الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 04 / ديسمبر 08:02

فاتنة بحوث تتحدث عن مقاومتها لسرطان الثدي وتوجّه رسالة للنساء: توجّهن لإجراء الفحص

كل العرب
نُشر: 07/10/20 17:40,  حُتلن: 22:31

فاتنة بحوث (54 عامًا) متزوجة وأم لأربعة أبناء وجدة بدوام كامل، تحكي عن كفاحها ضد سرطان الثدي

فاتنة تتحدث عن الأسباب التي تدعوها لأن تجد أهمية كبرى في تعرف المزيد من النساء من المجتمع العربي على هذا المرض وعلى أهمية تشخيصه مبكرًا

عندما يدور الحديث عن سرطان الثدي، فيقال إن التشخيص المبكر ينقذ الحياة، وهذه قصتي تمامًا. عندما اقترح عليّ طبيب العائلة الخاص بي لأول مرة الخضوع لفحص التصوير الشعاعي للثدي كنت أبلغ من العمر 49 عامًا وقررت أنه لا جدوى في الخضوع لمثل هذا الفحص قبل بلوغي 50 عامًا من العمر. وحينما بلغت هذا العمر وخضعت للفحص اكتشفوا نتيجة مشبوهة فيه. في المرة الأولى وجدوا كيسة، أما في المرة الثانية فكانت للمتابعة وفي المرة الثالثة، التي كنت أبلغ حينها 52 عامًا من العمر تم تشخيص إصابتي بسرطان الثدي.


فاتنة بحوث

وبعد اكتشاف الكيسة للمرة الأولى طلبت مني الطبيبة أن أخضع للمتابعة السنوية وفي السنة التالية مررت بإجراء لاستئصال الكيسة. وبعد سنة واحدة راجعت العيادة للمتابعة. أتذكر أنه في تلك المرة بدأت أولاً بالتصوير بالموجات فوق الصوتية. عادةً لا أستفسر من الفنيين عن الأشياء التي يشاهدونها من خلال الفحص وإنما أنتظر إجابة الطبيب. إلا أنني في تلك اللحظة بالذات، ولا أعرف بوضوح لماذا، قررت محاولة الاستفسار من الفنية حول ما كان كل شيء سليمًا فردت عليّ أن الجانب الأيمن، حيث كانت الكيسة موجودة قبل ذلك بسنتين، سليم. أما في الجانب الأيسر - فهناك شيء مشبوه هناك. وبعد التصوير الشعاعي للثدي قمت بالاستفسار مجددًا، ليخبروني هذه المرة أن كل شيء على ما يرام، لكن حينما وصلت إلى الطبيبة مع نتائج الفحوصات فحددت أنه يجب خضوعي لسحب خزعة.

وبعد سحب الخزعة بأسبوع واحد وصلت إلى العيادة برفقة ابني وزوجي. "الجانب الأيمن سليم" هي قالت مكررة كلام الفنية، "أما الجانب الأيسر فهناك كتلة سرطانية هناك". بعد لحظة سماعي هذا الخبر لم أسمع شيئًا قط. وكانت الأرض تهتز تحت أقدامي. وكنت أبكي لزوجي وابني. لكن الطبيبة سارعت إلى تهدئتي حينما قالت "لكن قصتك لها بُعد إيجابي أيضًا"، وشرحت أن الكتلة صغيرة الحجم، وأنه تم تشخيصها مبكرًا وأنني على الأرجح لن أحتاج تلقي العلاجات الكيميائية بل فقط العملية الجراحية. فكنت أرفع رأسي، ثم نظرت إلى ابني وزوجي وأدركت أنه يجب عليّ الشروع بالتحضير.
عائلتي الحبيبة قد دعمتني طوال المسار وتحلت بالتفاؤل دائمًا، فالتشخيص المبكر اعتبر عنصرًا بالغ الأهمية بالنسبة لمواجهتنا جميعًا. وقد استمدت قوتي من عائلتي. لم أرِد أنهم سيكونون حزناء فشكلاً كنت أحرص على المظهر الهادئ، وكنت أضحك وسعيت للتفكير الإيجابي. أما والدتي فكانت تواجه صعوبة أكبر، وكانت غاضبة بسبب الحالة التي وقعت فيها وكانت معنية بتحمل العبء على عاتقها، حيث كان أكثر شيء خشيت منه أن تفقدني وأن أموت قبلها.
وقد تجاوزت العملية الجراحية بنجاح، إذ قاموا باستئصال الكتلة وحقًا لم أحتج لتلقي العلاجات الكيميائية. وبعد العملية الجراحية خضعت لسلسلة من أربع جلسات علاجية بالأشعة، ورغم الصعوبة المرتبطة بهذه العملية إلا أنني كنت حريصة على أن أبدو أمام عائلتي وكأنني أشعر على ما يرام وأبقى قوية، حيث ما زلت أتعالج حتى هذا اليوم بدواء يهدف للحؤول دون معاودة المرض.
حتى لاقيت سرطان الثدي كنت أتواجد طوال النهار في المنزل مع الأبناء والأحفاد، ولم أقم ولا بشيء من أجل نفسي. وهذا المرض العويس وهذه المحنة الصعبة كانت عبارة عن نعمة مقنعة. فحاليًا أشارك في مجموعة دعم تضم نساء يتعافين من سرطان الثدي. يشارك في هذه المجموعة أكثر من 100 امرأة من كافة الفئات العمرية، تبلغ أصغرهن 28 عامًا من العمر وأكبرهن 78 عامًا من العمر، مما يدل على أن هذا المرض لا يمرق على أي عمر.
وقد التقيت بالعديد من النساء اللواتي واجهن المرض، حيث اضطر بعضهن لمواجهة المرض حينما كان الطب أقل تقدمًا، مما أعطاني أملاً كبيرًا بعدم معاودة هذا المرض وبإمكانية الشفاء منه.
كما أسسنا بناءً على مجموعة الدعم مجموعة تجديف، تسمى مجموعة "اللبؤات الورديات". في كل سبت نلتقي في طبريا لنركب قاربًا. التجديف هو عبارة عن تحدي رياضي لا يستهان به والذي لم أتخيل أبدًا أنني سأمارسه، لكن هذه الرياضة تملؤني وتزودني بالقوة، وقبل فترة وجيزة وصلت مع المجموعة إلى قبرص للمشاركة في مباراة.
وقد تعرفت على "أحات ميتيشع"، وهي جمعية تساعد النساء اللواتي يواجهن سرطان الثدي، وقد تعرفت من خلال إحدى عضوات المجموعة أنهم يبحثون عن متطوعات من المجتمع العربي. هي التي ربطني بالجمعية لكي أستطيع مساعدة نساء أخريات وأسرد قصتي الشخصية وأحث مزيدًا من النساء على الخضوع للفحص.
طوال مواجهتي للسرطان كان يهمني أن أشارك التجربة التي أمر بها مع الآخرين وقد سهل ذلك عليّ وخفف العبء عني. لدينا في المجتمع العربي لا يحب الناس السماع عن هذا المرض، فكان أهم شيء بالنسبة لهم أنني أتمتع بصحة جيدة حاليًا. وشكل توجه النساء حولي إلى الخضوع للفحص أمرًا في غاية الأهمية بالنسبة لي، علمًا بأن الفحص الذي خضعت له هو الذي أنقذني. الاكتشاف المبكر ينقد الحياة.
ومع أن الأوضاع الراهنة في المجتمع العربي أفضل مما كانت عليه قبل عشر سنوات، إلا أن العديد من النساء ما زلن يرفضن التوجه للفحص، وهو ما يتعين علينا تغييره. من المهم الخضوع لفحوصات شعاعية للثدي ليس في عمر خمسين وإنما في مرحلة أبكر، وإذا لم يتسنَ القيام بفحص شعاعي للثدي فعلى الأقل الخضوع لفحص دوري لدى طبيب متخصص في جراحة الثدي، ليتم الحديث عن ذلك على الأقل ولزيادة الوعي بشأن هذه الموضوع.

* كتُبت هذه المقالة بقلم فاتنه بحوث، وهي متطوعة لدى جمعية "أحات ميتيشع" التي تساعد النساء اللواتي يعانين من سرطان الثدي. 

مقالات متعلقة

º - º
%
km/h
3.62
USD
3.80
EUR
4.59
GBP
350070.92
BTC
0.50
CNY