من المسؤول-
"يماا اني بعدني صغيره...راحت عيني شو بدي اعمل..دمروا حياتي.."
صرخات الألم هذه التي يتفطر لها القلب سمعتها تأتي من الغرفه المجاورة لغرفه المريضه التي كنت ازورها في مستشفى رمبم ، كانت هذه الصرخات لفتاه صغيره بعمر الورود لا تتجاوز الثالثة عشر من العمر ،كانت قد فقدت إحدى عينيها من رصاصة غادرة من أحد أفراد الشرطة أو من أحد قطعان المستوطنين خلال المظاهرة التي جرت في حيفا . كانت وحيده تدور كاللبؤة الجريحه في الغرفة وهي تصرخ وتتلوى وقد تركوها لمصيرها وقدرها لا أحد يواسيها لا أحد بجانبها هي وحدها فقط تواجه مصيرها تبكي أحلاما وآمالا بمستقبل واعد كلها تحطمت وقلعت مع عينها. ومع كل الألم والحزن لم تكن الوحيدة فهناك آخرون فقدوا أعينهم في موجة المظاهرات الأخيره التي إجتاحت البلاد وكأن الشرطه أو بعض أفرادها المتعطشين للدم كانوا يتعمدون إطلاق الرصاص على العيون.
هذا المشهد المأساوي وهذه الصرخات التي تقطع نياط القلب لهذه الفتاة الصغيره والتي انهار عالمها في لحظة لا زالت تلاحقني وتدوي في اذني كالمدافع وتحز في قلبي. هذه الحالة مع الأسف لم تكن الوحيده فهناك آخرون ممن فقدوا حياتهم مثلما حدث مع الفتى محمد كيوان من أم الفحم والذي استشهد برصاص الشرطه وهو لا يزال في عمر الورود ولديه أحلام وآلام عريضه دفنت معه. والآن نتساءل من المسؤول عن كل هذا ،هل الشرطه وحدها فقط مسؤوله وماذا عن منظمي المظاهرات والداعين لها وما هو دورهم في حماية المتظاهرين وأغلبهم من الأطفال والفتية الصغار التي تملأهم الحماسه وتنقصهم الخبره،وما هي الخطوات التي اتخذوها لحماية المتظاهرين. أم هل يقتصر دورهم على ترديد الشعارات الحماسيه وانتظار وسائل الإعلام والمايكروفونات من أجل الظهور (شوفوني يا ناس).
ألم يعلموا ان هنالك أخطار تحدق بهؤولاء الصبية من بعض أفراد الشرطة الذين يتحينون الفرص للفتك بالمتظاهرين. لماذا لم يمنعوا الاحتكاك ويكونوا حاجزا بين الشرطة والمتظاهرين والسؤال الأهم لماذا الاصابات فقط في أبناء الفقراء من سيعوض هوؤلاء وهل من مجيب؟!
وبعد أن تنتهي المظاهرة يرجع المنظمين إلى بيوتهم وعائلاتهم ويبقى المصابين والجرحى لمصيرهم فهم وحدهم من يدفع الثمن .
د. علي حريب
بير المكسور