الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 18:01

أضواء وظلال على الكاتبة المقدسية صابرين فرعون وروايتها

بقلم : شاكر فريد حسن

شاكر فريد حسن
نُشر: 21/08/20 10:48,  حُتلن: 15:34

كان قد صدر للروائية الفلسطينية المقدسية صابرين فرعون في العام 2017 ، عن دار " فضاءات " للنشر والتوزيع ، رواية " أثلام ملغومة بالورد " ، تقع في 112 صفحة من الحجم المتوسط ، وتتناول التحولات في البنية السوسيولوجية للمجتمع الفلسطيني ، ولقيت ترحيبًا وصدىبين الأوساط الثقافية والادبية في الداخل والخارج بسبب مضامينها وطروحاتها الجريئة الشجاعة ومواقفها الفكرية من ظواهر سلبية مقيتةوبغيضة تسود مجتمعنا الفلسطيني .


الكاتبة صابرين فرعون

صابرين فرعون كاتبة من مواليد القدس ، عاشت وترعرعت بين أحيائها وأزقتها واسوارها ، تحمل شهادة البكالوريوس في الأدب الانجليزي . اقتحمت عالم الكتابة والإبداع في سن مبكرة ، وأخذت تكتب النصوص النثرية التي لفتت الانظار ، وحققت حضورًا في المشهد الادبيوالثقافي الفلسطيني تحت حراب الاحتلال .

صدر لها عدد من الأعمال الإبداعية ، النثرية والروائية ، وهي : " ظلال قلب ، نصوص نثرية ، ومرايا المطر ، نصوص نثرية ، قلقة في حقائبالسفر، رواية قصيرة ، جريمة نصف زرقاء ، مجموعة قصصية ، وأثلام ملغومة بالورد " رواية .

تشكل الكتابة بالنسبة لصابرين فرعون حقيقة الذات ، وانعكاسات لحكايات وتجارب الأخريات من بنات جنسها ، وهي تجمع بين تجربتهاالخاصة وتجربة الأخريات ، وتنطق بألسنتهن وأصواتهن . ونصوصها تنتمي لأدب الحقيقة ، تحاكي الواقع بسلبياته وايجابياته ، بنسيجمتقن من الخيال المقترن والمتجانس مع حقيقة الواقع ، وتبرع في اختزال سرد الأحداث وإطالة الجمل ، ونستشف في سردها ايحاءاتودلالات عميقة .

وفي مجمل أعمالها تعتمد السرد القصصي ، وتحفل كتاباتها بالصور واللغة الشعرية المكثفة المهيمنة ، وتمتاز بالغموض والرمزية العالية ،وتتمتع بأسلوب سردي قصصي شعري خاص له رونق ونكهة مميزة . فهي تكتب رواياتها وقصصها ونصوصها النثرية بلغة الشعر .

كتبت صابرين فرعون روايتها " أثلام ملغومة بالورد " على فترات متباعدة ، ودمجت من خلالها السيرة الغيرية كمكملة للسيرة الذاتية ،ومنحت شخصيات الرواية صوتًا عاليًا بالثورة والتمرد على قضايا العنف والجريمة .

وفي هذه الرواية تطرح قضايا متعددة ومتنوعة تحوم حول المجتمع الفلسطيني ، الذي مزقه الاحتلال ، وشوه كل ما هو جميل فيه ، وحوّلالكثير من أبنائه إلى اناس انفعاليين ممزقين ، ومضطربين ، نفسيًا وأخلاقيًا . وتعرض في سردها للمعاناة المجتمعية والعائلية والانسانيةالتي تعيشها الفتاة الفلسطينية ، وتتطرق للقوانين التي تفرضها القبيلة وللتقاليد الاجتماعية القبلية الجاهلية ، التي ما تكون عادة ملفعةبعباءة الدين ، وأخرى بفعل الفكر الذكوري السائد ، والتسلط والتوحش غير الانساني اللامحدود ، المسيطر على المجتمع البطريركيالفلسطيني ، هذا التوحش التسلطي الذي تزرعه الأمهات في نفوس وصدور وعقول الأبناء الصبيان دون أي علاقة بالمستوى الاجتماعيوالمادي والتعليمي . كذلك تتعرض لجوانب النفاق والرياء ، والعنف المجتمعي بحق المرأة ، والتحايل على القانون بهدف تزويج البنت وهيقاصر في سن الثالثة عشرة . وقد عبرت عن ذلك بشكل واضح وجلي بقولها : " كم كرهت مجتمعي المنافق ، الذي يطبق عادات وتقاليد زائفةلا جذور لها ، في الديانات السماوية والقانون المدني ، ولا في تطور الحضارات الإنسانية " .

وتتخذ صابرين فرعون في روايتها موقفًا سلبيًا من الرجال ، ونلمس ذلك في قولها : " سيسيئ بعضكم فهمي حين أقول : لم يكن للرجل مكانفي حياتي ، عايشته وحشًا بشريًا يضرب ويهين ويضرب ويؤذي لفظيًا ويرمي بحمله على المرأة ، فألغيت فكرة أن أضع رأسي في فراش رجلأنفاسه بمواجهة أنفاسي ، يشاركني التفاصيل الحميمة ويفرض سطوته عليّ في ملبسي أو عملي ولا يتيح لي اختيار ما أريده يحددعلاقاتي بأهله وأهلي ويمنعني من القراءة والكتابة والاستقلالية بكينونتي " .

رواية " أثلام ملغومة بالورد " رواية واقعية جريئة ، محملة بهموم المجتمع ، تصب فيها غضبها وصرختها وسخريتها ورموزها ضد القاهروالمضطهِد ، تتصف كاتبتها بأسلوبها الخاص ولغتها الشعرية ، المعتمدة على الرمز ، لغة وايحاءً ، ويهيمن السارد على تفاصيل أحداثهاوشخصياتها . وهي قصة حقيقية وشخوصها حقيقيون ، ترسم ملامح نساء يشبهن الورد ، وتقدم الصورة النمطية للمرأة الفلسطينية والعربيةالمضطهدة من العادات والتقاليد الاجتماعية البالية ، وتصور السجن الاجتماعي الذي تقبع فيه ، وهو أشد ظلمًا وقهرًا واضطهادًا من سجونالاحتلال .

وقد نجحت صابرين فرعون في سبر عمق مجتمعنا والتسلل إلى دواخله ، وتسليط الضوء على أوضاعه واحواله وما يعصف فيه من اختلالفي المفاهيم السلوكية ، ومن عنف وتسلط توحشي .

وإن دلت الرواية على شيء فتدل على ثقافة صابرين وفكرها التحرري ، وثورتها العقلية وتمردها على فكر التحجر والتخلف والجاهلية .

فألف تحية لكاتبتنا المقدسية صابرين فرعون التي أثبتت وجودها وحضورها في الفضاء الثقافي والابداعي الفلسطيني ، ونرجو لها المزيد منالعطاء الهادف الجميل والتألق والسطوع أكثر . 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com

مقالات متعلقة