كنت أعتقد بأن نتنياهو يتمتع بذكاء كبير، لأنه استطاع أن يبقى في منصب رئيس الحكومة فترة لم يسجلها أي رئيس وزراء سابق في إسرائيل. لكن اعتقادي كان خاطئاً. صحيح أنه استطاع بدهائه ومكره أن يحقق ما عجز عنه الآخرين، إلا أن أقواله في الثالث عشر من الشهر الجاري، برهنت أنها لا تنم عن ذكاء بل عن غباء. فقد قال نتنياهو:"ما يحدث في المدن الإسرائيلية خلال الأيام الأخيرة لا يُحتمل، شاهدنا مشاغبين عرب يشعلون النيران في كنس يهودية وفي مركبات ويهاجمون أفراد الشرطة ويعتدون على مواطنين أبرياء، لا يمكننا أن نقبل بهذا، هذه هي فوضى"
لا شك أن أقوال نتنياهو تأتي رداً على احتجاجات مواطنين عرب ضد ما تمارسه قوات الشرطة الإسرائيلية وفطعان المستوطنين وأتباعهم من أعمال قمع واضطهاد في حي الشيخ جراح، والعمليات العدوانية من قصف جوي وبحري ضد شعبنا في غزة والتي أسفرت لغاية الآن عن استشهاد حوالي تسعين فلسطينياً بينهم نساء وأطفال .
أنا لا أفهم ولا أستوعب رد فعل نتنياهو. يريد من فلسطينيي ألــ 48 أن يكونوا "عرب جيدون" بمفهومهم، يعني أن ينفذوا ما تريده السلطة، أي على شاكلة "العرب الجيدين الذين خدموهم عبر التاريخ منذ تأسيس دولة الإحتلال. فإذا كان في مجتمعنا العربي أقزام قبلوا بالقيام بهذا الدور، لكن في المقابل فإن الغالبية العظمى من شعبنا في الداخل هم شعب أصيل لوطنه إخوانه وهم يلبون النداء دائماً ويهبوا لتقديم الدعم والمساعدة. هذه هي الأصالة المتجذرة في الفلسطيني الأصيل وليس النذالة التي تسري في عروق العرب الجيدين ، عرب نتنياهو.
يريد نتنياهو من فلسطينيي الداخل أن يلتزموا الصمت ولا يتدخلوا لا في القدس ولا في غزة. حتى لا يريدهم التعبير عن تضامنهم مع إخوانهم، لأنهم إذا فعلوا ذلك فهم "عرب جيدون" بنظره. نتنياهو وأمثاله يتضامنون مع اليهود في كل مكان في العالم ويجلبوهم إلى الأرض الفلسطينية، وهو نفسه يريد منع الفلسطيني من التضامن مع أخيه الفلسطيني حتى ولو بالكلام. أليس هذا غباءً من نتنياهو إذا اعتقد بأنه يستطيع منع أهالي الجليل والمثلث والنقب والساحل من التعبير عن دعمهم لإخوانهم. ما هذا الهراء يا أبو يائير.
ثم يخرج إلينا وزير الداخلية ارييه درعي داعماً رئيسه نتنياهو مطالباً العرب بتهدئة الأوضاع. فقد قام درعي في الثالث عشر من الشهر الحالي بتوجيه رسالة لرؤساء السلطات المحلية في البلاد، مطالبًا "العمل بشكل صارم من اجل منع تطور الاحداث ومنع الاعتداءات على المواطنين وعلى الممتلكات العامة التابعة للسلطات المحلية". وقال في رسالته:" انتم منتخبي الجمهور، القيادة المحلية، المسؤولية تقع عليكم من اجل تهدئة الاوضاع بين المواطنين في جميع البلدات، عليكم العمل بشكل فوري بجميع الوسائل".
قوات الشرطة يا مستر درعي تقوم بواجبها في المجتمع الربي "غلى أتم وجه" ولا حاجة للسلطات المحلية. إنها تدخل في الأحياء العربية تعربد وتعتقل وتنتهك حرمات البيوت وتستخدم الغاز ضد المواطنين العرب. فماذا تريد بعد يا معالي الوزير؟ عن أي فوضى تتحدث يا درعي ؟ هل تتحدث مثلاً عن الشاب موسى حسونة الذي قتله مستوطن بكل د بارد؟ فهل كان موسى مجرماً؟ عذراً يا درعي لقد نسيت أن كل عربي هو مجرم بنظر اليمينيين وأوباش المستوطنين ويجوز قتله. إذا كان مشاهير العالم قد أعلنوا عن تضامنهم مع الشيخ جراح وغزة وأدانوا القصف الإسرائيلي على غزة وعملية إخلاء عائلات فلسطينية من منازلها في الشيخ جراح، فما بالك بالفلسطيني ؟ أليس من حقه ان يعلن عن دعمه لابن وطنه.
الممثل الأميركي، مارك روفالو، يطالب بفرض عقوبات على الاحتلال الإسرائيلي، وأطلق قبل أيام عريضة إلكترونية دعا متابعيه إلى التوقيع عليها، لأن "الوقت حان لفرض عقوبات على إسرائيل قائلاً عبر "تويتر" إن "1500 فلسطيني يواجهون الترحيل في القدس. 200 متظاهر أصيبوا. 9 أطفال قتلوا. العقوبات على جنوب أفريقيا ساعدت في تحرير شعبها الأسود، والوقت حان لفرض عقوبات على إسرائيل لتحرير الفلسطينيين"، هذا ويسعى روفالو إلى جمع مليوني توقيع على العريضة التي حصدت خلال نحو 24 ساعة، أكثر من مليون و700 ألف توقيع.
الممثلة لينا هيدي نجمة سلسلة "صراع العروش" الشهيرة، والممثلة الأميركية الإسرائيلية ناتالي بورتمان، ومغني الراب الأميركي سنوب دوغ، أدانوا الاعتداء الإسرائيلي. أما الممثلة سوزان ساراندون فقد نشرت تغريدات وجاء فيها: "هذه ليست اشتباكات، هذه قوة عسكرية فائقة التسليح تقتل مدنيين لسرقة منازلهم. هذا احتلال واستعمار".
نجم كرة القدم الأرجنتيني ليونيل ميسي ألغى المباراة الودية التي كانت مقررة بين منتخب بلاده ونظيره الإسرائيلي في القدس، صحيفة "هآرتس" نقلت تصريحات للمهاجم الأرجنتيني، غونزالو هيغواين مهاجم يوفنتوس الإيطالي ، قال فيها:" إن النجم ليونيل ميسي هو الذي دفع نحو إلغاء المباراة الودية.بسبب معاناة الفلسطينيين. هؤلاء يا مستر نتنياهو ويا مسيو درعي يتضامنون مع الحق الفلسطيني وليس مع الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطيني. ونحن في الداخل الفلسطيني فلسطينيون أصيلون وليس "عرب جيدون". بسيدر؟