يشهد المجتمع العربي في الأسابيع الأخيرة حراكًا متصاعدًا ضد العنف والجريمة وفي وجه تواطؤ الشرطة والمؤسسات الحكوميّة بوقف شلال الدم وعدّاد الضحايا المستمر.
وقد انطلقت في شهر آب الماضي، مسيرة أمهات من أجل الحياة، ضد العنف والجريمة تقدمتها الأم الثكلى منى خليل والدة المغدور خليل (28 عامًا) التي بادرت للمسيرة، حيث رافقتها الأم الثكلى وطفة جبالي والدة المغدور سعد (24 عامًا) من الطيبة بالإضافة إلى أمهات ثكالى وشخصيات سياسية وجماهيرية بينها رئيس القائمة المشتركة أيمن عودة وعضوات كتلة الجبهة في نعمت حيث انتهت المسيرة بلقاء رئيس الدولة في مقره في القدس.
وتشكّل استمرارًا للمسيرة،المذكورة منتدى الأمهات الثكالى لمكافحة الجريمة، بدعم ومرافقة كل من ميسم جلجولي وختام واكد ورهام أبو العسل خاصة على ضوء الارتفاع المقلق في العنف والجريمة، الذي حصد حياة أكثر من 100 عربي العام الماضي.
وتقول وطفة جبالي: "لدي حلم، تشكيل مجموعة من النساء تشبه بنشاطها ما فعلته- الأمهات الأربعة، الحراك اليهودي الذي نجح بسحب جيش الاحتلال من لبنان، نحن أيضًا بإمكاننا إحداث التغيير المنشود".
أما ميسم جلجولي، رئيسة نعمت في المثلث الجنوبي ورئيسة كتلة الجبهة في نعمت، من مؤسسات المنتدى وقد تعرض بيتها لإطلاق النار مرتين في سنة 2008، على خلفية نضالها من أجل حقوق العمال وكشف قضايا فساد إدارة بلدية الطيرة السابقة. في حالتها لم تقم الشرطة بأي مجهود للعثور على المجرمين. وتشبه جلجولي إطلاق النار على البيوت العربية بـ "ورقة الخريف المتساقطة، لا تهم الشرطة، نحن العرب غير مرئيين عند الشرطة" مؤكدة أنه عندما أرادت الشرطة القضاء على العنف في الوسط اليهودي، نجحت بذلك، والآن، ما يجري في المجتمع العربي هو إجرام منظّم بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
أكدت رهام أبو العسل، رئيسة نعمت في لواء الناصرة، أن النضال ضد العنف ضد النساء لقي تعاونًا جديًا بين النساء العربيات واليهوديات، مؤكدة أنها تسعى لمتابعة هذا النجاح، وجلب شركاء يهود للمشاركة في مجابهة العنف والجريمة.
وتؤكّد ختام واكد رئيسة نعمت في لواء الجليل المركزي أن "المواطنين العرب موجودين في أسفل الهرم الغذائي في الدولة، كما أننا نلمس هذا التمييز الممنهج في حوادث العمل، حوادث السير والعنف المستشري. مطلوب تغيير عميق وجذري، الذي يمكن ان يتحقق فقط من خلال نضال مستمر داخل وخارج المجتمع".
وتقول منى خليل أنها توسّلت لابنها بعدم الخروج من البيت في اليوم الذي قتل به، لكنها لم تنجح بمنعه مؤكدة أنها عند سماعها صوت الإسعاف فهمت لوحدها انه قتل. لكن للأسف، رغم أن الجميع يعلم من القاتل، إلا أنه لا يزال حرًا طليقًا.
وتتابع وطفة جبالي "ربما يتوجب علينا التصدي كأمهات للشباب بأجسادنا. علينا العمل من أجل التوقّف عن طلب الثأر والبدء بالحديث عن الإحياء والإصلاح. وتقول جبالي انه في الماضي، كانت الشرطة تحاول منع الاجرام، اليوم نحن في حالة اهمال تامة.
كفاح إغبارية، من خسرت أربعة أفراد من عائلتها في جرائم قتل، آخرهم قبل أسبوع في أم الفحم أثناء تظاهرة ضد العنف، تقول: "يوجد تعاون بين الشرطة والمجرمين، لقد قلت هذا لرئيس الدولة في اللقاء الأخير، يوجد لدينا الكثير من الأسئلة للشرطة، لكنها لا تعطي أية أجوبة" مؤكدة أن النضال الحالي ضد الجريمة هو الأمر الأهم في هذه المرحلة.
نيتال دواهدة، فقدت ابنها في طمرة في العام 2006، لم يكن القتل منتشرًا وقتها كما هو اليوم، "للأسف الشديد، فقط اثنان من قتلة ابني الأربعة تمّ سجنهم، ونجح أحدهم بالهرب من السجن والوصول إلى سوريا" وأضافت "كيف يعقل الا يتم القاء القبض على القتلة؟ كيف يمكن أن يهرب القاتل من السجن إلى خارج البلاد؟ لو كان يهوديًا لامتلأت نشرات الأخبار بالفاجعة". وتؤكد نيتال انه علينا ألا نعتاد الوضع، هذا ليس قضاء وقدر، هذه حالة يمكن قلبها.