هادئ الطباع، يتكلم بلغة الخيل، يقول عنه معارفه إنّه "المدرسة" و"فارس مغوار". حين يمتطي صهوة الحصان، تكون بينهما علاقة فريدة من نوعها، منذ البداية. قال في وقت سابق، إنّه يعرف كيف يقسّم السباق. هذا الأسبوع، أعلن الفارس سالم جبر العقبي (46 عاما) أنه يعتزل رياضة الفروسية، وصدم العشرات من محبيه من عشاق الخيل والفروسية من الجولان و الجليل والمثلث والنقب، مرورا بالقدس والساحل والضفة الغربية وحتى قطاع غزة.
فكتب عنه مربي الخيل نمر أبو رقيق من تل السبع: "أكثر من ثلاثين عاما صديق عزيز، وعدا عن ذلك كنا معا في مسيرة سباقات الخيل.. أشهد لك بأنك مدرسة في الفروسية... وكنت من أروع الفرسان في أخلاقك واحترامك للجميع.. واعتزالك لعالم الفروسية يعني لي الكثير وأعرف جيدا بأنك لن تعتزل حب الخيل أبدا.. وستبقى في نظري الفارس الذي لا يشق له غبار وأنت أول من سطرت تاريخ الفروسية على مستوى البلاد".
وقال فيه "البديعة" شعرا، وكتبوا آخرين عنه سجعا، فمن رآه في الميدان شاهد كيف تكتب على الرمال قصة الحب الصافية وعميقة التفاصيل، بين الفارس "أبو آدم" وبين الفرس أو الحصان الذي يداعب بحوافره أرض الوطن من الجنوب إلى الشمال، وهو يقول إنه "تجمعني مع الخيل رابطة روحية لا يفهمها إلا من شغف بحب الخيل".
"صهيلها لحن خاص يلملم أشلاء النفس"
-هل تعرفنا عن نفسك؟
"أنا سالم جبر العقبي، من مواليد قرية حورة قضاء بئر السبع عام 1974... انتقلت مع أسرتي إلى مدينة اللد عام 1984، ومرت طفولتي بين الخيول التي كانت وقتئذ من ضمن الموروث البدوي تقريبا في كل أسرة".
-بدايتك مع عالم الفروسية؟
"بداياتي مع عالم الفروسية كانت في نهاية العام 1995 في مضمار منطقة كفار سابا كهاوٍ لركوب الخيل وأول مشاركة حقيقية كانت لي في أواخر عام 1996 على فرس من مدينة الرملة حيث حصلت على المركز الاول آنذاك".
"مر من السنوات 25 عاما عشناها بحلوها ومرّها، بشوقها وحماسها بالفوز والخسارة، مع وجوه ضاحكة مبتسمة سعيدة، وأحيانا عابسة، ولكنها دائما محاطة بالشغف وروح المنافسة والسعي نحو التميز".
-ما هي اللحظات الصعبة والجميلة التي عشتها؟
"اللحظات الصعبة هي لحظات الخسارة ولحظات تعرضت فيها للإصابة اضطررت معها لترك الميدان لفترات... اللحظات الجميلة هي لحظات الفوز والتميز والتقدم لاستلام درع البطولة وسماع الألقاب التي لقبني الناس بها مثل الأسطورة ونجم الميادين والفارس المغوار وغيرها. أما أصعب لحظة فهي قرار الاعتزال".
"أردت أن أختم مشواري الذهبي"
-عالم الفروسية بالنسبة لك؟
"استطيع أن أقول إنني والخيل تجمعنا رابطة روحية لا يفهمها إلا من شغف بالخيل وفطر قلبه على حبها وتعلق بها... الخيل في قلبي عالم قائم بذاته يقبع في زوايا روحي ثابت. الخيل هي الشموخ والإباء والعزة... صهيلها لحن خاص يلملم أشلاء النفس ويرمم أدواء الروح".
-لماذا قررت اعتزال رياضة الفروسية؟
"هنالك عدة أسباب مجتمعة سأذكر أبرزها، ألا وهو أن الله حباني بفضله العظيم فبدأت هذه المسيرة متجشما ما فيها من صعوبات وتحديات بلهفة وحماس ووفقني الله حتى اصبحت ممن يشار اليه بالبنان في فترة زمنية قصيرة واستمرت مسيرة الانتصارات، تخللها بعض الكبوات الا أنّ البطولات كانت سيدة الموقف. وبما أن لكل بداية نهاية وبما أن السنون تمر مسرعة كلمح البصر، أردت أن اختم مشواري الذهبي، كما لقبه الأخوة، في القمة. أردت أن اختمه بصفحات مشرفة فعقدت العزم منذ أشهر على ذلك فكان السباق الأخير وكانت ساعة الحسم، وأعلنت خبر اعتزالي بكل حب ووفاء وسعادة وشجن في آن معا".
-ما هي صفات الفارس الناجح؟
"الصبر والعزيمة والإرادة والحكمة والروح الرياضية المنافسة، والتدريب المتواصل، والوزن الخفيف وزمام ذلك كله وأهم شيء حب الخيل".
-أفضل سباق شاركت فيه ومع أي فرس ومن المالك؟
"حقيقة أنه تيسر لي خلال مسيرتي امتطاء خيرة الجياد وأفضل الخيل، وتعاملت مع الكثيرين من مالكي الخيل الكرام فلا أفضلية لأحد على أحد فالجميع من خيرة الناس.. أما عن افضل السباقات فقد كانت سباقات الديربي وسباقات البطولات".
-هل تعتقد هناك إمكانية لتنظيم عالم الفروسية في البلاد، ومن هي الدول في الشرق الأوسط التي يجب أن يُحتذى بها؟
"التنظيم القائم حاليا انما هو حصيلة مجهود أشخاص وأفراد بشكل ذاتي ممن هم من هواة هذه الرياضة ومحبيها وممارسيها في شمالي البلاد ومركزها وجنوبها... أما مستقبلا فالأمل موجود بأن يتطور هذا التنظيم ويرتقي لمراحل ريادية تبعا لتغير الظروف والانفتاح الجاري حاليا".
"أرى أن الدول التي يحتذى حذوها في هذا المجال في البلاد العربية هي دول الخليج عموما".
"هناك نخبة من الفرسان المتألقين"
-هل هناك "جوكي" من العرب تستطيع أن تشير إليه بالبنان؟
"هناك نخبة جيدة من الفرسان العرب المتألقين في البلاد، ولن أخصص أسماء بذاتها واتطلع بشوق إلى رؤية الجيل الجديد في الميدان متألقا متميزا في السنوات المقبلة إن شاء الله".
-رسالتك الى مالكي الخيول والفرسان..
"رسالتي إلى مالكي الخيول هي الاجتهاد وبذل أسباب رعاية الخيل من ناحية أرضيات ومضامير واسطبلات والسعي لتوفير أفضل سبل الرعاية والعناية الطبية والغذائية، أما رسالتي للفرسان فهي السعي للانضمام الى دورات فروسية خارج البلاد لاكتساب معارف وخبرات جديدة".
-كلمة أخيرة...
"في نهاية لقائنا أود استغلال الفرصة لأوجه كلمة من منبركم هذا – منبر "كل العرب" - متمنيا الخير والتوفيق والسداد لكل من ملاك الخيل والمدربين والفرسان قائلا: امضوا وحققوا الانتصارات وتألقوا... تميزوا وارسموا أجمل لوحات الملاحم في ميادين السباقات".
**استعمال المضامين يتمّ بموجب بند (27أ) لقانون الحقوق الأدبية للعام 2007