الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 08:02

قيادي في "التجمع" مع انتهاك مقام النبي موسى

بقلم: الإعلامي أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 02/01/21 11:04,  حُتلن: 14:18

أحمد حازم في مقاله:

القيادي في حزب "التجمع" باسل غطاس، حمل السلم بالعرض في صفحته على الفيسبوك ورفع زعيقه عالياً مستنكراً طرد المحتفلين من مقام النبي موسى، معتبراً ذلك تناقضاً لحرية التعبير وتخلفا اجتماعيا

في الأسبوع الماضي وفي أيام عيد الميلاد أقامت مجموعة شبابية حفلاً صاخباً في ساحة مقام النبي موسى في أريحا ضاربين بعرض الحائط أي احترام للأديان وقدسيتها. والأنكى من ذلك أن المجموعة الشبابية تقول انها حصلت على ترخيص رسمي لإقامة هذا الحفل الفاجر من وزارة السياحة والآثار، وأن حارس المقام سمح لهم بالدخول ونصب أجهزة الصوت.

ومن الطبيعي أن لا يمر هذا العمل المرفوض اجتماعياً وأخلاقيا مر الكرام. فقد أثار هذا التصرف الإستفزازي موجة استنكار وغضب في المجتمع الفلسطيني، لدرجة أن مجموعة من الشباب الحريص على قدسية الأماكن الدينية، تدخلت وطردت المشاركين في الحفل.

رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، وحسب موقع "رام الله الإخباري" لم يهن عليه ما حدث وأمر بتشكيل لجنة تحقيق حول إقامة هذا الحفل والبدء بعملها فوراً. حتى أن قاضي قضاة فلسطين، مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية، الدكتور محمود الهباش أعلن عن غضبه لما جرى بالقول: "أشعر بتقزز وغضب تجاه ما حدث في مسجد النبي موسى شرقي القدس، وأيا كان المسؤول عن ذلك فيجب أن ينال جزاءً رادعاً يتناسب مع فظاعة ما حدث، لأن المسجد بيت الله، وحرمته من حرمة الدين".

وبالرغم من ردود الفعل الكثيرة الغاضبة على ما جرى في مكان إسلامي مقدس، إلا أن القيادي في حزب "التجمع" باسل غطاس، حمل السلم بالعرض في صفحته على الفيسبوك ورفع زعيقه عالياً مستنكراً طرد المحتفلين من مقام النبي موسى، معتبراً ذلك تناقضاً لحرية التعبير وتخلفا اجتماعيا. حتى أنه يشك في قدسية المكان إذ يقول: " ولا يهم هنا هل هو فعلا موقعا مقدسا بحسب وزارة الأوقاف أم لا". ولم يتوقف غطاس عند هذا الحد، بل اعتبر موجة الغضب "حالة تقطب وتعصب وتزمت تسود الموقف وتخلق حالة من استباحة الآخر ورأيه ". حتى أن غطاس ذهب بعيداً في تحليله لما جرى متهماً البعض استغلال ذلك لأسباب سياسية يقول باسل غطاس:" هناك من يستغل بخساسة واضحة الموضوع ويركب الموجة لأسباب سياسية وخصومات داخل السلطة".

لست أدري ما الذي يدفع باسل غطاس إلى نقض أقوال رئيس الحكومة الفلسطينية وكبار القضاة والمستشارين في شؤون الدين في السلطة الفلسطينية. أليسوا هم الذين قالوا أن ما قامت به المجموعة الشبابية هو انتهاك لحرمة المقدسات الإسلامبة ؟ أليسوا هم خير من يعرف الأمور المتعلقة بالأماكن الإسلامية؟ فلماذا يقحم الغطاس نفسه في مياه يصعب عليك الغطس فيها؟ صحيح أنه "باسل" في أمور أخرى ولكن من الأفضل له أن لا يتدخل في شؤون دينية هي أكبر منه بكثير، وأن لا "يحشر أنفه" في قضايا حساسة، وهو يعرف أن اللعب بالنار يحرق الأصابع.

المشكلة أن باسل غطاس سبق له وأن تدخل في أعمال مسيئة للمجتمع الإسلامي، واعتبر مواجهتها "ثقافة وممارسة داعشية" من وجهة نظره. ففي أبريل / نيسان عام 2014 وقف باسل طاس إلى جانب فريق عمل مسرحية "وطن ع وتر". الذي منعت الجماهير العربية عرضه في عكا. وقتها أصدرت "لجنة الدعوة القُطرية في الحركة الإسلامية" بياناً حول المسرحية جاء فيه: "وأشهر ما جاء في مشاهدها التطاول على الدين والأخلاق والاستهزاء بالمتدينين والتباهي بالكلام الهابط... وغالبها لا يخلو من لغو، وعليه نذكّر أهلنا في الداخل الفلسطيني من آباء وأمهات ومدرسين ومدرسات وأئمة مساجد وغيرهم أن هذه العروض خطر على أولادنا".

باسل غطاس، الذي كان وفتها عضو كنيست، لم يعجبه البيان، وقال وقتها معقباً عليه:" إنّ "ما جرى في عكا من منع للعرض بالقوة والعربدة هو عمل متخلف وخطير ومسنتكر ولا يمكن أن نقبل بكم الأفواه وكبت الحريات لأنها ليست حكراً على أحد." يعني حماية الأبناء بنظر غطاس هو عمل متخلف.

وفي العام 2019 دافع غطاس بقوة عن مغني الراب " نامر نفار" الذي منعت حفلته بلدية إم الفحم. وكانت البلدية قد أصدرت بياناً في العشرين من شهر آب/أغسطس عام 2019 أعلنت فيه عن إلغاء الحفل الغنائي لمغني موسيقى الراب، تامر نفار، جاء فيه:" أن مضامين وفحوى أغاني وعروض كثيرة من أغاني نفّار، "بعيدة كل البعد عن الجانب الديني والأخلاقي والتربوي والثقافي المتعارف عليه في اـم الفحم، لاحتوائها عبارات ومصطلحات وأفكار لا تتلاءم ولا تتناسب مع قاموسنا الثقافي والحضاري والمجتمعي، على أقل تقدير". باسل إطاس يعرف تمام المعرفة أن بلدية مدينة إم الفحم هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن أهل المدينة وهي أدرى بما يتناسب مع مجنمع المدينة، فلماذا يتدخل باسل غطاس في شأن كهذا؟

وبما أن باسل غطاس قيادي في حزب التجمع أو رمزاً من رموز التجمع، فهو بالتالي لا ينطق عن الهوى بل يعبر عن موقف حزبه ما دام يحمل هذه الرمزية في حزبه. وإلاّ لماذا لم يصدر الحزب أي بيان توضيحي حول ذلك؟

ما يثير السخرية والإشمئزاز في آن واحد، أن غطاس اعتبر إخراج المجموعة الشيابية الفاجرة من مقام النبي موسى عيباَ. أليس من سخريات القدر أن يتكلم شخص مثل باسل غطاس عن العيب؟ لكن باسل غطاس يعرف في قرارة نفسه كرجل سياسي أن الدفاع عن الأماكن المقدسة ليس عيباً، بل العيب هو في إبرام صفقات سياسية وقضائية "والشاطر يفهم". 

  المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة