الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 22 / نوفمبر 18:01

عن كراسي الزّهاد والواعظين/ بقلم: د. منصور عباس

د. منصور عباس
نُشر: 06/08/19 10:01,  حُتلن: 03:54

إحدى أهم استراتيجيات المقاطعين وكذلك داعمي الأحزاب الصهيونية لإفشال القائمة المشتركة، والتّمثيل العربي في البرلمان، هي الاتّهام الدائم بأنّ المرشّحين والأحزاب، إنّما يعملون لأجل الكرسي والمكاسب المالية لجماعة الأحزاب. (طبعًا يغفل المتّهِم، أنه يمضي عمره باحثًا عن "الكرسي" والجاه والمال والنفوذ).

معالجة هذه الظاهرة تحتاج فهمًا لفِطْرة الإنسان التي فَطَره الله عليها، أكثر من الدفاع عن النفس، وإثبات نقيض هذه التُّهمة. المعالجة الحقيقية تحتاج ثقافة مجتمعية واعية راشدة، وصِدق مع النّفس والنّاس، وانتماء وغَيرَة على المجتمع، وليس غِشّ وخداع.

حبّ الرياسة والجاه والسلطة والمال والشهوات والمغانم، من الأمور التي فطرنا الله عليها، يتفاوت الناس في هذه الصفات بين متمسك وحريص، وبين مفضّل لإحداها على الأخرى، وبين ضابط لها ومسيطر عليها.
ورغم أنّ هذه الشهوات من ضروريّات الحياة لعمارة الأرض وبناء الحضارة، نجد أنّ معظم نصوص الشّريعة الغرّاء جاءت لتكبح جماح هذه النَّزَعات وتضبطها وتنظّمها، لتحدث توازنًا بين الرّغبة الفطرية والضّابط الشّرعيّ والأخلاقيّ.
ضبطت السريعةُ شهوة المال بالكسب الحلال، وضبطت شهوة الفرج بالزواج، وشهوة السُّلطة بالشورى، وشهوة الرياسة بشروط ونُظُم تضعها الدول والمؤسسات والحركات، وترهيب من البغْي والعدوان.
(هذا الخاصّية من محاسن الشريعة الإسلامية التي جاءت متكاملة مع فطرة الانسان وطبيعته).
عندما تفشل المجتمعات والدول في وضع ضوابط تكبح جماح المتنافسين على المناصب والنفوذ، تشيع الفوضى والنزاعات والحروب الأهلية والفشل.

لا يستطيع إنسان أن ينزّه نفسه عن هذه الشّهوة الخفيّة، مهما بلغ من مقامات الزهد.
فالتنافس المحمود على المناصب مطلوب حتى يتاح للناس اختيار أفضل الرؤساء والأعضاء لمجالسنا المحلية والبلديات، وأفضل المدراء لمدارسنا ومؤسساتنا، وأفضل الأطباء لرئاسة الأقسام في المستشفيات، وأفضل الموظفين والمعلمين والعاملين في كل المجالات.
من غير المعقول أن نأتي لمعلمين يتقدمون لمناقصة اختيار مدير للمدرسة، ونقول لهم أنتم هدفكم الكرسي، إنسحبوا لتثبتوا سمو أخلاقكم ورفعة نفوسكم وحرصكم على الصالح العام.

المجال السّياسيّ التنافسيّ متاح للجميع محلّيّا وقطريًّا، وكثيرون قد خاضوا غماره.
نجد داخل الأحزاب هنالك منافسة بين المنتسبين لها، ونجد بين الأحزاب منافسة لنيل دعم الناخبين وأصواتهم.
خلال السنوات الأخيرة تم تسجيل العديد من الأحزاب عند مسجل الأحزاب، ولكن للأسف لم يتم تأسيس وبناء أي حزب على أرض الواقع، ليدخل حلبة التنافس بجدارة، وليقدم ما لديه من أفكار وبرامج وأطروحات، وكوادر وقيادات تحسن الأداء وتمثل تحديّا للواقع الموجود.
لهذا كلّه لا وجه للاحتجاج بهذا الأمر، وهو مردود على أصحابه، إلّا أن يأتي شخص يدّعي العصمة والغيب، فيقذف الناس بالظنون والبهتان. 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 


مقالات متعلقة