الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 00:02

كورونا

الاقتصاد الإسرائيلي ما بين الكساد والإنهيار/ بقلم: د. أنس سليمان أحمد

د. أنس سليمان
نُشر: 25/03/20 13:53,  حُتلن: 22:44

د. أنس سليمان أحمد:

البطالة في إسرائيل في زيادة مستمرة، وسيصل عدد أصحاب الإعانات من التأمين الوطني خلال شهر مارس فقط إلى ما يقارب 750 ألف عامل وموظف 

نحن نعيش في هذه الفترة ما بين كساد وغلاء بنفس الوقت، وهذا أمر ليس من ديناميكية وقواعد النظام الاقتصادي وهو قلّ ما قد يحل

بالنظر إلى واقع انتشار فيروس كورونا في إسرائيل نجد أنها تحتل مكانة متقدمة في مدى انتشار هذا المرض بين السكان فقد وصل حتى يوم الأربعاء إلى 2170 حالة مرضية، وموت حتى الآن خمسة من المرضى، والواقع سيشهد معدلات أكثر في نسبة المصابين في فيروس كورونا، والانتشار جداً كثيف ،والمعادلة في انتشاره هي معادلة أسية، وهذا ينقلنا إلى الخسائر التي لحقت أسواق البورصة في تل أبيب كبيرة إذ وصل انخفاضه الى ما يقارب 8% في الأسبوع الماضي، وقد تلقت صناديق التقاعد، وشركات التأمين واسهم البنوك ضربة قاسية جدا ، علما أنه طرأ ارتفاع في السوق المالي قبل يومين ، لكن هو ارتفاع مؤقت ليعاود بالهبوط مرة أخرى .

أما بالنسبة للسياحة في إسرائيل فقد باتت في خبر كان ، حيث ترك هذا القطاع في اسرائيل وراءه آلاف الوظائف والعاطلين عن العمل، فهناك عشرات الفنادق التي أغلقت أبوابها أمام الزوار ، فقد سرّحت شركة الطيران في إسرائيل ELAL أكثر من 85% من موظفيها، في إجازة من غير راتب، وهم يعدون بالآلاف .
وهذا الأمر ينقلنا إلى إحصائيات واضحة في انخفاض السياحة في إسرائيل، في 2019/03/17، غادرت 241 رحلة جوية من مطار بن غوريون وهبطت 216 أجواء تل أبيب، بينما في كامل شهر (3) 2020م ، كان هناك 99 عملية هبوط و 82 عملية هبوط.

والأمر لا يتوقف عند السياحة بل وصل الأمر إلى كل تجار التجزئة، وبالذات المجمعات التجارية المقفلة والمقاهي الفارغة، والمطاعم المغلفة ، فمثلا تجار الملابس والأزياء بالتجزئة يعانون من انخفاض كبير في النشاط ، وفقد حذّرت هذه الشركات قبل شهر ونيف من تباطؤ أعمالها بعد إغلاق المصانع في الصين، والآن بسبب الإغلاق الحالي، بدأت بإرسال موظفين إلى المنازل بإجازة غير مدفوعة، حيث أعلنت مجموعة "FOX " للأزياء، عن تسريح 8500 موظف في 700 متجر ، وأبقت على 100 موظف للقيام في عمليات البيع والشراء عبر الإنترنت – وكذلك مجموعة "American Eagle " سرّحت مئات العمال والموظفين، كذلك أعلنت مجموعة "ZARA" لبيع الألبسة العالميّة عن تقليص ساعات العمل في المحلات المفتوحة وتسريح المئات من العمال، أمّا شبكة "Castro" الإسرائيلية للملابس، فقد فصلت حوالي 5400 موظف، وستواصل المبيعات فقط من خلال موقعها على الإنترنت. كل ذلك بسبب إنخفاض الطلب .
أما قطاع المطاعم والمقاهي في اسرائيل فقد سجل انخفاضًا كبيرًا في عدد الزوار بسبب الأمر في إغلاقها وبالطبع هذا الأمر سيؤدي حتماً إلى إعلان إفلاس بعض هذه المطاعم، إذ يوجد في اسرائيل ما يقارب 13 الف مقهى ومطعم ، يشغل ما يقارب 200 الف عامل ، وقد سرّحت هذه المطاعم والمقاهي عشرات آلاف العمال ، وبقي الأمر على التوصيل للبيوت. على سبيل المثال فقد أغلقت شبكة "McDonalds" أكثر من 195 فرعا لها في جميع أنحاء إسرائيل وسرّحت 4000 موظف في إجازة غير مدفوعة.  علماً أن بعض شركات تأجير المجمعات والعقارات على تخفيف الأجرة عن هذه الحوانيت .

البطالة في إسرائيل في زيادة مستمرة، وسيصل عدد أصحاب الإعانات من التأمين الوطني خلال شهر مارس فقط إلى ما يقارب 750 ألف عامل وموظف ، ومن المتوقع وفق تقديرات التأمين الوطني سيصل العدد إلى مليون عاطل عن العمل حتى نهاية عيد الفصح (حتى بدايات شهر 4 )، هذا يعني أننا امام كارثة اقتصادية حقيقية والأزمة الاقتصاديّة ستتفاقم ، الخسائر للاقتصاد الإسرائيليّ ستصِل وفق تقديرات وزارة المالية الاسرائيلية إلى 26 مليار دولار، علاوة على أن النمو الاقتصادي في إسرائيل هذا العام سينخفض بنحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي وفق تقديرات الخبراء ، بل إن الخسارة اليومية في السوق الإسرائيلي تساوي 2 مليار دولار ما يقارب 6.5 مليون شيكل .

ولذلك فإنه ينتظر سكان دولة إسرائيل ما بعد إنتهاء أزمة تفشي الفيروس، أزمة كبيرة يصحبها حملة لرفع الضرائب على السلع والتجارة والشركات والأرباح بمعنى ان المواطن سيتضرر بالطبع من وراء هذه الحملة ، كل ذلك للعمل على عدم توسع العجز، حيث أن العجز وصل إلى ما قبل فيروس الكورونا في حدود 56 مليار شيكل، واليوم وصل عجز الدولة من الميزانية العامة 34%. 

نحن نعيش في هذه الفترة ما بين كساد وغلاء بنفس الوقت، وهذا أمر ليس من ديناميكية وقواعد النظام الاقتصادي وهو قلّ ما قد يحل ، لكن هذا الأمر بالطبع بدأت نتاجه تظهر في الأسواق التجارية في إسرائيل، في الوقت يبدأ وتبدأ فيه الحكومات بضخ أموال للتداول بسرعة كبيرة، وبمبالغ هائلة، لكن في إسرائيل ما زالت الحكومة غير قادرة على اتخاذ قرارات بضخ الأموال في السوق، مما يعني تحريك السوق في إسرائيل .

فإذا سرنا في هذا المسار فإن العالم أجمع سيكون في مرحلة إنهيار النظام المالي العالمي ، بفقدان الثقة حينما يتوقف الشخص عن الثقة في شريكه التجاري، ما إذا كان سينهار غدا أم لا؟ أم أننا أمام سيناريو لإنهيار النظام العالمي الاقتصادي ، الأمر الذي يعجل في بناء منظومة نظام اقتصادي عالمي جديد ، علّه يكون بين فريقين أو ثلاثة أو حتى أربعة ، أمريكا من جهة والصين من جهة أخرى ، أو أمريكا من جهة وأوروبا من جهة أخرى ، والصين من الجهة الثالثة،  بحيث لا يتحكم في العالم رأس واحد، كما هي أمريكا اليوم، بل يتحكم به رأسان أو ثلاثة ...
مع ذلك لا يوجد للآن تنبؤ واضح يعكس متى تنتهي هذه الأزمة التي تفتك بالإنسان والاقتصاد.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   


 

مقالات متعلقة