عرّابية الجذور ويافوية الفروع، ابنة لعائلة عِصامية تحدت حتى تعلمت وبدأت بتحقيق ذاتها وشقت طريقها في المجتمع والسياسة، وهي اليوم المرشحة الرابعة في الحركة الإسلامية وفي المقعد الخامس عشر في "القائمة المشتركة". إيمان ياسين- خطيب، 55 عامًا التي تعرّف عليها كثيرون في الشهور الأخيرة فقط بعد ترشحها داخل الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني وللمشتركة ومشاركتها في الندوات والاجتماعات الانتخابية. أطلت على الحيز العام بقوة من خلال كـونها امرأة محافظة، مثقفة، وتشع ثقة بنفسها وهي تتحدث عن القضايا الاجتماعية وقضايا النساء. ردًا على سؤال تقول "نعم أنا نصيرة للمرأة ونسوية مسلمة، أحترم المختلفات والمختلفين عني ولي صديقات مقربات جدًا من كل أطياف وألوان مجتمعنا وشعبنا وتنوعنا مصدر قوتنا لا ضعفنا". في معرض استعراض نشأتها تروي إيمان بشفافية أنّها وُلِدت في عائلة كثيرة الأبناء بعد انهائها المرحلة الثانوية، اضطرت لتأجيل دخولها الجامعة أربع سنوات. والدها رحمه الله رفض أن تعمل دون ان يكون بيدها شهادة اكاديمية ولحين يتسنى ذلك تعلمت واشتغلت بعمل مؤقت. ما لبثت إيمان أن وصلت جامعة حيفا حازت على اللقب الأول في العمل الاجتماعي بالتزامن مع عملها كمساعدة في الأبحاث عند بروفيسور ماجد الحاج، وعملت كـ مُركزة لمشروع تعليم الطلاب الجامعيين لتلاميذ الابتدائية "بيرح".
الانتقال للناصرة
بعد تخرجها تزوجت إيمان ياسين-خطيب من مهندس آليات كان يخطط للهجرة لعدم تمكنه من العثور على مكان عمل بسبب سياسة التمييز والتي تشترط أن يكون خادما في الجيش، أمّا اليوم هو أستاذ إلكترونيكا في ثانوية المخلص في الناصرة، لهما أربعة أبناء، أكبرهم شحادة وهو طبيب، وروز معالجة طبيعية "فيزوترابيا"،أحمد طالب جامعي في موضوع نُظُم المعلومات وتطوير البرامج، وأصغرهم خالد طالب في الثانوية. وكان الأطباء قد أبلغوا الزوجين أنه لا أملا بإنجاب الأطفال لكنهما صمما وسعدا بما وهبهما رب العالمين. نقلت إيمان حب العلم من بيت أهلها في عرابة البطوف لأبنائها، وتستذكر أن معظم إخوتها وأخواتها قد أنهوا التعليم الجامعي ومنهم الأطباء والمعلمة والعاملة الاجتماعية والمحامي والصيدلي. ايمان جاءت من بيت يعج بعشرات من الأكاديميين والاكاديميات ذوي التخصصات المختلفة.
الهوية والأمومة
إيمان العاملة الاجتماعية،موجهة مجموعات، في مهنتها حازت على اللقب الثاني من جامعة تل أبيب في موضوع "النساء والجندر، موضوع اطروحتها هو في مجال الهوية والأمومة لدى الفتيات الفلسطينيات". اليوم هي ناشطة نسوية فعالة اليوم ومُحِبة للكتب النسائية والفلسفية، ومسكونة بحب الروايات الأدبية. ردا على سؤال بهذا المضمار تُضيف "من الروايات التي استهوتني رواية قناديل ملك الجليل لإبراهيم نصر الله ففيها أحسست أني أتجول في حواري عرابة البطوف وفي بلداتنا العربية الفلسطينية في الداخل. وردا على سؤال آخر تُوضح أنها ليست عازفة لكنها عاشقة لـ فيروز، وأكثر ما يُفرحها هي قصص النجاحات النسوية، وتضيف "الإسلام يعطي للمرأة حقوقًا مهمة كحرية الخَيار والقرار في الزواج والطلاق، العمل، الاستقلالية، والعصامية وهذه هي النسوية الحقيقية بالنسبة لي".
نساء ضد العنف
لكونها نسوية التوجهات شاركت إيمان كعاملة اجتماعية في إقامة مؤسسة "نساء ضد العنف" في الناصرة، عملت على تأسيس وادارة مركز "للفتيات في ضائقة"، وفي اقامة وإدارة مراكز جماهيرية في المجتمع العربي. لم تدع العمل يوقفها عن التعلم فبادرت للانضمام لـ مسار تعليم جديد في معهد القيادة التربوية " مانديل " في مدينة القدس. وضمن مشروعها التعليمي على ايجاد حيز وامكانية للنساء الملتزمات في اخذ دورهن في القيادة السياسية المحلية والقطرية بادرت إيمان بالتوجه لقيادة الحركة الاسلامية الجنوبية من اجل اتاحة الامكانية للنساء للترشح والمنافسة من داخل الحركة على لأدوار السياسية .
بيت قيمي
وردا على سؤال توضح أنها انضمت للحركة الإسلامية لأنها تؤمن ان الحركة الاسلامية هي بمثابة بيت قيمي عقائدي مرجعي لما تؤمن به . في الانتخابات الداخلية الاخيرة تنافست إيمان ياسين خطيب على المكان الرابع في قائمة مرشحيها للكنيست وفازت بهذا المقعد بعدما نافسها عليه ثمانية رجال. وردا على سؤال حول عدم اكتمال مساواة جندرية داخل الحركة حتى الآن تتابع " التغيير بدأ داخل الحركة الإسلامية وهو يتحقق تدريجيا وهذه مسيرة رائدة وليست سهلة ونحن نقتدي بالتجربة الإسلامية التونسية. وردا على سؤال حول كونها محافظة وتدخل الحلبة السياسية وربما الكنيست قالت " افتخر بانتمائى الفلسطيني والديني وواجب علي انا وكل امرأة أن تمثل شعبها بكل فخر .الكنيست الاسرائيلي هو أداة من أدوات العمل وهو مقر التشريعات وعلينا أن نأخذ دورنا هناك لأجل حياة كريمة لأبنائنا وبناتنا. نعم نستطيع أن نكون هناك وان نقول لهم لن تستطيعون الغائنا ووجودنا هو الرواية الحقيقية لهذه الأرض واصحابها. إن وجودي كمرأة في الكنيست هو تجسيد لوجودنا القومي والديني ".
الاستثمار الحقيقي
موضحة إنها تعتبر الاستثمار في دعم مسيرة التربية والتعليم على اسس قيمية وتمكين المرأة عملا استراتيجيا وتحتاج لرعاية أكبر وتضيف قضية الارض والمسكن هي قضية حارقة وتحتاج حلول جذرية وسريعة واؤمن انه يجب العمل حسب اختصاصات، وان على كل واحد ان كل يعمل وينشط في مجاله.
وعلى المستوى الشخصي هل لديك صداقات مع من هم ليسوا من أصحاب التوجهات الإسلامية ؟ "طبعا فأنا احترم كل الناس باختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم. وهذا ما تؤكده الناشطة النسوية نبيلة اسبنيولي المنتمية للجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة موضحة أن ايمان ياسين خطيب انسانة معطاء دون شروط تحب الناس وتعطي لهم في اي موقع تتواجد ايمان صادقة ملتزمة بقضايا شعبها مثابرة لتحقيق ما تؤمن به دون كلل.
كما توضح اسبنيولي إنها رافقت ايمان عندما كانت مديرة المركز الجماهيري في يافة الناصرة والتقتها في منتدى حراكنا للتطوع والتكافل المجتمعي ومعرفتها بها تؤكد ان مساهمتها في القائمة المشتركة ستكون مميزة وستحضر قضايا الناس والنساء المهمشات وتضعها على الاجندة المجتمعية. وتتابع "بإمكاننا ان نمكن ايمان الوصول الى الكنيست اذا نزلنا وصوتنا بجد. ايمان امرأة جدية تستحق دعمنا".
عمق الانتماء
من جهته يقول الباحث في التربية المحامي علي حيدر ردا على سؤال "تعرفت على الاخت والناشطة إيمان ياسين خطيب من خلال زمالتنا في معهد مانديل للقيادة في القدس وقد شهدت عن قرب التزام ايمان بقضايا مجتمعنا وعمق انتماءها ومدى صدقها وإخلاصها. كما اوضح حيدر أن أيمان صاحبة رؤية ومعرفة واسعة وقدرات ادارية مثبتة، تربط ايمان بين المعرفة النظرية والقدرة على التطبيق. ويضيف " ما من شك بأن إيمان تدخل دما جديدا للعمل السياسي العربي. والاهم من كل ذلك الارادة الحديدية التي طورتها ايمان والتي تمكنها من التغلب على المعيقات والصعاب مهما عظمت".