* عزّام والهندي يتنازعان على علاقات الحركة مع "حماس" وحزب الله وإيران، إضافة إلى ملف "انتشار التشيّع" في قطاع غزّة..
* الهندي فقد سيطرته على حركة الجهاد قبل عامين ويسعى للتقرب من حركة حماس..
* شلح خطا خطوات من أجل تثبيت قيادات في غزة موالية له، وهذه القيادة أثبتت فاعليتها..
روايتان متناقضتان وتفصيلات متضاربة من مصادر متعدّدة، تُجمع على وجود خلافات عميقة داخل حركة "الجهاد الإسلامي"، وخصوصاً في قطاع غزة، بين القياديين فيها: نافذ عزّام ومحمد الهندي. غير أن الخلافات، بحسب روايات أوساط الطرفين، لا تقف عند حدود القطاع، بل تتشعب إلى خارجه لتطال علاقة الأمين العام للحركة رمضان عبد الله شلّح ونائبه زياد نخالة في تفاصيلها.
والخلاف القائم يعطي صورة عن تيارين في "الجهاد"، على الأقل في الداخل، يترأس كلّ منهما عزّام والهندي، اللذين يتنازعان على علاقات الحركة مع "حماس" وحزب الله وإيران، إضافة إلى ملف "انتشار التشيّع" في قطاع غزّة، الذي يثير حفيظة بعض الأوساط في "الجهاد".
نافذ عزام
وأجمعت مصادر فلسطينية متعدّدة من داخل "الجهاد الإسلامي" وخارجه على وجود خلافات في الحركة، وخصوصاً بين القياديين نافذ عزام ومحمد الهندي في قطاع غزة. غير أن روايات الخلاف تختلف بين طرف وآخر، بحسب قربه من هذا القيادي أو ذاك، لتقدّم صورة مبهمة عن السبب الحقيقي للانقسام.
رواية الخلاف الأولى، حسبما تسردها أوساط نافذ عزّام، تسند إلى محاولة الأمين العام للحركة رمضان شلح: "صد التحالف بين حماس ومحمد الهندي، خشية أن يتحول هذا التحالف إلى تقوية للهندي وجعله يفكر في الانفصال عن الحركة وتشكيل حركة جديدة".
وبحسب مسؤولين رفيعي المستوى في حركة "الجهاد الإسلامي" في دمشق، فإن الهندي، الذي قالوا إنه: "فقد سيطرته على حركة الجهاد قبل عامين"، يسعى للتقرب من حركة "حماس"، وذلك «خلافاً للأوامر التنظيمية التي تريد علاقة متوازنة مع فتح وحماس".
وأوضح المسؤولون أنفسهم أن: "شلح خطا خطوات من أجل تثبيت قيادات في غزة موالية له، وهذه القيادة أثبتت فاعليتها بحيث أصبحت "الجهاد" تنظيمياً في غزة تعيش وضعاً مريحاً وتدافعاً للالتحاق بها لم تشهد له مثيلاً".
وبحسب المصادر ذاتها، فإن «الجهاد» استفادت في ذلك من أمرين، أولهما الغضب الذي كان يعتري نشطاء الحركة ومناصريها من سيطرة الهندي ونفوذه، والثاني الانقسام الذي أدى إلى لجوء عدد كبير من حركتي "حماس" و«فتح» إلى "الجهاد" والانضمام إلى صفوفها. وأشارت إلى أن: "عناصر الجهاد في عهد الهندي وسيطرته على قطاع غزة، مدعومة من نائب الأمين العام للحركة زياد نخالة، لم يكونوا يتعدّون العشرة آلاف، فيما الآن يعدّون خمسين ألفاً وهو تطور بالغ الأهمية بالنسبة إلى شلح".
وقالت المصادر، التي تعتبر مقرّبة من أوساط نافذ عزام، إن شلح يسعى إلى :"تقوية قيادات بارزة في غزة لصد الهجوم الذي يتعرض له من الهندي، والذي كان آخره سفر الهندي في جولة خليجية وعربية من دون تنسيق مع قيادة الحركة في دمشق ومن دون الرجوع إليها، وشبهات حول تلقّيه أموالاً خارج الخط الرسمي للتمويل".
وقالت المصادر إن "الجهاد": "تعيش وضعاً داخلياً صعباً في قطاع غزة والضفة الغربية؛ ففي غزة يحاول الهندي وقيادات أخرى مقربة منه التخريب على جهود شلح لإصلاح الحركة وترتيبها، وفي الضفة تعاني الحركة من إهمال كبير نتيجة اعتقال إسرائيل لقياداتها ونتيجة تنافس بعض الموجودين حالياً على تلقّى الأموال من الخارج لتشغيل عناصر الحركة".
وأشارت المصادر نفسها إلى أن: "خطورة ما يقوم به الهندي في غزة ترجع إلى تمكّنه من التأثير على بعض القيادات الميدانية في الذراع العسكرية للحركة (سرايا القدس)، وبعض المسؤولين الإعلاميين في الجهاد الذين يحاولون نفي أي شبهات حول صراع في الحرك". وأوضحت أن: "الهندي استفاد كثيراً من خلاف شلح ورئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، أخيراً حول مؤتمر القدس الدولي، وحاول زيادة التقرب من حماس ولم يستجب لدعوات نخالة إلى عدم استثمار الأمر لمصالحه".
في المقابل، تروّج رواية ثانية للخلاف، مصدرها أوساط محمد الهندي. وقدمت مصادر فلسطينية مطلعة في دمشق، تصوراً مخالفاً للتيارات المتصارعة والمتنافسة، مشيرة إلى أن :"شلح والهندي يمثلان تياراً واحداً قريباً من حماس وضد تيار آخر في الحركة يقوده النخالة ويمثله في الداخل نافذ عزام وخالد البطش وخضر حبيب".
وقالت المصادر إن: "تيار شلح والهندي ينظر بعين الخطورة لتنامي ظاهرة التشيع التي بدأت تظهر في أوساط عناصر الحركة من الموالين لنخالة، المدعوم من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله". وأضافت أن: "الحديث عن خلاف بين شلح ومشعل لا أساس له من الصحة"، مشيرةً إلى أن «نخالة وتياره أشاعوا هذا الأمر، بعدما اشتكى شلح لمشعل دخول الحرس الثوري الإيراني ساحة غزة لنشر التشيع من خلال دعم تيار نخالة ومن يمثله".
محمد الهندي
وقالت المصادر إن: "مشعل خاطب مسؤولين إيرانيين وحزب الله اللبناني وطلب منهم وقف محاولات غزو ساحة غزة السنية، وتلقى وعوداً جدية من المسؤولين في إيران، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله بالتوقف عن ذلك".
وأشارت المصادر إلى أن:"مشعل ساند شلح بالمال والمواقف لتقوية نفوذه داخل فلسطين، وخصوصاً في قطاع غزة، من خلال الهندي، الذي استطاع عبر علاقاته القوية مع حماس من استعادة السيطرة على الحركة، وخصوصاً سرايا القدس، باستثناء مجموعات متفرقة في شمال القطاع وجنوبه تدين بالولاء لنخالة وتتلقى أوامرها من عزام وقادة آخرين غير راضين عن الهندي".
ووفقاً لهذه المصادر فإن: "نخالة والموالين له في غزة يعملون على تخريب التهدئة، من خلال توظيف مجموعات من سرايا للقدس لإطلاق صواريخ على بلدات إسرائيلية بين الحين والآخر، وتبنّيها بأسماء وهمية آخرها حزب الله فلسطين".
وشبّهت المصادر الخلافات التنظيمية داخل "الجهاد" بأنها: "نار تحت الرماد"، مشيرة إلى أن احتمالات تطورها إلى حد المواجهة المسلحة "واردة بقوة"، استناداً إلى تنازع السلطات القيادية، والاحتكاكات المتكررة بين مجموعات سرايا القدس الموالية للتيارين.
ورغم الروايتين، فإن نافذ عزام نفى صحة هذه المعلومات، وشدد على أن الجهاد حركة متماسكة، وقرارها واحد، ولا تعاني من أي انشقاقات، ولا وجود لتيارات داخلية. وأشار إلى أن حركته تحرص على علاقة متوازنة مع حماس والفصائل الأخرى على الساحة الفلسطينية.