الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 06:01

انتخابات ؟ كذبة إسمها القائمة المشتركة!/ بقلم: أحمد العدنان محاميد

أحمد العدنان محاميد
نُشر: 03/07/19 10:41,  حُتلن: 14:23

أحمد العدنان محاميد:

أتمنى أن لا تكون القائمة المشتركة بتركيبتها الحالية، بداية لإنكسار حاد في ثقة الجماهير الفسطينية في الداخل وتحولها عنها نحو قطبين متناقضين

قبل أن تتخذ موقفا من هذه المقالة. أرجو أن تكون قد قرأتها بالكامل. شكرا.

عندما أهدرت الإحزاب العربية ثلاثة مقاعد نيابية بشكل مباشر في الانتخابات الأخيرة، إضافة إلى إحباط امكانية انجاز مقعدين برلمانيين إضافيين على الأقل. بمعنى امكانية واقعية لتحقيق خمسة عشر مقعدا أو أكثر. ولجم اليمين الفاشي بشكل تاريخي. تعرضت هذه الإحزاب إلى موجة انتقادات إعلامية حادة وإلى مطالب بتحمل المسؤولية عما حدث. أما الشارع فقد عبر عن موقفه سلفا بمقاطعة الإنتخابات ووصول نسبة التصويت بصعوبة ومن خلال "الإستعانة بصديق" إلى خمسين بالمئة، من ضمن هؤلاء ال 50% وصلت نسبة المصوتين للقوائم العربية 80% .

لم يتحمل أي أحد أية مسؤولية! ولم تعرف الجماهير من الذي وقف من وراء إحباط هذه القائمة المشتركة ومع ذلك فإن هذه الأحزاب إعلنت وبشكل فجائي، تماماً كـ "الولد الجيد" أنها متفقة على إنجاز القائمة المشتركة، وأن النقاش الوحيد هو على تركيبتها (كراسي)، بناءا على نتائج الإنتخابات الأخيرة. دون أن ينتبهوا، لا قدر الله، إلى أن غالبية شعبهم لم يجد فيهم ممثلا، حيث منحت فقط 40% من هذه الجماهير التي خرجت للتصويت صوتها لهذه الإحزاب فيما صوت 10% لأحزاب أخرى. أما النصف الأخر (50% من الناس) فقد كانوا يتمتعون برؤية هذه الأحزاب تتوسل عطف الجماهير عبر مكبرات الصوت والرسائل النصية لإنقاذها.

لم يستنتج أحد أي شيء، ولم يلخص أي أحد أي شيء حتى سقطت الكنيست بسبب فشل نتنياهو المبرمج والمخطط له بحكنة ودهاء سياسي خطير. لقد رأى هذا الرجل، الثعلب السياسي، أصوات أحزاب اليمين التي احترقت بسقوط قائمة "بينيت-شاكيد" وقائمة "فيجلين" وغيرهم الذين لديهم معا ما مجموعه 7.69% من الأصوات أي ما يعادل 9 مقاعد وخسارة معسكره اليميني كل هذه القوة ولذلك فقد قرر أن يراهن على جرها إلى حلبته السياسية البيتية – الليكود، وإن لم ينجح فعلى الأقل إلى معسكره اليميني من خلال انتخابات معادة.

إما لدينا فقد اتفق العرب المنخذلون من نتائج الإنتخابات أن يتفقوا على ما لا يرضي الجماهير مرة أخرى، لقد إختاروا الحياة السهلة والترتيبات المريحة والحلول الجاهزة، وهم يتراكضون من أجل تزكية تركيبة القوائم، كل في حزبه، وبقاءها على ما هي عليه وبدون تغييرات، لماذا؟ لأنهم ناجحون جدا في احباطاتهم ولأنهم خرجوا للتو من معركة انتخابية ترفع الرأس. لقد أتفق العرب على أن يتفقوا ضد إرادة الشعب، هذا الشعب الذي إراد أن يرى بعضهم يتنحون احتراما واعتبارا لما حدث، وكتعبير عن وعيهم للمسؤولية عما حدث، ولكن حين نتحدث عن عرب يتفقون، فإن رائحة كريهة تنطلق من هذه الطبخات السياسية. لقد وجد العرب الحل وبكل سهولة: ها نحن نشكل القائمة المشتركة، ها نحن نستجيب لكم ونحقق مطالبكم. ولكن حتى ما كان يبدوا وكأنه مفهوم ضمنيا تفسخ وانهار عن الإعلان "المجيد" عن تقسيم الكعكة.

لكنكم يا سادتي حتى في حال أنكم حققتم هذا الهدف ( تقسيم الكراسي ) فإنكم تحققون مطلب 40% فقط من الجمهور. وصدقوني أنكم لو إرسلتم لطالب في الصف التاسع لشرح لكم أن 40% فقط من المواطنين العرب صوتوا لقوائمكم، وأنا شخصيا من هؤلاء الـ 40%. أقول هذا لأن القائمة المشتركة بتركيبتها الحالية لا ترتقي إلى مستوى المشاركة الحقيقة لأقطاب وأطياف مجتمعية إضافية. ولا تأخذ بالحسبان قطاعات كبيرة من المجتمع الفسلطيني في الداخل الذي وجد نفسه بعيدا عن التركيبة الحزبية الحالية وبالتالي عن الحالة السياسية وعن القائمة المشتركة.

أيها الأخوة هنالك أزمة حقيقة. أيضا لأن الغالبية العظمى من الجماهير مستثناه من تركيبة القائمة المشتركة. وأيضا لأن أحدا لم، وعلى ما يبدو لن، يتحمل مسؤولية ما حدث في الانتخابات الأخيرة. ومن جهة أخرى هناك باب واسع لتشكيل جسم سياسي جديد منافس للقائمة المشتركة التي على ما يبدو قد لا تكون مشتركة. هنالك باب واسع لتشكيل جسم سياسي وطني لا يطمح لأرضاء دول الخليج مثل قطر وغيرها، أو روسيا أو تركيا أو أمريكا والمخابرات الإسرائيلية. حزب وطني صادق وأمين ومخلص أولا وآخرا لشعبه ولأرضه ولأبناءه. حزب ليس بحاجة إلى تبرير أخطاء الإشتراكية، ولا لتبرير عمالة دول الخليج، ولا أطماع الجماعات الإسلامية، ولا تطلعات تركيا للهمينة على المنطقة العربية، أو امريكا والمخابرات الإسرائيلية أو غيرهم من العابثين بمصير شعبنا. هذا هو حزب الشعب. حزب الشرفاء الذين ينتمون إلى الناس ومصالح بلدهم. حزب الذين يرون فقط مصلحة شعبنا الفلسطيني في الداخل، بدون تبرعات خليجية ولا امريكية ولا تركية ولا أردنية ولا اسرائيلية ولا صينية ولا غيرها.

وحتى تتغير هذه الصورة، أتمنى أن لا تكون القائمة المشتركة بتركيبتها الحالية، بداية لإنكسار حاد في ثقة الجماهير الفسطينية في الداخل وتحولها عنها نحو قطبين متناقضين، واحد يدعوا للمقاطعة وينفذها فعليا، وآخر يدعوا للاندماج في الأحزاب الصهيونية ضمن منطق عقلاني يختلف بخطورته عن أزمنة مقاولي الأصوات البائدين ( ايام الجهل السياسي). إن لم تستنتح القائمة المشتركة أنها بحاجة إلى توسيع رقعة تمثيلها فإنها ستتخد صورة الكذبة وهذه ليست "مزحة" إطلاقا. 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة