تُطرّز وتحيك الصّوف والصّنارة، كذلك حينها كان الفلاحون يأتون إلى سوق الناصرة لبيع منتوجاتهم بالزّي التّقليدي الذي لطالما أثار دهشتي لجماله وأناقته ودقّة صُنعه، ومنذ ذك الحين وأنا أحلم بأنّ يكون هذا مجال عملي في المستقبل.

الظروف تمنع من الدراسة الأكاديمية لكن لا تحدّ الأحلام وتحقيقها
لم تسمح لي الظروف بأن ألتحق بالدراسة الجامعية وبعد ذلك بفترة تزوّجت، ولكنّ حلمي كان يراودني طوال الوقت وكبر معي، التحقت بدورات عديدة لها علاقة بالخياطة والتطريز وعملت في مجال تصفيف الشّعر في المنزل، هذا العمل وتربية الأبناء لم يمنعاني من السّعي وراء تحقيق الحلم والاستمرار في تعلّم التّطريز واكتساب المهارات في هذا المجال، اهتممت بأن أثقّف نفسي نظريًّا وعمليا، وقرأت العديد من الكتب حول التّراث الفلسطيني.
بداية عملي كان كهواية بعد أن تمكّنت من التّطريز والخياطة وعملت لفترة من المنزل وسوّقت منتوجات في دكان للتذكاريات يملكه زوجي، العمل اليدوي بالنسبة لي ممتع جدًّا وكل قطعة أقوم بصنعها أضع فيها جزءًا من نفسي ومشاعري، هذا لأن كل المنتوجات التي أقوم بصنعها من التّراث الفلسطيني الذي أعشق وأنا سعيدة جدًّا لأنّي اليوم في مكان المحافظة على هذا التُراث وأحاول إبراز جماله قدر المستطاع. بالرّغم من ضيق العمل والإمكانيات ومعاكسة الظّروف إلا أنّ الإصرار والإيمان بالذّات كانا يدفعاني للعمل نحو أي هدف أضعه أمامي بالتّالي نحو تحقيق الأحلام.

الشّغف والأمومة
مهنتي المقدّسة الأولى في الحياة هي الأمومة، كبرت وكبر أبنائي وكبر هذا الشّغف معي، لم أكتف بالدّورات السّابقة والتحقت مجدّدًا بدورات وورشات في الخياطة والتّمكين المهني النسائي والتّسويق الالكتروني وكل هذه الدّورات فادتني في اكتساب الخبرات اللازمة وتجهيزي لأن يكون مكان عملي الخاص بي. رغم انّي انتظرت سنوات طويلة لكن جميعها كانت مليئة بالعمل والعطاء والامل بالتّوسع يوما ما حتّى جاءتني ابنتاي الكبرى دنيا التي أكملت دراستها الجامعية في موضوع إدارة الأعمال والثانية شادن في موضوع تصميم الأزياء بفكرة أن نفتتح متجرًا، ولمعت الفكرة برأسي في أن يجمع المتجرالمنتوجات الفلسطينية من صناعات يدوية وكان هذا قبل 5 سنوات مضت.
كان الطّريق الأول لإدراكي أهمّيّة تحقيق ذاتي، وحتّى ولو بعد حين فأنا في الطّريق الصحيحة لأنّي أعمل ما أحب.

النّجاح طريقه ليست مفروشة بالورود.. والإيمان بالذّات
وقع الاختيار على متجر في سوق النّاصرة ذلك لإيماننا الكبير في أهمّية إحياء هذا السّوق العريق من جديد الذي له تاريخ مهم، وللأسف هو اليوم شبه مهجور. لم تُفرش الطّريق بالورود بعد اتّخاذ قرار افتتاح المتجر وواجهتني العديد من الصّعوبات والأسئلة هل سيفشل مشروعي الذي لطالما حلمت به أم سينجح؟ كيف سيتم تسويق المنتوجات بالذّات وأن غالبية النّاس اعتادت على شراء المنتوجات المستوردة ورخيصة الثّمن؟ ولكنّي آمنت بما أقوم به وأنا مقتنعة تماما بأنّ النجاح لن يأتي إلا بعد مسيرة طويلة وشاقّة ومثابرة مستمرّة وإيمان بالفكرة التي يريد الشخص إيصالها من خلال مشروعه، والإيمان الأقوى بالرّسالة خلفه.
اليوم وبعد 5 سنوات الحمد لله، بدأت أحصد ثمار جهدي وتعبي ونجاحي في عمل ما احب، وأصبح متجري "شغل إيد" مثالا ناجحًا يحث الجميع على افتتاح محلّات لهم في سوق النّاصرة لإحيائه من جديد.

الجذور والهويّة الفلسطينيّة
أنا أؤمن بمقولة اتّبع شغفك، وانعكس هذا الامر على عملي فصرت أعمل بكل طاقتي وحتّى لساعات إضافية كي أحافظ على الانجاز الخاصّ بي، واستمرّيت في تطوير نفسي والمتجر وإدخال العديد من المنتوجات اليدوية لأسلّط الضّوء على جمالية هذه المنتوجات وإبهار الزّوار وبالذّات الأجانب الذين بغالبيّتهم يأتي إلى البلاد ولا يعلمون عنّا أو عن هذه الفنون اليدوية إلا الأمور السّطحية أو السّلبية، هدفنا للتّعريف عن المنتوجات التراثية الفلسطينية للوافدين والزّوار خصوصًا وأنّها ذات جودة عالية ومن خلالها يمكننا المحافظة على جذورنا وهويّتنا الفلسطينية.
من أجل نجاح عملي ونجاحي في مهنتي التي أحب قدّمت الكثير من التّضحيات، ومررت بالعديد من الصّعوبات التي هانت جميعها عندما بدأ هذا النّجاح يتجلّى امامي، وعندما بدأت ألمس نظرة التّقدير ودعم المشروع من الجميع. من هنا أدعو الجميع لدعم المنتوجات المحلّية وبدلا من أن تقتنى هديّة تقليدية في يوم مثل اليوم، يمكن أن تُهدى الأمّهات هديّة من صنع نساء مثلها، من صنع أيديهن هدية مليئة بالمشاعر والحُب.
مع تطوّري في العمل وانكشافي على هذا العالم الواسع، أصبحت أبحث عن إنجازات أخرى تساهم تعزيز رسالتي وهي الحفاظ على التّراث الفلسطيني، ومن أهمّها كان إعادة الثوب الفلسطيني والملابس الفلسطينية لأجواء الأفراح والأعراس للعريس والعروس، وبدأ يستعيد مكانته. أمر آخر من المهم أن أذكره في هذا السّياق أنّ متجري أصبح مرجعًا للسيّاح فنقوم بجولة يومية بمشاركة نزل فوزي عازر في سوق النّاصرة نقدّم من خلالها شرحًا باللغة الانجليزية عن الثّوب والعرس الفلسطيني والكحل والخط العربي وخزف الخليل والتراث بشكل عام، إضافة إلى مشاركتنا بورشات في العديد من المدارس، وأقمنا دورات لتعليم التّطريز إيمانا منّا بالعمل اليدوي وبعمل النّساء وتحفيزهن على بدء مشاريعهن وتحقيق استقلاليتهن.
ومؤخّرًا شاركنا في يوم الزّيّ الفلسطيني في الضّفة كما ووقع الاختيار على "شغل إيد" لتصوير مقاطع من أغنية الفنان وليد توفيق التي حملت اسم أنا صليت ع ترابك، وبعدها تلقّينا دعوة للتّكريم من مؤسسة باليستا في بيروت على رسالتنا في حفظ التّراث الفلسطيني من التّزوير والتّهويد والضّياع.

من سمر إلى جميع النّساء
على كل امرأة أن تؤمن بنفسها وبطاقاتها وبقدراتها على تحقيق أي هدف تصبو إليه، فلا شيء مستحيل، الإيمان بقوّة الذات يصنع المعجزات، وفي مجتمعنا العديد من قصص لنساء ناجحات وملهمات تحدّين كُل الصّعاب ليصلن إلى مآربهنّ.
أيّتها المرأة، إذا كان لديك حلم مهما كان صعبًا أو بعيد المنال، فاسعي وراءه ولا تستسلمي، الإرادة تُحقّق المستحيل. ولا تنسي أبدأ بأنّ النّهوض بالمجتمع يبدأ من عندك، من المرأة الأم والأخت والزّوجة والإبنة، ولا تخافي من أن تخطي بثقة نحو تحقيق ذاتك.
 

مقالات متعلقة