هنالك جملة مشهورة عند العوام من النّاس من الحجّاج، وسمعتها كثيرًا من عوام الناس أثناء وجودي في موسم الحجّ عدّة مرات، وهي قول الحاج "أنا حججت على السُّنّة"، ويقصد بذلك أنه قلّد أفعال رسول الله ﷺ في الحجّ، وخاصّة في المبيت في مِنى أو الرّمي عند الزّوال. والعوام من النّاس لا يعرفون مفهوم السُّنّة ومعنى السُّنّة، وعليه ينبغي توضيح هذه المسألة.
فالسُّنّة: أقوال النبي ﷺ وأفعاله وتقريراته وصفاته الخِلْقِية والخُلُقية. فقول النبي سُنّة، وفعله سُنّة، وإقراره سُنّة. وليس فقط فعله سُنّة، وحصر السُّنّة في أفعال الرسول ﷺ. وإهمال أقواله جهل في الدين، فمن يحصر سُنّة رسول الله ﷺ في أفعاله ويلغيها في أقواله فهو محض جاهل ينبغي أن يتعلم.
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });وفي الحجّ، فإنّ سُنّة رسول الله ﷺ الفعلية هي ما فعل من أفعال ومناسك. وسُنّة رسول الله ﷺ القولية ما قال وأجاب عن الأسئلة. وما سئل النبي ﷺ عن شيء قدّم ولا أخّر من أعمال الحجّ إلا قال للسائل: (افعل ولا حرج). فما أقرّه رسول الله ﷺ هو من السُّنّة، وما قاله أيضًا من السُّنّة، وما فعله أيضًا من السُّنّة، وما قاله للآخرين وإن لم يفعله هو فهو من السُّنّة، بمعنى: إن رمى الرسول ﷺ في الزّوال فهو سُنّة، وإن قال لغيره من الصحابة لمن تأخّر في الرّمي: "ارمِ ولا حرج"، فالقول أيضًا سُنّة، لأنّه قاله، فأصبح سُنّة. وقد ثبتت سُنّة رسول الله ﷺ فيما صحّ من الأحاديث وما رواه البخاري أنَّ رَسولَ اللَّهِ ﷺ وقَفَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ بمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءهُ رَجُلٌ فَقالَ: لَمْ أشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أنْ أذْبَحَ؟ فَقالَ: اذْبَحْ ولَا حَرَجَ، فَجَاءَ آخَرُ فَقالَ: لَمْ أشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْلَ أنْ أرْمِيَ؟ قالَ: ارْمِ ولَا حَرَجَ، فَما سُئِلَ النبيُّ ﷺ عن شيءٍ قُدِّمَ ولَا أُخِّرَ إلَّا قالَ: افْعَلْ ولَا حَرَجَ. (رواه البخاري). وعَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (كان النبيُّ ﷺ يُسأَلُ يومَ النَّحرِ بمِنًى، فيقول: لا حَرَجَ، فسأله رجلٌ، فقال: حلَقْتُ قبل أن أذبَحَ؟ فقال: اذبَحْ، ولا حَرَجَ، وقال: رَمَيْتُ بعدما أمسَيْتُ؟ فقال: لا حَرَجَ) (البخاري: 1735) واللفظ له، ومسلم (1307).
أليس قول الرسول ﷺ سُنّة وإقراره سُنّة؟ فاحذروا أيّها الحجّاج من إلغاء أقوال الرسول ﷺ وتوجيهاته في الحجّ، واحذروا من حصر السُّنّة في أفعال الرسول ﷺ فقط.
الشّيخ رائد بدير
رئيس دار الإفتاء والبحوث الإسلاميّة في الدّاخل الفلسطيني
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio