جاء في بيان دار الافتاء:
• في هذه المرحلة سنبقي على التباعد البدني ولو بالحد الأدنى.
• رص الصفوف يدخل في السنن عند كثير من المذاهب الفقهية.
• تجوز وتصح الصلاة مع ترك فجوة بين المصلي والمصلي، ولا نشترط الابتعاد مسافة مترين كما كان.
• لم نصل بعد إلى هيئة "البنيان المرصوص في الصلاة" الكتف إلى الكتف والقدم إلى القدم.
• نحافظ على لبس الكمامات والتعقيم داخل المساجد.
• في زمن كورونا "المتغيرات" هي سيدة الموقف بين الفينة والفينة.
• حتى مع اللقاح فتصنيفنا لم يزل يسمى "تحت التجربة" ولم نصل إلى درجة اليقين بعد.
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، واتّبع هداه بإحسان إلى يوم الدين، وبعد؛
فبعد التشاور مع أصحاب الاختصاص في الداخل الفلسطيني 1948، وبعد عدة جلسات مع مختصين من الدرجة الأولى على المستويين المحلي والدولي وبخاصة منظمة الصحة العالمية، من أجل تقييم الحالة التي نحن عليها في البلاد حتى تاريخ 9/04/2021 م، ومن منطلق مواكبتنا لجائحة كورونا منذ اللحظة الأولى حتى اليوم، ومن منطلق المسؤولية الشرعية التي تحملها دار الإفتاء تجاه مجتمعنا في الداخل الفلسطيني 48، وبعد استقاء المعلومات من مظانّها المحلية والإقليمية والدولية، نؤكد جملة من الأمور لإخواننا أئمة المساجد وعموم المسلمين قبيل حلول شهر رمضان المبارك لهذا العام 1442 هـ، 2021 م:
أولًا: لم تتم هزيمة فيروس الكورونا (كوفيد-19) بعد، ولم يزل الفيروس منتشرًا في العالم، وتُتوفى بسبب الوباء أعداد كبيرة من الناس يوميًا. ومن المؤكد أن التطعيم هو أقوى أداة لدينا لغاية الآن للوقاية من المرض وإنقاذ الأرواح والمساعدة في إنهاء هذا الوباء؛ ولذا، تتوجب علينا على المدى القصير المحافظة على التدابير الصحية عمومًا، والمتعلقة بالكمامة خصوصًا في الأماكن المغلقة، لضمان استمرار فعالية التطعيم وللحد من العدوى ومن احتمالية حدوث طفرات وأنواع جديدة.
ثانيًا: ما يجري في البلاد عبارة عن "مجموعة تجربة " للتطعيم، وكل العالم يترقب نتائج تجربة التطعيم في البلاد. وهنالك حتى هذه اللحظة مؤشرات توحي بأن التطعيم فعلًا يؤدي إلى نتائج حماية من المرض، وأن التطعيم والمتعافين أصبحوا إلى حد ما شريحة لا يمكن أن نقول محمية بنسبة 100% من الإصابة أو العدوى أو نقل المرض، لكن بالتأكيد هي شريحة أقدر وأقوى على مواجهة الوباء من شريحة غير المتطعمين.
ثالثًا: جميع من هم دون الـ 16 عامًا لم يتلقّوا التطعيم، والشريحة الأكبر التي تلقّت التطعيم حتى هذه اللحظة هي شريحة كبار السن، وإنّ نسبة التطعيم لدى الشباب أقلّ من نسبتها عند كبار السن، ولم تزل هنالك شريحة كبيرة من الشباب لم تتلق التطعيم بعد.
رابعًا: أظهر التطعيم فعاليته العالية في حماية الشخص الملقّح ضد وباء الكورونا (كوفيد-19) الخطير، وتعتبر هذه خطوة عظيمة إلى الأمام. وهناك حاجة إلى مزيد من الأدلة لفهم مدى الحماية الجيدة، ليس فقط من المرض، ولكن أيضًا من العدوى (مع أعراض خفيفة أو بدون أعراض) وانتقالها. هذا يعني أنه في الوقت الحالي يتعيّن علينا توخي الحذر والحفاظ على التدابير التي نعلم أنّ لها تأثيرًا إيجابيًا. ولذلك، وحتى هذه اللحظة وهذه الساعة، لا أحد يخبر بنزع الكمامة في الأماكن المكتظة والمغلقة، وحتى أن المجموعة التي تلقّت التطعيم ليست معفية من وضع الكمامة، ولم يقل أحد بهذا حتى الآن، وربما يتم ذلك لاحقًا على اعتبار أننا مجموعة تجريبية.
خامسًا: لا يمكن أن نضع على أبواب المساجد حراسًا للتدقيق في بيانات المُطَعَّمين والمتعافين من غيرهم كما هو الحال في باقي مرافق الحياة، ولا السؤال عن أعمار الشباب، فإن وسيلة تمحيص المصلين كما يجري في مرافق الحياة الأخرى غير عملية وغير فعالة، وقلنا هذا سابقًا.
سادسًا: لا نبني الحكم على ألوان المدن والقرى. فقد أجمعت كلمة البشرية على أنّ فيروس كورونا متحوّل ومتغيّر ويستجدّ بطفرات جديدة. لذا، لا يوجد بعد اليقين في مسألة ثبات البلد- أي بلد- على اللون الذي فيه الآن، وربما يتغير الحال إلى الأحسن أو الأسوأ، لأنّ المسألة لم تزل احتمالية.
سابعًا: من ناحية الحكم الفقهي لتسوية الصفوف ورصّها، لا يختلف اثنان من المسلمين على أنّ رصّ الصفوف في الصلاة وسدّ الخلل من الهيئات المتفق عليها ولا خلاف عليها. وقد نهضت الأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية على ذلك، حتى أصبح من المعلوم من الدين بالضرورة. أما عن الحكم الفقهي لرصّ الصفوف وتسويتها فقد جاء في الموسوعة الفقهية نقلًا عن الدرر السنية ما يلي: حُكْمُ تسوِيَةِ الصُّفوفِ: اختلف العلماءُ في حُكْمِ تَسْوِيَةِ الصُّفوفِ على قولينِ: القول الأول: تُسنُّ تسويةُ الصُّفوفِ في الصَّلاة. وهذا باتِّفاقِ المذاهبِ الفقهيَّة الأربعة: الحَنَفيَّة، والمالِكيَّة، والشافعية والحنابلة. القول الثاني: تجبُ تسويةُ الصُّفوف. وهو قولُ ابنِ حزمٍ، وابن تيميةَ، وابنِ حجرٍ، والعينيِّ، والصنعانيِّ وغيرهم.
ثامنًا: رغم أهمية تسوية الصفوف ورصّها، إلا أن بقاء جائحة كورونا يفرض علينا، من منطلق فقه الموازنات وفقه الأوليات وفقه المصالح، اتخاذ الإجراء المناسب وتكييف الحالة فقهيًا بما يحفظ الدين والنفس. وهذا ما تؤكده مقاصد الشرع الحنيف. وبما أنّ الكورونا لم ترتفع نهائيًا، فلا نشدّد على رص الصفوف من ناحية، ولا نشدّد على التباعد مترين من ناحية أخرى، بل يُكتفى حاليًا بترك فجوة، حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.
(ملاحظة: تؤكد دار الإفتاء ما اعتمدته منذ بدء جائحة كورونا أن كل ما يصدر عن دار الإفتاء والبحوث الإسلامية موجّه لفلسطينيي الداخل 1948 فقط).
باحترام:
دار الإفتاء والبحوث الإسلامية في الداخل الفلسطيني (48)