قرار الاضراب الذي اتخذته لجنة الدفاع عن الاراضي بالثلاثين من اذار عام 76 كان قرارا تاريخيا صائبا حكيما.
إن هذا القرار اتخذته قيادة شجاعة وصلبة المواقف دون الالتفات ولا حتى لأدنى التهديدات على الرغم من كثرها وتعددها وبأشكالها القمعية والمختلفة كالجيش , رجال الشرطة والشين بيت بالاضافة ايضا لأدواتهم المحلية "كالمخطرة" انذاك .
ان هذا القرار الذي اتخذته اللجنة القطرية للدفاع عن الاراضي انذاك كان تعبيرا عن ارادة وتصميم وقناعة هذا الشعب للدفاع عن ارضه وعرضه والثبات والصمود (حتى اخر المشوار) امام سياسة النهب والتشليح والمصادرة .
هذه السياسة الثابتة والممنهجة من قبل هؤلاء اتجاه الاراضي العربية منذ قيام الدولة عام 1948 وحتى يومنا هذا وهي لم تتغير ولن تتغير وان هذا الاصرار من قبل هؤلاء على الاستمرار في نهج المصادرة والتشليح للاراضي هو ما ادى الى نفاذ صبر الجماهير العربية على سياستهم العنصرية الاطهاضية المتعامل بها اتجاه الاقلية العربية وهم اصحاب الاراضي الاصليون . وان هذا السلوك االعنصري المتواصل هو من اوصلنا الى 30 من اذار عام 76 وبهذا اليوم الكبير انتصرت الجماهير العربية على سياسة التشليح وانتصر الكف على المخرز على الرغم من قيمة وضخامة التضحيات التي قدمت في هذا السبيل من الشهداء والجرحى والخسائر المادية والغرامات الباهظة في المحاكم .
ان الاستجابة من قبل الجماهير العربية لقرار اللجنة القطرية للدفاع عن الاراضي بالاضافة ايضا لقسم من رؤساء المجالس المحلية كانت استجابة التحدي والوقوف بعزة وشموخ امام قرارات النهب والمصادرة وامام العنجهية والتكبر والاستعلاء القومي الذي يمارس ضد ابناء شعبنا كله وحتى يومنا هذا يمارسون نفس النهج ونفس المطامع , ولكن على الرغم من مرور 45 عام على احداث يوم الارض الاول ولكنهم اليوم يمارسونها بالطرق الالتوائية الخبيثة تحت مسميات مختلفة وذلك على شاكلة سن مختلف القوانين العنصرية بالكنيست متمثلا بقانون "كامينست" الموجه بالاساس ضد العرب ويلحقه قانون القومية الذي يسلبنا حق الوجود في هذا البلاد وغيرها الكثير الكثير من القوانين العنصرية التي تطبق على الاقلية القومية العربية في الداخل الاسرائيلي بحيث لا يطبق مثيلا لهذه القوانين في أي دولة في هذا العالم سوى في "واحة الديموقراطية الاسرائيلية" متمثلا في هدم البيوت والمصادرة ووضع جمى العراقيل لأصدار رخص للبناء مما يطر المواطن للبناء دون ترخيص مما يعرضه لغرامات ضخمة او الهدم .
وبالتالي تدعي هذه الدولة بأنها الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط !!
ولكن الواقع يختلف كليا من ادعاءاتهم وهيهات من اقوالهم وهذه صدقا .
ان يوم الثلاثين من اذار عام 76 كان الهدف منه اضرابا سلميا لأعراب اصحاب الاراضي عن رفضهم القاطع لسياسة المصادرة وتشليحهم لأراضيهم والمحافظة على ممتلكاتهم وارزاقهم ولكن سياسة السلطة ابت الا ان تجعل من هذا اليوم يوما دمويا مؤلما جارحا بحق ابناء شعبنا بدءا في الجليل حتى المثلث وراح ضحية هذه السياسة الخرقاء المعادية لكل من هو عربي , 6 شهداء وعشرات الجرحى نتيجة اطلاق النار من قبل الجيش ورجال الشرطة وبشكل "حصيدي" كما يقال على حشود الجماهير المتظاهرة سلميا احتجاجا على قرار الحكومة مصادرة واحد وعشرون الف دنم من اراضي المل التابع لدير حنا , عرابة , سخنين وعرب السواعد .
بدأت الاحتجاجات والتظاهر في دير حنا في التاسع والعشرين من اذار عام 76 ونتيجة هذه الاحتجاجات قامت قوات الجيش والشرطة بالأعتداء على المواطنين في دير حنا . وانتقل خير الاعتداءات على المواطنين الي قرية عرابة المجاورة واندلعت اشتباكات عنيفة استمرت حتى الصباح أي الثلاثين من اذار ودفعت عرابة ثمنا باهظا من الشهداء وعشرات الجرحى من خيرة شباب القرية برصاص الجيش ورجال الشرطة بالاضافة ايضا انتقال خبر اعتداءات الجيش والشرطة الى سخنين بسرعة البرق وعندها دارت اشتباكات عنيفة في قرية سخنين ما بين المواطنين ورجال الشرطة والجيش وبدى هذا الجيش مدججا ومسلحا وكأنه جيش مقابل جيش في ساحة حرب حقيقية امام ناس لا تملك سوى سواعدها تتظاهر بشكل سلمي ودفعت سخنين انذاك ثمنا باهظا من الشهداء والجرحى في ساحات الشرف والعزة دفاعا عن الارض والعرض هذا عدى عن حالات التخريب والتكسير والتغريب التي كان يقوم بها الجيش في داخل البيوت عندما كان يقوم بعملية الاعتقال بشكل شمولي ولم يكن لديهم فرق من يعتقل حتى كبار السن , كما يقال : "الطايحة رايحة" حتى والدتي رحمها الله كان عمرها بذلك الوقت 70 عام اعتقلوها ووضعوها في مجنزرة ونقلوها الى سجن ميداني اقامه الجيش على مداخل القرية الغربية " الشعبة" لحجز المعتقلين بداخله .
ملاحظة:
اليوم وبعد مرور خمسة واربعون عام على وقوع يوم الارض الاول الخالد عام 1976 لا ارى زخم المشاركة الجماهيرية لأحياء هذه المناسبة .
نفصل هذا في مقال قادم ان شاء الله ..
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com