الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 13:02

في الدوامة الانتخابية القادمة، بقلم: فؤاد أبو سرية – يافة الناصرة

فؤاد أبو سرية
نُشر: 23/01/21 19:40

تزداد مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية القادمة حدة النقاشات على جميع المستويات الرسمية والشعبية قبلها، ويتصاعد النقاش مع كل يوم يمضي لتزداد التساؤلات والكثافة الضبابية ناشرة الكثير من الحيرة والشك فيما كنا نعتبره في الأمس حقيقة ويقينًا لا لبس فيه، فهل تشهد هذه الانتخابات مفاجآت من نوعٍ ما، وماذا يخبئ لنا الغد؟

انطلاقًا من تحمل المسؤولية كواحد من المهتمين بالشأن السياسي في مجتمعنا العربي في هذه البلاد خاصة، سأقوم فيما يلي بتقديم عدد من الملاحظات أملًا أن تُنير شيئًا من الغموض المُخيِم وأن تدفع الإخوة المُهتمين للتفكير، إنني أفعل هذا من منطلق تحمل المسؤولية ومن محبة غامرة للأهل والأحباء.أنتقل الآن لإيراد ما تراكم لدي مِن رؤى وملاحظات حتى لحظة كتابة هذه الكلمة.

القائمة المشتركة
غيرُ خافٍ على أحد أن النقاش في أمر هذه القائمة هو لب اللباب فيما يتعلق بمجتمعنا العربي في البلاد يزيد في أهمية هذا النقاش تلك الخلافات المتوقعة التي حصلت وما زالت وسوف تحصل داخل هذا الإطار السياسي، فممثل هذا الحزب يقوم بالتصرف وفق المبادئ التي يؤمن بها حزبه حينًا ويجتهد في اتخاذ المواقف الخاصة به حينًا آخر، الأمر الذي يؤدي إلى اضطرام نار الصراع وتأجيجها داخل هذه القائمة ويهدد بين الفينة والأُخرى بتفككها وتشتت شملها، على مستوى آخر تُعاني المشتركة منذ إقامتها من فقر فكري، فهي للتذكير لم تأتِ استجابة لرؤية وحلم جماعي كما يحاول البعض أن يصوّر، وإنما جاءت نتيجة ضغط كان بإمكانه أن يقذف أحزابنا العربية مجتمعة إلى خارج اللعبة البرلمانية، كل هذا كما يعلم الجميع وكما نود أن نذكّر جاء بسبب رفع نسبة التصويت لدخول هذا الحزب أو ذاك إلى الحلبة البرلمانية أولًا والسياسية الفاعلة ثانيًا، لقد أبان النقاش داخل المُشتركة ومركباتها المُختلفة نتيجة سبب أو مُسببات إقامتها هذه مدى الفجوة بينها وبين الشارع، فبدا موضوع عضوية الكنيست بالتالي عبارة عن وظيفة يشغلها هذا العضو أو ذاك، أي حولت عضوية الكنيست من مكانتها القيادية إلى مكانة أُخرى أقل من هذه بكثير، هي مكانة الموظف الكبير زاد في هذا أمران أحدهما رغبة سيطرة القوة المُنظّمة الرئيسية فيها من ناحية، ورغبة بعض أعضائها في النجومية والظهور كما فعل أقران لهم في فترات سابقة، من حقنا أن نتساءل والحالة هذه إلى أين يُمكن أن يؤدي هكذا وضع، وهل يتهدد الأحزاب العربية بالتفكك وبالتالي تُضعضع مواقعها البرلمانية، ولعلنا نُشير هنا إلى تلك الأصوات التي شرعت بالتصاعد حول جدوى الانتخابات ومدى فائدتها على مجتمعنا العربي، هذه الأصوات التي يفترض أخذها بعين الاهتمام كونها تأتي من شخصيات فاعلة ولا يُستهان بها، فهل تنتبه المُشتركة إلى هكذا وضع وتتخذ بالتالي حذرها من عواقبه؟


ظاهرة القوائم الجديدة
مثلما في كل انتخابات كما أشرنا في مقالات سابقة، شرعت بعض القوائم القديمة الجديدة الهاجعة في الظهور هذه الفترة، وهنا نشير إلى أن الوضع مع هذه القوائم أخذ بالتغير والتبدل، فبينما كانت هذه القوائم تأتي في الماضي نتيجة رغبات مكبوتة لدى بعض الإخوة في عضوية الكنيست وما توفره لصاحبها من جاه ووجاهة، ها نحن نراها تأتي اليوم مستغلة حالة التمزق الطبيعية والمتوقعة في النسيج السياسي المهلل للقائمة المشتركة تحديدًا، ونشير هنا إلى أن هذه القوائم وأمثالها إنما تعبر عن مطامع وطموحات شخصية لدى المبادرين إليها ولدى محركيها. وفي رأينا المتواضع فإن هذه القوائم غير القائمة على أُسس شعبية متينة استغلت الحالة المزرية للقائمة المشتركة وبادرت إلى طرح بدائلها الخاصة ومحدودية الإمكانيات في العديد من القضايا الحارقة في مقدمتها قضية العنف وما يخلفه من جرائم تكاد تكون يومية في مجتمعنا العربي، فهل تتسبب هذه القوائم في تضييع وحرق نسبة أيًا كانت ضئيلة من الأصوات العربية، لنحذر.

المواطنون العرب بين فكي كماشة نتنياهو
لقد كمن وراء مواقف العديد من الشخصيات السياسية العربي التمثيلية سواء هذا العضو البرلماني أو ذاك الرئيس البلدي من رئيس الحكومة المحنك السيد بيبي نتنياهو كمن لغمٌ رهيبٌ تمثّل في نقطة حساسة جدًا وباتت واحدة من النقاط المرغوب في إيجاد الحلول والمخارج الناجعة لها، هذه النقطة تمثّلت في البُعد الاجتماعي لوجودنا نحن العرب في هذه البلاد والوضع الذي وجدنا أنفسنا فيه بعد أكثر من سبعة عقود من المطالبات السياسية دون أن تتمكن هذه المطالبات من تحقيق أي تقدم، وهنا نتساءل هل وصل مجتمعنا إلى طريق سياسي مسدود له أسبابه ومسبباته الخاصة به في مقدمتها موقف السلطة الفلسطينية الرسمية مما يدور في ساحة الحلبة السياسية العربية والعبرية في بلادنا زاد في هذا الوضع تعقيدًا أن الأحزاب اليهودية المتنفذة أدركت في انتخاباتها الأخيرة المتكررة ما للصوت العربي من مساحة هامة وخاصة كونه قد يصبح بيضة القباني في الصراعات فيما بين هذه الأحزاب وهو ما سيمكنها من تحقيق مآربها في الوصول إلى سُدة الحكم، وقد كان نتنياهو على ما يبدو واحدًا من أوائل من انتبهوا إلى أهمية الصوت العربي، فبادر لإجراء الاتصالات باذلًا كل ما بوسعه من قوة ونفوذ للحصول على هذا الصوت الذهبي، وهنا يُطرح السؤال هل ستشهد الانتخابات القريبة القادمة مفاجآت كبيرة وزلزالًا يشبه زلزال الكورونا العصيب؟، إننا نقول هذا الكلام وفي نيتنا أن ننبه القوى السياسية العربية ممثلة في القائمة المشتركة إلى أخذ أسباب ومسببات التقارب بين نتنياهو وعدد من القيادات العربية، من ناحية ومطالب الشارع العربي فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية من ناحية أُخرى بنظر الاعتبار، فالوضع اكتسب حتى الآن وسوف يكتسب في الغد أبعادًا تحتاج إلى الرؤية والتفكير وتطرح بالتالي أسئلة كانت في الأمس محرمة.
مُجمل القول أن الانتخابات البرلمانية القادمة تفرض هذه المرة العديد من الأسئلة المصيرية أو شبه المصيرية وتستدعي التفكير والمزيد من التفكير، فلننتبه ولنحذر ساعة عصيبة وشيكة لا ينفع فيها عض على الأصابع أو ندم.
 

مقالات متعلقة