الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 03:01

عضو كنيست تحت المجهر... عباس ظاهرة سياسية تتطلب معالجة

احمد حازم

احمد حازم
نُشر: 12/04/21 11:25,  حُتلن: 14:52

لا يوجد عندي أدنى شك في قدرة الدكتور منصور عباس على استمالة الإعلام إليه والتركيز على شخصه. وهذه ميزة قد تكون "ربانية" ترجع جذورها إلى العلاقة الراسخة بين الدكتور وبين معتقداته الإسلامية التي اكتسبها وحفظها عن ظهر قلب من خلال انتمائه "للإسلامية الجنوبية"، وإما أن تكون ناجمة عن خبرة بكيفية التعامل مع الآخر. ولا فرق بين الطرحين فكلاهما يوصلان للهدف.

منصور عباس الذي يقول الأطباء أنهم وجدوا "بحصة" في "كليته" أدخلته مستشفى بوريا، حسب تقارير المهتمين بالنائب (المغاري) خرج في اليوم الثاني سالماً معافى، بعد أن تخلص الأطباء من خلال عملية جراحية من وجع هذه البحصة التي ألحقت ألماً برئيس القائمة العربية الموجدة. صحيح أن صاحب شعار "لا في جيب اليمين ولا في جيب اليسار" تعود على العمليات السياسية، لكن عملية إبعاد "البحصة" كانت سهلة مثل عملية إبعاد "الموحدة" عن المشتركة. والفارق بين العمليتين، أن عباس" ثمثل للشفاء، بينما المشتركة لا تزال تعاني من الألم الذي أصابها من عباس.
منصور عباس يتم التداول باسمه يشكل يومي تقريباً وهو لا يفعل شيئاً. دخل إلى المستشفى فأصدر بيانا وتم توزيعه على وسائل الإعلام. يعني يوم واحد لعملية بسيطة جداً "ما بتحرز كل هالضجة". المهم أن يظل اسم الزعيم رقم واحد في الإسلامية الجنوبية متداولاً في الإعلام. خرج الدكتور وخرج بيان آخر جديد تلقته وسائل الإعلام. سلامتك يا دكتور، ما شاء الله عليك شاغل الناس فيك.
الدكنور منصور عباس أعلن عن مؤتمر صحفي في أول نيسان الحالي في فندق رمادا. اهتزت وسائل الإعلام العبرية وقطعت برامجها لتعلن عن المؤتمر الصحفي. تصرف يحدث لأول مرة لشخصية عربية من البلاد. اهتمام مبالغ به بعباس وخطابه. ما هذا يا دكتور؟ حتى الإعلام العبري أصيب "بسحرك" السياسي.
دخل عباس القاعة وأمعن النظر بالصحفيين والمصورين ثم تحدث لبضع دقائق، فمن الحاضرين من فهم بعض الشيء ومنهم من لم يفهم شيئاً. "مش مهم يفهموا". المهم أن يتواجدوا ويكتبوا عن المتحدث. حتى أن عباس رفض الرد على أسئلة الصحفيين.. فلماذا تسميه يا دكتور مؤتمر صحفي؟ في هكذا مؤتمر يا سعادة النائب يجري نقاش بين المتحدث والصحفيين فلماذا لم تعط الصحفيين مجالاً للرد على أسئلتهم؟ .
أهنئك يا دكتور على هذه القدرة. انك تستطيع فعلاً أن تشغل الآخرين بك دون أن تفعل شيئاً. منذ انشقاقك عن "المشتركة" ورئاستك للقائمة العربية الموحدة ولغاية الآن، لم تفعل شيئاً سوى قولك المشهور:" لا في جيب اليمين ولا في جيب اليسار". أهنئك يا دكتور على أنك جندت الإعلام في خدمتك وجعلت من آخرين أن يقولوا عنك أنك "صانع الملوك". فكيف توصلوا إلى ذلك لا أحد يعرف وعلى الأكثر أنت أيضاً. أنك تمكنت يا دكتور منصور من جعل الآخرين يصنعون لك تمثالاً ذهبيا بدون مقابل. هذه قدرة عظيمة تحتاج لعلماء نفس لتحليلها.
حتى أن الليكودي حتى النخاع أيوب القرا، الرجل المكروه عربياً، رغم أنه عربي درزي، سحرته وأتى مسرعاً لتهنئتك بالفوز. لكن لا أدري ما الذي فعلته بهذا القرا حتى جاءك مهنئاً: فهل وصل لعندك لأسباب سياسية خاصة تتعلق بالليكود وبك شخصياً؟ وهل يعقل أن تأتي شخصية بارزة في حزب الليكود بدون ضوء أخضر من زعيمه نتنياهو؟ وهل يكون القرا متأتُراً بك يا دكتور لدرجة أن أقوالك أثارت إعجابه، فأتى إليك للتعبير عما يراوده من إحساس نحوك؟. هل أتى مهنئاً بدون تنسيق مسبق أم بناء على اتفاق مسبق؟ أسئلة بحاجة إلى أجوبة وتحليل أيضاً.
نقطة أخرى لا بد من الإشارة إليها: بما أن الدكتور منصور عباس إمام مسجد سابق، وقيادي في الحركة الإسلامية الجنوبية، فكيف يسمح لنفسه استقبال "واحد" مثل أيوب القرا ، الذي يعترف بأن "الأقصى" من أحقية اليهود؟
ألم يسمع القيادي الإسلامي الجنوبي عباس بما فعله أيوب القرا في الفاتيكان؟ أنا أذكّر الدكتور بذلك، واستناداً إلى صحيفة "هارتس" في التاسع والعشرين من شهر أكتوبر/تشرين أول عام 2016: كان أيوب القرا في العام نفسه يشغل منصب نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، وكان في زيارة للفاتيكان. وقتها تعرضت إيطاليا لهزة أرضية. وقد صرح القرا: "أنا على يقين بأن الهزة الأرضية قد وقعت في إيطاليا بسبب عدم معارضتها لقرار اليونيسكو نفي وجود أي صلة أو علاقة بين المسجد الأقصى واليهود". وهذا يعني أن القرا غضبان لأن اليونيسكو أقرت بأن الأقصى للفلسطينيين.
خلال حديث هاتفي جرى بيني وبين صديق نائب عربي سابق قبل أيام قليلة حول الأوضاع السياسية الراهنة، طلبت من النائب السابق أن يقترح في لجنة المتابعة الدعوة لمعالجة ظاهرة منصور عباس السياسية ليس لأهميتها بل لشذوذها عن المألوف في النهج العربي العام وتغلغلها في المجتمع العربي وعوارضها الجانبية. فعلاً ظاهرة غريبة تذكرني بظاهرة "الكتاب الأخضر" للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي صاحب نظرية: "لا للرأسمالية ولا للإشتراكية فرحل ولم يلتفت أحد لنظريته التي ماتت قبل رحيله".

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة