الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 31 / أكتوبر 23:02

أوراق التوت بدأت تتساقط عن عورات الأنظمة العربية

بقلم: أحمد حازم

احمد حازم
نُشر: 21/08/20 09:22,  حُتلن: 15:35

عندما أقدم الرئيس المصري الراحل أنور السادات على توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل في العام 1978وقام بزيارة إسرائيل ضارباً بعرض الحائط كل الثوابت العربية المتعلقة بإسرائيل، ثار الشعب العربي واعتبر الزيارة خيانة كبرى، الأمر الذي أدى فيما بعد لاغتياله في العام 1981. المفارقة أن الإمارات في تلك الفترة الزمنية قطعت علاقتها مع مصر احتجاجاً على خطوة السادات. وقتها تساءل السادات مستهزئاً عندما سمع بخبر قيام الإمارات بقطع علاقاتها مع مصر: " الإمارات... مين ده؟ هو كل واحد فتح كشك عالخليج صار دولة؟".

التاريح يعيد نفسه بعد إثنين وأربعين عاماً ولكن باتجاه آخر. اتجاه سلبي بكل معنى الكلمة من جانب الإمارات. تغيير جذري في الموقف من إسرائيل وحتى من مصر التي طبعت علاقاتها مع إسرائيل على حساب الشعب الفلسطيني. الإمارات اليوم هي ليست الإمارات في العام 1978. إمارات اليوم أزاحت ورقة التوت كلياً عن عورتها ورمت بنفسها مجاناً في الحضن الإسرائيلي. وإذا كان السادات قد أقدم على خطوته بحجة استعادة سيناء ، فما هي حجة الإمارات الدولة غير الحدودية مع إسرائيل، والتي تبعد آلاف الكيلومترات عنها ولا تشكل أي خطر سياسي أو أمني عليها. تتحدث الإمارات عن اتفاق سلام، وهل كانت الإمارات في حالة حرب مع إسرائيل؟

حجة الإمارات (ظاهرياً)، أنها أقدمت على هذه الخطوة مقابل إلغاء مشروع الضم لأجزاء من الضفة الغربية وغور الأردن.أي مهزلة هذه؟ وأي حجة واهية هذه؟ قادة إسرائيليون ومن بينهم نتنياهو قالوا صراحة أن مشروع الضم لم يتم إلغائه ولا يزال قائما وهذا يعني أن نتنياهو سينفذ هذا المشروع لاحقاً. فماذا سيقول حكام الإمارات وقتها؟ طبعاً لا شيء. لأن هدف التطبيع مع إسرائيل ليس لخدمة القضية الفلسطينية بل لضربها والتنكر لها. ولو أن الإمارات لديها حسن نية لكانت قامت بالحديث مع الفلسطينيين أولاً ما دام أمر تبادل العلاقات مع إسرائيل يعود لمشروع الضم حسب ادعاء الإمارات.
وزير الاستخبارات الإسرائيلي، إيلي كوهين،كان واضحاً كل الوضوح في تصريح له لقناة I24 الإسرائيلية، حيث قال أن " علاقات إسرائيل مع العالم العربي لا تعتمد على السلام مع الفلسطينيين، وأن آفاق الحل السلمي مع الفلسطينيين بعيدة الآن أكثر من أي وقت مضى". وذهب كوهين في تصريحاته إلى أبعد من ذلك في توضيحه بقوله:" أن إسرائيل تنوي المضي قدما في خطتها لتطبيق سيادتها على أجزاء من الضفة الغربية في الفترة الزمنية قبل الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، لأنه بعد ذلك لا يمكن التأكد من دعم واشنطن للخطة".

الأمر المضحك، أن الإمارات أعلنت أنها لن تقوم بفتح سفارة لها في القدس. "يا سلام يا إمارات شو ملتزمة ووفية... يا سلام شو هالشهامة  "على من تضحكون يا حكام الإمارات؟ تطبيع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل وإقامة سفارتين في البلدين هو اعتراف واضح بالقدس عاصمة لإسرائيل، لأن الإتفاقية لم تستثن القدس. الإمارات وافقت على صغقة القرن بكل محتواها فما الذي يمنعها من الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

العلاقات بين إسرائيل والإمارات، وحسب مصادر من البلدين، سيتم تطويرها في مجالات التعاون الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي والطبي والثقافي في المرحلة الأولى. فإذا كانت الإتفاقية بالفعل كذلك، فلماذا كان أول الزائرين للإمارات بعد توقيع الإتفاق هو رئيس جهاز الإستخبارات الإسرائيلي الخارجي (لموساد) يوسي كوهين للقاء ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان. ؟ سؤال بحاجة إلى جواب. وإذا كانت الإمارات الدولة الخليجية الأولى التي أسقطت ورقة التوت عن عورتها بصورة رسمية،

فإنه بلا شك ستلحق بها دول خليجية أخرى لا تزال تحتفظ بورقة التوت بالإسم فقط، وهي دول لها اتصالات مع إسرائيل بصورة غير رسمية وتنتظر دورها في كشف النقاب عن حقيقة موقفها إسرائيلياً. وما دام الشيء بالشيء يذكر، فلا بد من الإشارة إلى تصريح وزير الاستخبارات الإسرائيلي ايلى كوهين، الذي قال لإذاعة الجيش الإسرائيلي يوم السادس عشر من الشهر الحالي أنه يتوقع أن تحذو البحرين وسلطنة عمان حذو الإمارات في إقامة علاقات تطبيع رسمية مع إسرائيل في أعقاب الاتفاقية مع الإمارات وستأتي اتفاقيات أخرى في العام المقبل مع المزيد من دول الخليج والدول الإسلامية في أفريقيا وعلى رأسها السودان "مصادر سياسية إسرائيلية ذكرت "أن الاتصالات بين إسرائيل والسودان مستمرة كما أن بعثات من كلا الطرفين تواصل الاستعدادات على قدم وساق للتوصل الى هذا الاتفاق.

"ورغم الخلاف القائم منذ سنوات طويلة بين حركة "فتح" من جهة وحماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية ــ القيادة العامة والصاعقة من جهة أخرى، إلا أن هذه الفصائل تناست الخلافات فيما بينها وشارك ممثلون عنها في الإجتماع الذي ترأسه الرئيس الفلسطيني محمود عباس مساء الثلاثاء الماضي بحضور أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والأمناء العامين للفصائل، وأعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح، وممثلين عن حركتي حماس والجهاد الإسلامي، و الجبهة الشعبية القيادة العامة، والصاعقة، وممثلين عن الشخصيات الوطنية المستقلة، وعدد من مستشاري الرئيس الفلسطيني، والوزراء، وقادة الأجهزة الأمنية، واتخذ الجميع موقفاً موحداً ضد الاتفاق الثلاثي الإماراتي- الإسرائيلي- الأميركي. "ويبدو بشكل واضح أن أوراق التوت بدأت بالتساقط عن عورات الأنظمة العربية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com

مقالات متعلقة