المشتركة صوتت أمس ضد مشروع قانون (الليكود) إسقاط الحكومة وامتنعت عن التصويت على مشروع آخر(شاس) لأن التصويت مع يعني شق الطريق لـ نتنياهو فورا وطبقا للقانون(تعديل حجب الثقة البناء). يبدو أن ردود الفعل الغاضبة أو المستهجنة من قبل كثيرين وبعضهم من أتباع "المشتركة" وبعضهم متابعون للشأن الإسرائيلي لم تتنبه لما يحصل في الكنيست أو يتجاهله عمدا:المشتركة منذ عام تصوت ضد مشاريع حجب ثقة عن الحكومة لأن مشاريع القوانين هذه تطرح نتنياهو بديلا وفي المقابل هي ستصوّت مع مشروع قانون مقترح لـ حل الكنيست وإسقاط هذه الحكومة بحال تم فعلا تقديمه وهناك فارق جوهري بين "حجب ثقة عن الحكومة" وبين "حل الكنيست".
ومع ذلك يتساءل البعض وبحق لماذا لم تكتف "المشتركة" بـ الامتناع أو الغياب وتبقى النتيجة دون تغيير( بقاء الحكومة بكل الأحوال)؟ الجواب بسيط : هناك عدة أسباب أولها: المشتركة(والموحدة طبعا) غير معنية بـ انتخابات جديدة وتخافها في الظروف الراهنة(هبوط غير مسبوق متوقع بـ نسب تصويت العرب وفقا لدراسات متتالية في العام الأخير) مما يهدد مستقبل القائمتين. ولذلك حينما يؤكد قادة "المشتركة" أنهم سيصوتون مع الكنيست هم يراهنون على أن الموحدة ستغيّر موقفها ولن تشارك في حل الكنيست بالتصويت مباشرة مع تفكيك البرلمان الحالي أو بتغيبها عن الكنيست. المشتركة تراهن على أن الموحدة ستعود لـ الإئتلاف وتلغي قرار التجميد حتى وإن تم تمرير مشروع قانون حل الكنيست بالقراءة التمهيدية غدا الأربعاء. الرهان منطقي تماما لأن الإئتلاف الحاكم لا يستطيع مواصلة طريقه لعدة شهور على الأقل دون الموحدة وهذه أيضا لا تريد فك الشراكة والذهاب لـ مجهول أو مغامرة الانتخابات الجديدة.
السبب الثاني: المشتركة بهذا السلوك البرلماني (التصويت ضد إسقاط الحكومة أو الامتناع) "ترّخص" بضاعة منافستها "الموحدة" وتشاركها مؤقتا وعينيا في لعب دور "بيضة القبان" لأن نجاح مشروع التأثير وتحقيق مكاسب مدنية الذي تقوده الموحدة(دون نجاح جدي حتى الآن) طالما شكل مصدر رعب لـ المشتركة التي تدرك أن تيارا كبيرا(الاستطلاعات تشي لوجود أغلبية) من المجتمع العربي يؤيد خطاب التأثير والاندماج بـ اللعبة السياسية الإسرائيلية بشكل فعال رغم التحفظات على نهج وأداء الموحدة في السنة الأخيرة. لا بأس من اقتناص المشتركة فرصة حالة التعادل بين المعسكرين الإسرائيليين المتناحرين على السلطة وهشاشة الإئتلاف الحاكم من أجل تحقيق مكاسب مهمة وحقيقية للمجتمع العربي مقابل دعم مشاريع قوانين أو عدم التعاون مع المعارضة لـ إسقاط الإئتلاف دون المشاركة فيه. لكن من حق الجمهور العربي على "المشتركة" أن تكون شفافة بذلك وألا تبقي تفاهماتها العينية مع الإئتلاف سريّة وأن تكون مكاسب حقيقية فعلا للمجتمع العربي وقضاياه السياسية والمدنية. كما تستطيع المشتركة التعلم من أخطائها بعدما أفرطت في الهجوم على الموحدة وعلى الإئتلاف دون أن تحتفظ بخط رجعة لتعاون موضعي معه كما حصل امس.
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });التجربة البرلمانية منذ ولدت المشتركة في 2015 تدلل على وجود أوجه شبه وقواسم مشتركة من نواح كثيرة بينها وبين الموحدة إن كان بالتوصيات على غانتس أو على لابيد وفي مجمل التوجهات البراغماتية في العمل البرلماني وفقدان برنامج عمل ورؤية سياسية متكاملة وترجيح كفة البرلمان على الميدان بشكل مريع.
السبب الثالث : المشتركة أو مركبّات فيها غير معنية بـ انتخابات جديدة لأن هذه تفتح الباب أمام خلافات داخلية الكل يتوقعها حول تركيبة قائمة المرشحين فهناك أوساط في الجبهة تتحفظ من منح العربية للتغيير مكانين في أول خمسة مقاعد فيما يرى التجمع رغم تراجع انتشاره الشعبي أنه "مظلوم" وبالطبع الجبهة تستعد لتعديل تركيبة القائمة الحالية.
هذا المساء يلتئم مجلس الشورى لـ اتخاذ القرار حول مستقبل الشراكة بين الموحدة وبين الإئتلاف الحاكم وبعد كل ما حصل وحاصل لم يتبق بيد الإسلامية والموحدة سوى ورقة أخيرة : الثبات على تلبية طلباتها وتطبيق الاتفاق الإئتلافي معها فورا أما العودة مقابل وعود جديدة بالتغيير يعني انتحار الموحدة وربما إصابة الإسلامية أيضا بـ جراح خاصة أن الوقت المتبقي للحكومة ليس طويلا ومخزون وقود مركبتها يشارف على النفاذ وتبدو كما في الأغنية"هالسيارة بدها دفشة". ومن غير المستبعد أن نفتالي بينيت يخطط لاستنزافها ودفعها خطوة خطوة لمغادرة الإئتلاف بعد حين كي يبقى رئيسا لحكومة مؤقتة وفقا لاتفاق الإئتلاف العام ولذا مهم اختبار نواياه باشتراط الموحدة استمرار مشاركتها ان رغبت بالرهان عليها بتلبية مطالبها الان وتطبيق وعود تلقتها ما زالت حبرا على ورق.
منذ ولادته كان الإئتلاف هشّا وجاء انسحاب رئيسته عيديت سيلمان ليزيده هشاشة وخلت الموحدة بـ نص البير وقطعت الحبل بها .. وأي هزة أمنية من شأنها أن تسقط هذا الإئتلاف الذي يتعرض للسخرية ونزع الشرعية ويضطر لإثبات العكس بالمزيد من التصعيد بالساحة الفلسطينية ... وسيسقط قريبا رغم مواقف المشتركة بل بسببها إذ أن أي حكومة إسرائيلية يعتمد بقاؤها على النواب العرب(الموحدة والمشتركة)
تبدو غير شرعية لنظر الإسرائيليين الذين ينزعون نحو المزيد من العنصرية والتطرف والكراهية. المشتركة ربما تسعف الحكومة الهجينة هذه في المرحلة الأولى بتمرير قوانين أو سد الكريق أمام نتنياهو لكنها ستصبح سببا للتحريض عليها ونزع شرعيتها .. واستطلاع القناة 13 ليلة الأمس يظهر أن 50% من الإسرائيليين يرون أنه لا شرعية لـ اعتماد الحكومة على الموحدة(رضينا بالبين والبين ما رضي فينا).
الموحدة والمشتركة المتشابهتين بجوهرهما تريدان تحاشي انتخابات جديدة لكن هذه الأمنية تتأثر بعوامل أخرى أقوى منهما وترتبط بلاعبين آخرين ومن الواضح أنها لن تطول: قيادة الإئتلاف تسعى لـ النجاة من السقوط بـ تلبية شروط ومطالب نواب "يمينا" المتشددين تارة ومنح الموحدة (وربما المشتركة الآن) ما اتفق معها تارة أخرى لكن "مش كل مرة تسلم الجرة" فالتوفيق والتسويات بين المتناقضات غير ممكنة أحيانا..وحالة هذا الإئتلاف بمرّكباته المتناقضة كـ حالة شخصين يستخدمان بطانية قصيرة خلال نومهما فكلما شد الأول الغطاء نحوه انحسر عن الآخر مما يعرضه للبرد والغضب. السقوط مسألة وقت والسؤال من يسقطها مهم لأن ذلك يحدد هوية رئبس الحكومة الانتقالية.
وحول المزاعم بأن سلوك المشتركة يعمق الأسرلة استكمالا لنهج الموحدة الجديد فالفارق بينهما موجود لكنهما متشابهتان بالكثير...بالروح البراغماتية خاصة أن مجرد المشاركة في الكنيست هي أسرلة مبدأية.... وموازنتها وكبحها وتهذيبها يتم بالعمل الجماهيري الميداني وعودة السياسة لتنظيم الجمهور واستعادة الشباب لها وهذا كله مفقود تقريبا! بدون ذلك تبقى معادلة الوطن والمواطنة مختلة لصالح الأخيرة وهي الأخرى حتى الان مترنحة وهجينة كالإئتلاف الحاكم. وربما حان الوقت لمناقشة فكرة الاستراحة من الكنيست لولاية واحدة.. والخوف من إشغال الفراغ من قبل جهات متأسرلة وعكاكيز سلطة لا يبرر تحاشي خوض هذه التجربة وهي تنطوي على رافعة ضغط على اسرائيل وديموقراطيتها المكرسة لليهود اولا!
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio