اعتقدتَ يا منصور ان سفينة المشتركة غارقة، فآثرت بدلًا من إصلاح العطب معنا أن تهرب وحيدًا بزورق من صنيع نتنياهو!
صدقني هذا الزورق مخرّم وغارق لا محالة!
- دعاء حوش طاطور
اعتقد النائب منصور عباس منذ اليوم الأول في الكنيست الاسرائيلي أن سفينة المشتركة معطوبة! وأنها غارقة لا محالة! ولا عجب في ذلك فهو محاط بمن يكثرون "الزنّ" حتى "أدوشوه" وغذّوا لديه شعور الثقة والأولوية التي لا تستند الى شيء من أرض الواقع !
عبّاس، لم يكن بحاجة لمن يحقنه بهذه الثقة غير المبررة فهو دون شك تمتّع بفائض منها منذ البداية.
الجديد أن هنالك من أقنعه أنه يستطيع أن يترجم هذا الشعور الى حركة وفعل، بشيء يشبه انتقال الطاقة من صورة لأخرى! لكن للأسف نسي الدكتور واحدة من أهم قوانين الفيزياء وأكثرها بساطة، فصحيح أن الطاقة لا تفنى ولا تزول لكنها أيضًا لا تولد من عدم، وما يتمسك به وينطلق منه عبّاس هو فعلًا عدم، عدم مهما بدا كبيرًا وضخمًا وتكاثرت حوله العناوين والمقابلات المتلفزة.
من السذاجة بمكان الاعتقاد أن هذه المرة مختلفة، أو أن النائب عبّاس يشقّ ضربًا جديدًا في السياسة، أو أن شيئًا تغير لدى نتنياهو أو أن الأخير بحاجة لمنصور عبّاس أكثر مما كان بحاجة لغانتس وغيره ممن أطاح بهم وأنهى بظرف ساعات قليلة حياتهم السياسية. فلم المراهنة على أن هذا التودد وهذا التنازل الفاضح عن الخطوط الحمراء التي وضعتها مركبات المشتركة معًا سيكون مقابله ما يبهر الأعين ويعود على أحد بفائدة ولو قليلة!؟
واذا قيل له لا تنسى التجربة التي مرّ بها غيرك وأننا موقنون أنك لن تجني من هذا شيئًا فيكون رهان مثبت بدليل أمام رهان لا يدعمه شيء.
هذا بأكثر صيغة عقلانية بساطة وبمنطق سليم وسهل.
قول حقّ يراد به باطل:
فلو كانت مصلحة المجتمع العربي هدفًا بحد ذاتها، لا وسيلة، لاهتم منصور بالدفاع عن المشتركة والمحافظة عليها أولًا، فهو يعلم علم اليقين أن تفكيكها والانشقاق عنها في هذه الظروف يخدم فقط أعداء هذا المجتمع وقامعيه، ويعني بالتأكيد تمثيلًا أقل لهم ويعني أكثر وأكثر احباطًا ويأسًا ولا مبالاة بالشأن العام.
شو جابت من دار أبوها يا منصور.
في كل محطة انتخابية تخرج علينا مجموعات مغمورة تأخذها الحماسة لخوض الانتخابات، وهي ليست وليدة أحزاب او حركات سياسية معروفة، بل مجموعات ناشئة تدّعي انها تجتمع على المصلحة العامة، وأنت تعلم وأنا وكثر غيرنا ان هذا غير صحيح، وان بعض هذه الأسماء لديها حلمًا شخصيًا شابًا لم يتحقق بتبوُّء منصب ما، ولا يعدو هذا الحلم كونه طموحًا شخصيًا تفرضه عليهم بيئتهم الضاغطة لاكتساب مكانة اجتماعية لا اكثر.
هل تستطيع أن تخمّن كيف يسَوِّقون أنفسهم كبديل للمشتركة؟ بالتأكيد تستطيع، فهم يستخدمون نفس ادعاءاتك الان!
فقل لي، أو قل للناس، ما الفرق الان بينك وبينهم؟
وأي افضلية لك عنهم بعد الان؟
الأحزاب والحراكات السياسية تشكلّت لتحمي الناس من تكتلاتها وعصبياتها سواء العائلية او الطائفية بأدوات ناظمة تخطو بهم نحو المستقبل، أما القيادة فخلقت لتحمي الناس من ضعفها، ومن اعتقادها ان التنازل يجلب الحقوق وان التنازل اكثر يجلب المزيد من الحقوق، لذا فإن هذا التوجه فعلًا لا يناسب من يعتقد أنه قائد، فالقيادة تقود قوة الناس لا تقود ضعفها وتستهلكه!
اعتقدتَ يا منصور ان سفينة المشتركة غارقة، فآثرت بدلًا من إصلاح العطب معنا أن تهرب وحيدًا بزورق من صنيع نتنياهو!
صدقني هذا الزورق مخرّم وغارق لا محالة!
نصيحتي أن تتأمل أبيات الشاعر الياس فرحات عندما قال:
إن ابن أدم لا يعطيك نعجته
إلا ليأخذ منك الثور والجملا
لو يعلم الكبش أن القائمين على
تسمينه يضمرون الشر ما أكلا
عُد الى موكبك..
* دعاء حوش طاطور - عضو المكتب السياسي للتجمّع الوطني الديمقراطي
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com