الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 23:01

ما بين الغصة والغصة قتلى ودماء/ بقلم: حسين فاعور الساعدي

حسين فاعور الساعدي
نُشر: 30/10/19 10:25,  حُتلن: 14:12

ما بين الغصّةِ والغصّةِ قتلى ودماء
ونساءٌ تلجُ الجنس وتنجب أشلاء
ما بين الخطوة والخطوة ألَمٌ،
وجعٌ يكبُرُ وشقاء
نفطٌ، ومناطق خضراء
صحراءٌ مظلمةٌ
يتفشى فيها الموتُ كنفط يغشى الماء
تبحثُ عن ساقكَ،
عن يدكَ المقطوعةِ،
تتحسّسُ رأسكَ،
قامتك المسحوقة،
يا الله!
الموت احتلَّ جميع الأنحاء
الموتُ يخيمُ في الطرقاتِ
وفي الساحاتْ
باسمكَ يا الله
يقتحمُ الموتُ الشرفاتْ
باسمك يحتلُّ الموتُ رياضَ الأطفالِ،
منابرنا،
خطبَ الجمعةِ
باسمكَ نَرِدُ الموتَ جماعات
يا ابن الشرق الميت جوعاً وسط الخيرات
الموتُ نصيبُكَ وحدك
والأخوة، كل الأخوة،
من حولك أموات
مذهولين ويبتسمون
يتساوى الصادق والكذاب
يتساوى القاتل والمقتول
يتساوى الجاهل والعالمُ
هذا الشرق الممتد كخرم الإبرةِ
فوضى،
موبوء.
هذا الشرق الممتد كخرم الإبرةِ
يدفنهُ سفاحٌ محترفٌ في جيبه
أو تحت عباءتهِ النتنةِ، بالتنسيق وبالإشراف الكامل للأمم المتحدةِ والدول الديمقراطية!
هذا الشرق الممتد كخرم الإبرة بمنابع أنهار النفطِ وواحات النخل، حقول القمح، كروم اللوز، كروم الزيتون البيارات...
أصبح هذا الشرق مناطق خضراء تعشش فيها الحيتانُ
وكل الفئران
ما بين الغصةِ والغصةِ تختلطُ الأسماءُ
ويُسلخُ جلد الإنسان
تتعفن جثث الأحياء
تتبدل كل الأشياء
إلا أنت وجوعك والنفطُ المنهوب
النفطَ المنهوبُ يعودُ إليك
دباباتٍ متطورةً تسحق قدميك
تمشي فوق الأنقاض
تطحن هامات الأطفال
النفط يعودُ إليك
ألعاباً تتفجّرُ
ويعودُ النفطُ إليك
نفاثاتٍ تمطرُ فسفوراً
النفط يعلّم أنواع الجوعِ،
وأنواع العريِ،
وكل الأنواع المصقولة للذلِّ وللأوجاع
يا ابن الشرق الميت جوعاً
في العُرْف الغربي المتطوّر والمبنيّ على الأخلاق
إن لم تُدمنْ جوعك أنت مخرب
فثواب الجوع الجنةِ
إن لم تذبح جارك قبل أذان الفجرِ
وبعد صلاة العصر فأنت مخرّب
فالقتلُ جهاد
إن لم تستعمل في قتلِ أخيكَ جميعَ الأسلحةِ المتطورةِ المصنوعةِ في مدنِ الأضواءِ الغربيةِ... أنت مخرّب
يا ابن الشرق الميت جوعاً
الشِدّةُ تشتد
فتش جثتك العاريةَ المغمورةَ بالنفط
كي تُحصي أضلاعَكَ وتُجيدَ العد
فتش قامتك المحشوّةَ بالقحط
كي تُحصي أخطاءَكَ
كي تعرفَ من أحرقَ حقلَ القمح الممتد
من عطّلَ طوربينات السدِّ
وحوّل مجرى النهرِ
لتعطشَ أنت وأغنامك
يا شرقَ الخيرات الممتد كخرمِ الإبرةِ
لو نعرف فكَّ الحرفِ لصنّاك
لو تجمعنا لغةٌ واحدةٌ ما بعناك
لو نعرف كيف نحبْ
أقسمُ...
لو نعرف كيف نحبُّ
لعمرناكَ وطورناك وزينّاك
لكنَّ شيوخَ الفتنة يخشون الحبَّ
شيوخ الفتنة يخشون صفاء الفكرِ
يخافون نقاءَ الذهن
حين الثورة تتفجر بركان
لا تنظر في المرآة لتبصر وجهك
اكسر قامتك المحشوة ذلاً وهوان
واحذر عينيك
واحذر أذنيك
فخطيب المنبر شيطان
يا ابن الشرق المحروق بنار النفطِ
الجائع وسط حقولِ القمحِ
الغارق في الظلمة في ضوء الشمس
تبت يدك المغلولة بخيوط الوهم
ما بين اللحظة واللحظة يتفجر بركانٌ
ويزولُ الهم
هذا العالم شرهٌ، جشعٌ، لا يشبع
لا تخجلُ عيناهُ مهما أطعمتَ الفم
فاحمل سيفكَ واترك سيف السلطان
استرجع جلدكَ
فأوان الفجر القادم آن.
يا ابن الشرق الميت جوعاً
العالم يمضي من حولكَ،
يمضي دونكَ
فاحمل ساقيكَ،
تحرّكْ
غادر نعشكَ
إلحق لحظتكَ الضائعة المفقودةِ
إنهض من موتك وتحركْ
سر في الطرقات المحشوة بالعرباتِ
وسيقان الفتيات
حطم هذا السور فخلف السور حياة
أنواع الخبز كثيرةُ
لم تعرف نوعاً منها
يا ابن الحارات المملوءة جثثاً تتحرّكُ ونفاياتْ
يا ابن الطرقات المكتظة بالفوضى والنكبات
في هذي الظلمات الظلمات
ما لاحت شعلة ضوءٍ إلا اختُطفتْ
ما غنى عصفورٌ إلا مات
فانشُد مجدَ عرائكَ
واحذر حالكَ
احذر حالكْ
يا ابن الشرق الميت جوعاً
لن تخسرَ إلا جوعكَ
يا ابن العتمةِ والظلماتْ
اكسر تابوتك نعشكَ
والحق بالركب الزاحفِ...
أو واصل موتكَ
العالم يمضي من حولكَ
ما هو آتٍ آت
فالحقْ حالكَ...
قد لا تجدُ الخطوات!
  موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com


مقالات متعلقة