رافع يحيى في مقاله:
غذاء العقل، القراءة، التّفكير، والاستنتاج، للوصول للحكمة، لن تقطف ثمار الحكمة ولن تغوص في الجوهري، وأنت ترضخ للجهات الأربعة، بمفهومها الماديّ الوهمي، انطلق بفكرك واصنع من كلّ ما تصادف وتقرأ وتشاهد وتعيش جهة خامسة
إلى متى سنكرّر جملًا أو عبارات، لم تعد تعني شيئًا! الدّنيا تتغيّر، كلّ شيء يتغيّر...
فهل سألنا أنفسنا، أسئلة جديدة، قد تغيّر حياتنا؟
هل علاقتنا مع الحياة، تاريخيّة؟ جغرافيّة؟ عاطفيّة؟ جنسيّة؟ ايمانيّة؟ عبثيّة؟
على سبيل المثال، لا الحصر. هل هناك بحرٌ أو صحراء في رصيدنا الثّقافي؟ أم أنّهما جغرافيا مجرّدة، لا تتعدّى مفهوم الألوان على الخارطة؟
من المفترض، أن نسأل، لأنّ الحياة دون أسئلة، فراغ وسراب، لا معنى لها، وعبر الأسئلة ننقذ أنفسنا من موت عاجل، ولا نبالغ أن قلنا بأنّها قوارب نجاة، لا يمكننا أن نستغني عنها، وهي تضيء ليل غربتنا الطّويل.
ففي اللّحظة الّتي نقف فيها على عتبة السّؤال، نتنفّس الحياة ونقطف المعرفة الخفيّة من وراء الضّباب.
فهل ندرّب أنفسنا على أسئلة الحياة! أم أنّنا نكتفي بالحديث عن طعم الكستناء في فصل الشّتاء؟!
الشّتاء فصل الأسئلة والصّيف فصل الأجوبة. فلا يمكن اختزال الشّتاء بثمرة كستناء، كما لا يمكن اختصار الصّيف بزجاجة ماء!
لكلّ نبضة في هذه الحياة، جهة خامسة.
والجهات الأربعة، حيّز وهميّ، يخدعنا، فلا مكان حقيقي داخل الجهات الأربعة ولا زمن حقيقي هناك!
خلقنا لنعيش في الجهة الخامسة، خارج سجن الجهات الأربعة، تورطنا أو ورطنا أنفسنا، حينما طغى علينا المفهوم المادّي للفكرة، للشجرة، للنجمة، وللطببعة بكلّ مفرداتها، فغاب من عيوننا النّور الحقيقي، نور البصيرة، فبتنا لا نرى من الأشياء إلّا قشورها! فغاب الجوهر، وامتلَكَنا العابر، السّاذج، فكانت عباراتنا وقراراتنا وأفكارنا، رذاذًا عابرًا، لأنّها لا ترتاد الأعماق، ولا تسعى إليها!
كيف سنتناثر في هذا الكون، لنفقه جوهره، دون جهة خامسة، تنقذنا من الاجترار والتّكرار الّذي نقبع فيه في كلّ مجالات الحياة؟
الانسان الّذي أدمن الاستهلاك، يعيش زمنًا ومكانًا، لا قيمة له. لأنّ الزّمكانيّة، الّتي يتحرّك بين ابعادها، غير قادرة على الانتاج والابداع والابتكار.
رويدًا رويدًا... يُدمن سجنين، سجن الجسد، وسجن الجهات الأربعة، وبحق يمكننا أن نطلق على كلّ من يعيش هناك، رهين المحبسين( مع الاعتذار لأبي العلاء المعرّي).
وما أشقى حياة، من يعيش بين القشور، تقضم قوّته وفكره ونور عينيه السّماوي، مجموعة من التّفاصيل الصّغيرة، الّتي لا قيمة لها، ولو نظر إليها من الجهة الخامسة، لتجاهلها وغاص بالجوهر العميق.
وقد يسأل سائل، في هذه المرحلة من قراءة المقال، ومن أين الطّريق إلى الجهة الخامسة؟
الجواب بسيط جدًا، الطّربق إليها يمرّ من القلب والعقل معًا. عبر الاستشعار والتأمّل بالقلب، والاستنتاج بالعقل، وهل الطّائر إلّا بجناحية يطير؟
غذاء القلب، المحبّة والتّسامح والتأمّل والعبادة والارتقاء
غذاء العقل، القراءة، التّفكير، والاستنتاج، للوصول للحكمة، لن تقطف ثمار الحكمة ولن تغوص في الجوهري، وأنت ترضخ للجهات الأربعة، بمفهومها الماديّ الوهمي، انطلق بفكرك واصنع من كلّ ما تصادف وتقرأ وتشاهد وتعيش جهة خامسة. فما تعيشه بين الجهات الأربعة، وهم سقطت في فخّه بإرادتك وربّما دون أن تدري. انهض وابحث عن حرّيّتك ووجودك في الجهة الخامسة. هناك ستجد حقيقتك وسعادتك، لأنّ المفاتيح الّتي تبحث عنها، تنتظرك هناك. فلا تبحث عنها طوال حياتك في المكان الخطأ...!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com