صرخة طير من الجنة: "بابا تنسنيش بالسيارة " ....! ولكن " بابا وماما وولي الأمر والوصي مطنشون " ! حتى متى !
كُثْرٌ هم الأطفال الأبرياء الذين لقوا حتفهم في السيارات الملتهبة هذا العام وفي كل عام، رغم حملات التوعية والتذكير والإرشاد في مجتمعنا العربي وغير العربي. وقد كان آخرها الطفل المرحوم محمد خليل من الفريديس أمس، والذي وُجد في سيارة متروكة وقد فقد وعية بسبب درجة الحرارة المرتفعة ومن ثم أعلن عن وفاته.
هذه الحالة المأساوية من الوفيات تندرج في إطار الحالات الكارثية الكثيرة على مدار العام وفق المناسبات والفصول وأحيانا بدون مناسبات وبدون صلة لفصول السنة ؛ حدث ولا حرج عن الآفات التالية العامة في المجتمع والخاصة لدى العرب : القتل ! الغرق ! الحرق ! حوادث الطرق عموما ! حوادث العمل ! الحوادث المنزلية ! حالات الدهس في ساحات البيوت والتي يذهب ضحيتها الأطفال ومن أقرب المقربين ! نسيان الأطفال في السيارات ، أو إهمالهم ليجدوا حتفهم في سيارات متروكة أو آبار مهجورة أو حفر مغمورة ! إطلاق الرصاص في الأعراس ! استخدام المفرقعات في الأعياد والمناسبات وما يترتب على ذلك من إصابات مزمنة وعاهات مستديمة ! .
كل ما ذكرت وغيره كثير ، هو نتاج تقصير إنساني ، ونهج غير سليم ، وفوضى مجتمعية ، وذهنية غبية ، لا تتعلم من أخطائها ولا تستفيد من ويلاتها ، ولا تعتبر من ماضيها ، ولا تعمل على تحسين حاضرها ، ولا تستشرف مستقبلها كما ينبغي .إن التقصير البشري، والإهمال الإنساني ، بقصد أو بغير قصد ، يجب أن يتوقف فورا ...
طريقة تفكيرنا ، أسلوب حياتنا ، تعاطينا مع واقعنا ، كل ذلك يجب أن يتغير للأفضل والإيجاب والأحسن ، لأننا إن لم نفعل ذلك ، سنتحسر على أطفال وشباب ونساء وأقارب وأعزاء وأصدقاء وبشر ...وسنعض على أصابع الندم ولات حين ندم ، لأننا كنا نستطيع أن نمنع كارثة هنا وكارثة هناك ، لو كنا أكثر وعيا وفهما وإدراكا وحسّا وذوقا وإنسانية .
الإنسان أغلى شيء في الوجود ، وحفظ النفس ضرورة شرعية اتفقت على ذلك شرائع السماء ، قال تعالى :" من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا .." .
دمتم بخير أيها الإنسانيون الأعزاء، إخوة وأخوات ، حيثما كنتم ، أنتم ومن تحبون ، أنتم ومن له صلة بكم ، أنتم وسائر البشر.
* الشيخ د.محمد سلامة حسن - رئيس دار الافتاء
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com