“حب في أتون العاصفة”، رواية للكاتبة الفلسطينية حوا بطواش ابنة كفر كما، وصلتني عن طريق صديقي العزيز المحامي حسن عبادي، برفقة مجموعة أخرى من الروايات لكاتبات وكتاب من الداخل الفلسطيني المحتل، في مبادرة راقية منه للتجسير بين أدب السجون والأدب الفلسطيني على وجه العموم من خلال خلق حلقة تواصل بين “نصفي التفاحة”، الساجدة شجرتها في محراب الكرمل، وتفوح رائحة طيبها في صحراء النقب، الرائحة التي منحتني الإلهام، ودفعتني لإمتشاق قلمي مجدداً، والبدء في قراءة كل ما وصلني من كتب، والتعليق عليها بعين ناقدة، وكلي أمل أن يوفق محراثي بشق تلمه الأول في هذه الأرض صعبة المراس التي القتني بها حوا!
سأركز في هذه القراءة على موقف هنادي المبدأي من قضية قلبها النابض بالمحبة، لأنه يختزل خصوصية موضوع الرواية، ودلالاتها الرمزية، ومضمونها المعرفي، كما أنه يُسهل علينا مناقشة محتواها الاجتماعي والسيسيولوجي، ويُقربنا إلى حد ما من وضع إجابات على تساؤلات لا زالت ترهق وعينا الفردي والجماعي.
تقف حوا بطواش في روايتها عند تخوم العلاقة التي ما زالت ملتبسة في مجتمعنا بين الحب والزواج، حيث الثقافة السائدة تدعي أن الحب يأتي بعد الزواج، لأن الزواج سترة للمرأة وحصانة للرجل، مما يمنح الرجل اليد العليا في كل شيء، وتستبعد هذه الثقافة من حساباتها كل الأزمات الاجتماعية والعاطفية والاخلاقية الناجمة عن غياب المساواة بين الجنسين. وفي هذا الجرح الغائر في ثقافتنا تغرس حوا قلمها كمبضع جراح، وتحركه في كل الاتجاهات دونما تخدير، لعل صراخ وجع صاحبه يقرع ناقوس الوعي في مجتمع تصم آذانه العادات والتقاليد البالية، التي تتغلب على تلك الجيدة!!
في المجتمع الأبوي الذي نعيش فيه، تسعى هنادي لإستبدال الرابطة الأولية برابطة الحب العميقة، القضية التي تثير تساؤلات ثقافية واجتماعية تتناقض فيها المشاعر الفردية، وتتباين الدوافع السببية المكونة لمواقف مختلفة من ذات القضية، وسامح الله حوا أن ألقت بكل هذا العبء على كاهل هنادي؟!
إن جدلية الثأر والصلح جدلية عربية متأصلة في الثقافة والعقلية العربيتين، والانحياز للثأر بعيداً عن الحسابات العقلانية والقانونية هو الذي يؤكد فحولة القبيلة، ويعزز رجولتها ويحمي مكانتها الاجتماعية بين بقية القبائل، وما ينطبق على القبيلة ينطبق على العائلة النووية التي تمثل اللبنة الأساسية في جدار القبيلة.