الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 22 / نوفمبر 15:01

أزمة الكورونا، وكورونا التمييز/ بقلم: النائب د. يوسف جبارين

د. يوسف جبارين
نُشر: 05/05/20 17:14,  حُتلن: 21:44

اعلنت اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية عن اضراب بالسلطات المحلية بدءًا من اليوم، احتجاجًا على تنكّر وزارتي المالية والداخلية لاحتياجات للبلدات العربية في ظل ازمة الكورونا، وعلى التمييز والتهميش المتواصلين ضد بلداتنا. وقد برز امس في التظاهرة امام وزارة المالية الحضور الواسع لرؤساء السلطات المحلية العربية، من الجليل والمثلث والنقب، مما يعكس اصرار الرؤساء على تحصيل حقوق بلداتنا العربية وعلى رفض الضائقة الخانقة للسلطات المحلية. تظاهرنا في مشهد وحدوي أمام المكاتب الحكومية لإطلاق صرخة المجتمع العربي ضد سياسات التمييز والإقصاء والتهميش.

لقد دخلت السلطات المحلية العربية هذه الازمة من البداية بوضعية اقتصادية صعبة بسبب التمييز التاريخي ضدها بتخصيص الميزانيات الحكومية، وخاصة من خلال مصادرة أراضيها وخيراتها وحرمانها من التخطيط العادل، الى جانب التمييز بمعادلات هبات الموازنة وحرمانها من مناطق صناعية تضمن دخلًا ذاتيًا من الضرائب المحلية. وبحسب المعطيات الرسمية، فان بلداتنا العربية تقع في اسفل التدريج الاجتماعي-اقتصادي مقارنة بباقي البلدات، وتعاني من مستويات عالية للفقر ومن احتياجات اجتماعية كبيرة.

الارقام واضحة، وتكشف الصورة. بينما تشكل مدخولات السلطات المحلية اليهودية من المحلات التجارية والمناطق الصناعية 70‎%‎، فهذه المدخولات تشكل 20‎%‎ فقط في السلطات المحلية العربية. أما من مجمل المناطق الصناعية في البلاد، فان 2‎%‎ منها فقط تقع ضمن نفوذ البلدات العربية، مما يعكس حالة التمييز الصارخة في احد أهم المركبات في تطوير عمل السلطات المحلية وزيادة مدخولاتها. اما فيما يتعلق بالارنونا من مباني المؤسسات الحكومية فان اقل من 1‎%‎ من مدفوعات هذه الضريبة الحكومية هي للسلطات المحلية العربية.

إلى جانب متابعة القضايا الصحية خلال الأزمة الحالية والعمل على منع انتشار وتفاقم مرض الكورونا، تتحمل السلطات المحلية العربية بهذه الايام اعباء تزويد الخدمات الاجتماعية والنفسية والتربوية ودعم العائلات المحتاجة، بالإضافة الى جمع النفايات وتقديم الخدمات لجمهور المواطنين. وبينما تحتاج سلطاتنا المحلية إلى ميزانيات إضافية للقيام بكل الأعباء الملقاة على عاتقها، تشهد هذه الفترة الحرجة تراجعًا كبيرًا بنسبة جباية الارنونا لاسباب مفهومة في ظل الأزمة، حيث يُقدّر حجم مدخولات الارنونا التي تخسرها السلطات المحلية العربية بسبب الازمة الاقتصادية حوالي 70 مليون بالشهر.

وبدلًا من أن تسعى الحكومة ووزارة الداخلية لتعويض السلطات المحلية العربية عن الخسائر الكبيرة الّتي طالتها جرّاء الأزمة، فهي عمقّت التمييز من خلال تخصيص ميزانيات ضئيلة وهامشية من مجمل الميزانيات الّتي خصصتها للسلطات المحلية في البلاد والّتي وصلت الى حدود ثلاثة ملياردات، فحسب المعطيات الّتي طلبتُها من مركز الأبحاث للكنيست يظهر بوضوح أن السلطات المحلية العربية حصلت على 57 مليون فقط من مجمل هذه الميزانيات والموارد، وهو ما نسبته 2.3% فقط من مجمل ميزانيات المساعدة الّتي تم تحويلها لكافة السلطات المحلية في البلاد. هذا المبلغ، الّذي يحصل عليه مليون وربع مواطن عربي، يعادل ما تحصل عليه مدينة إيلات لوحدها، والّتي يعيش فيها حوالي الخمسين الف مواطن فقط! هكذا تقود كورونا التمييز الى استحالة مواجهة أزمة الكورونا وتهدد بانهيار السلطات المحلية العربية.

نقف كتفًا الى كتف الى جانب السلطات المحلية العربية في نضالها ونضالنا جميعًا، وهو نضالٌ بإسم كل اهالينا ومجتمعنا. مطالبنا عادلة: على الحكومة تخصيص الموارد الفورية لتعويض السلطات المحلية عن الخسائر الّتي طالتها في الفترة الأخيرة وتمكينها من الاستمرار بالقيام بمهامها الحيوية. لكن على الحكومة أيضًا تغيير سياساتها التمييزية واتباع سياسات التفضيل المصحح في توزيعة كافة الميزانيات والموارد وفي مناطق النفوذ والتخطيط والمناطق الصناعية. على الحكومة تعديل معادلة هبات الموازنة الممنوحة للسلطات المحلية العربية من أجل انصافها والغاء الغبن التاريخي ضدها مقارنة بالسلطات المحلية اليهودية، وتخصيص المناطق الصناعية المطلوبة في البلدات العربية من أجل ضمان تطورها واعتمادها المدخولات الذاتية.

لن نرضى واقع التمييز والإقصاء، وسنواصل العمل والنضال بشكل جماعي كأقلية قومية موحدة، من خلال لجنة المتابعة العليا واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية والقائمة المشتركة، من أجل إنهاء التمييز والمظالم التاريخية بحق سلطاتنا المحلية العربية، ومن أجل مستقبل اجيالنا القادمة. لا يضيع حق وراءه مطالب.

مقالات متعلقة