وصل الى موقع كل العرب بيان صادر عن محكمة الاستئناف الشرعية وجاء فيه ما يلي:" فمع انتشار فيروس الكورونا وتفشيه الآخذ بالازدياد في شتى بقاع الارض، وفي هذه البلاد المباركة على وجه الخصوص، وحيث قد أُقِرَّت تدابير من قبل المؤسسات الرسمية صاحبة الخبرة، من أجل الحدّ من انتشار هذا الوباء وتقليص خطر الإصابة به، وحيث أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ على نطاق دولي لمواجهة تفشي فيروس الكورونا الذي أضحى يثير حالة رعب في العالم بأسره".
اضاف البيان:" ولما كان من ضمن التدابير التي يتوجب اتخاذها هو ما يسمى بالحجر الصحي، والذي يعتبر من أهم الوسائل المستخدمة في الحَدِّ من انتشار الأمراض الوبائية بشكل عام، فإننا نبيّن أن ديننا الحنيف ونبينا الكريم صلى الله عليه وسلم هو أول من أرسى مبادئ الحجر الصحي في مقاومة الأوبئة، حيث أوضح وبيّن للناس بأوضح بيان أنه يجب منع الناس من الدخول إلى البلدة المصابة بالطاعون في حينه، وكذلك منع أهل تلك البلدة المصابة الخروج منها. إن المبدأ الذي أرساه الإسلام هو أن جعل الذي يفرّ من البلدة المصابة إلى بلدة أخرى، كالذي يفرّ من الزحف الذي هو من كبائر الذنوب، كما وجعل للصابر المحتسب في البلد المصاب جعل له أجر شهيد إذا ما قضى عليه الوباء".
تابع البيان:" فعن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فأخبرني أنه: "عذاب يبعثه الله على من يشاء، وأن الله جعله رحمة للمؤمنين، ليس من أحدٍ يقعُ الطاعونُ فيمكث في بلده صابراً محتسباً، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد"، رواه البخاري. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الفارّ من الطاعون كالفار من الزحف، والصابر فيه كالصابر في الزحف " رواه أحمد.
وبذلك يكون الإسلام فعلاً هو أول من أسس مفهوم هذه الوسيلة الوقائية، التي لم تعرفها البشرية من قبل. إن نبي الاسلام صلى الله عليه وسلم جعل للاعتبارات الانسانية ومن أهمها الحفاظ على النفس من الهلاك ومنع الإضرار بها مكانة عالية تتراجع تعاليم الدين أمامها، فالذي يتضرر من استعمال الماء أو لا يستطيع الوصول إليه أجاز له التيمم، ومن كان في جسده علّة لا يستطيع معها القيام في صلاته مثلاً، فأجاز له أن يصليَ قاعداً مع أن القيام في الصلاة فريضة، فالحفاظ على النفس من الهلاك من الضرورات الخمس التي أوجبها الإسلام".
اكمل البيان:" ومن هذا المنطلق فإننا نناشد أهلنا في هذه البلاد، الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل برسالته وحكمته بهذا الصدد، حيث أن ديننا قد أوجب الأخذ بالأسباب مع ضرورة الاعتقاد بأن الله هو الشافي المعافي. وعليه، فإن الالتزام بالحجر الصحي يكون واجباً شرعاً على كل من عليه أن يكون في حجر صحي. لا بل وعلى المحجور عليه أن يُعلم من حوله بذلك، ليمتنع وليمنعهم من زيارته، وذلك تفادياً للاختلاط بالناس ونشر الوباء. وعليه، وباسم المحاكم الشرعية في هذه البلاد أناشد أئمة المساجد الأفاضل بأن يقصّروا في خطب الجمعة والجماعات فلا يطيلوا فيها حفاظا على سلامة المصلين، حيث أن عامل الوقت في المكوث في البيئة التي فيها المريض واقتراب الناس منه، هو أخطر عامل في مسألة العدوى، لا بل ونوصي بامتناع المصلين عن المصافحة والتقبيل قبل صلاة الجمعة والجماعة وبعدهما، وأن يكتفوا بالتحيّة دون المصافحة مع أن المصافحة بين المسلم وأخيه المسلم هي من سنن هذا الدين، إلا أنها تتراجع أمام هذا الخطر الداهم، خاصة وأن المصافحة تضاعف من إمكانية نقل الفيروسات والأمراض بلا شك، ولذا فالامتناع عنها يكون لازماً".
اردف البيان:" هذا ونهيب بتجنيب الأطفال الصغار والشيوخ الكبار من صلاة الجمعة والجماعات في المساجد لضعف المناعة لديهم، وفي ذلك إعذار يقرّه ديننا الحنيف حفاظا على حياتهم، وهذا يندرج على كل من يرى في نفسه ضعفاً أو مرضاً لا يتحمّل معه الإصابة بمثل هذا الوباء، ولا نرى عليه أي إثمٍ بالرغم من أن صلاة الجمعة والجماعات هي لازمة في الأصل. وكذلك نناشد الناس بإلغاء بيوت الأجر التي يتم فيها زيارة أهل الميت ومصافحتهم وتقبيلهم لمواساتهم بالفقدان، خاصة وأن هذه المجالس المخصصة للعزاء ليست واجبة، وكذلك نقول بخصوص حفلات الأعراس، إذ نناشد أصحاب الأعراس بتجنب الدعوات الجماعية للناس وأن يكتفوا بأعداد قليلة، مع تجنب التقبيل والمصافحة عند قبول التهاني. كل ذلك في سبيل إزالة الضرر الذي أوجب إزالته الإسلام، وفي سبيل حفظ النفس من الوباء ومن أجل الوقاية منه، إذ أن دفع المفاسد أولى من جلب المنافع".
اختتم البيان:"إن التعليمات والتوجيهات الصادرة من الجهات والمؤسسات الصحية الرسمية والتي هي صاحبة الاختصاص هي ملزمة تماما لنا جميعا وانصياعنا لها واجب واتباعها فريضة تماما كلزوم ووجوب اتباع تعليمات قوانين السير التي تنظم حياة الانسان وتجنبه أسباب الهلاك. وأخيراً فقد رأينا وجوبا علينا نحن في مؤسسة المحكمة الشرعية أن نقوم بدورنا بالتوعية الدينية والمجتمعية لأهلنا وشعبنا، سائلين المولى عز وجل أن يحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل داء ووباء وأن تنتهي هذه الفترة العصيبة من حياة الناس بسلام على البشرية جمعاء بلا ضرر ولا عناء مع خالص الدعاء لله رب الأرض والسماء أن يمنّ على المرضى والمصابين بالسلامة والشفاء، ورجاؤنا منه سبحانه وتعالى أن يتمم علينا وعلى الجميع بالصحة والعافية". الى هنا نص البيان.