خلال شهر أبريل/نيسان الماضي جرت مكالمات هاتفية بيني وبين أعضاء كنيست حاليين وسابقين وقيادات أخرى تمحورت حول نشاطات منصور عباس المناقضة للمألوف العربي، والغريبة على مجتمعنا في طرحها. وطالبت المتحدثين معي بالقيام بدراسة جدية لما أسميته "ظاهرة" منصور عباس وتبيان خطر تداعياتها على المجتمع العربي. أنا في حقيقة الأمر اقترحت وبلغت وعلى القادة في مجتمعنا التنفيذ وليس التقصير والتأجيل.
مطالبة مراد حداد القيادي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي، للقيادات العربية بوجوب اقصاء الاسلامية الجنوبية من المتابعة، بسبب نهجها الذي وصفه بـٍ"جريمة ونهج ساقط"يأتي تنقيذا لما طالبت به سابقاً، رغم أني لم أتحدث مع مراد شخصياً. مراد حداد كان واضحاً وصريحاً وجريئاً في مطاليته، التي يجب أن تلقى آذانا صاغية، لأن الموضوع لا يتوقف فقط على تصريحات إنما هو أعمق من ذلك وله أبعاد سياسية بجب على القيادات العربية الانتباه ملياً لهذه الأبعاد وخطورتها السياسية.
مراد حداد على حق عندما يقول: " السكوت عن النهج الساقط لمنصور عباس جريمة لن يسامحنا عليها التاريخ ولا الاجيال القادمة اذا صمتنا صمت القبور". وأنا أضيف على ذلك: ليس التاريخ فقط وإنما الله سبحانه وتعالى لن يسامحنا أيضاً إذا تركنا عباس "يخبّص" كما يشاء تحت ستار "مصلحة شعبنا". صحيح أن منصور عباس زعيم حركة إسلامية جنوبية، لكن الله ليس معه في مواقفه لأنها مخالفة لدين منصور عباس.
لماذا يريد مراد حداد " اخراج الحركة الاسلامية الجنوبية خارج لجنة المتابعة ولاعلان عن مقاطعتها وعدم الجلوس معها"؟. حداد لا يريد إخراجها نهائيا بل حدد وقتاً لذلك: "حتى تتخلص من منصور ونهجه الخطير على الموقف الوطني وعلى الثوابت ".
وأما عن سبب مطالبته بالإقصاء، فالجواب على هذا السؤال موجود في مقال رئيس بلدية شفاعمرو السابق الصديق أمين عنبتاوي(أبو علي) بعنوان:" وبعدين، القائمة العربية الموحدة لوين؟!" في موقع العرب في التاسع والعشرين من الشهر الماضي إذ قال في مقاله موجهاً كلامه لعباس:" مجرد اعتباركم وتصريحاتكم بأنه لا فرق بين نتنياهو وغيره حتى لبيد وفي انتقاداتكم المتكررة بالأساس لليسار، خدمة كبيرة وتبييض لنتنياهو ولليمين، والا كيف يمكنك كرئيس قائمة عربية تفسير نفس التصويت أنت وزملاؤك مع سموتريتش وزملائه، ثم بعد التصويت كيف تفسر المعانقة مع ميكي زوهر وأمير أوحانا وغيرهما من الليكوديين، والمصافحة الحارة حتى مع ميري ريغف المعروفة للقاصي والداني بمواقفها العنصرية تجاه الأقلية العربية؟! لا يمكن أبدا قبول اي مبرر لتأييدكم ودعمكم هذا المستهجن لنتنياهو".
يوم أمس الثلاثاء طلعت علينا "الإسلامية الجنوبية" ببيان أقل ما يقال فيه أنه(كالعادة) لعب على الوتر الديني، من خلال مدح الذات واتهام الآخرين بفعل المنكر، وكأن ما يفعله عباس سياسياً "حلال زلال". فقد جاء في البيان كما ورد في موقع العرب :" تؤكد الموحدة أن نوابها نجحوا حتى اليوم في فرض الشرعية السياسية والتأثير على مجريات الأمور وعلى صناعة القرار السياسي،* يا ناس يا "عباسيون" على من تضحكون؟ عن أي تأثير تتحدثون؟ هل تقصدون مثلاً تأثيركم في عدم التصويت على حل الكنيست وعدم تعاونكم لمنع تشكيل لجنة تحقيق في صفقة الغواصات ودعمكم للقانون الفرنسي الهادف لانقاذ نتنياهو من المحاكمة؟
أين هي شرعيتكم السياسية التي قرضتوها؟ هل هي مثلاُ في دعم سموتريتش الذي ينفي وجود شعب فلسطيني أم في دعم بن غفير تلميذ كهانا الذي يعتز بباروخ غولدشتاين قاتل ٢٩ مصليا في مجزرة الحرم الابراهيمي، وبنتان زادة قاتل ٤ شفاعمريين في مجزرة الباص؟
وهل الشرعية في إجراء مفاوضات سرية مع بينيت لا يعلم إلا الله بما جرى ويجري فيها، أم هي في الوصول إلى حمل لقب " الموحدة بيضة القبان"؟ وتأكدوا لو كنتم أنتم ليس فقط بيضة قبان بل القبان بنفسه لن تستطيعوا تحقيق أي شيء والزمن بيننا.
وفي النهاية، لا بد لي من طرح سؤال على قادة الموحدة وعلى الأخص على صاحب نظرية بيضة القبان ونظرية لا في جيب اليمكين أو اليسار: لماذا سارعتم أول أمس الإثنين إلى إدانة إصابة ثلاثة طلاب يدرسون في معهد ديني في مستوطنة إيتمار، ولم نسمع منكم أي كلمة حول مواجهات القدس؟ وأنا أعذركم إذا لم تسمعوا عن المواجهات لأنكم (الله يعطيكو العافية) مشغولين في "البيضة" وفي الأصدقاء الجدد.
والسؤال الأخير الذي يطرح نفسه: هل من جدوى لطرد "الإسلامية الجنوبية" من "لجنة المتابعة"؟ بمعنى هل عملية الطرد قد تغير موقف عباس وتعيده إلى رشده أم أن عباس وباقي قيادات "جنوبيته" لا يحسبون أي حساب للمتابعة ولا لغيرها والمهم عندهم الكنيست فقط لا غير؟
وقد يقول قائل: إن إقصاء "الإسلامية الجنوبية" من المتابعة هو إجراء معنوي من جهة ومن جهة ثانية عقاب سياسي سيترك تأثيراً سلبياً على "الجنوبية" في المجتمع العربي. قد يكون ذلك صحيحاً، ونحن بانتظار موقف مركبات المتابعة.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com