بعد الأجتياح الأسرائيلي الغاشم لقطاع غزة , كانت هناك ظاهرة أرتداء للكوفية الفلسطينية بين فئات الشباب وطلاب المدارس في المظاهرات داخل مناطق ال 48 , وذلك كتعبير عن هويتهم الفلسطينية وأنتماءهم للشعب الفلسطيني الذي تنفذ فيه أبشع المجازر الهمجية . ولأن فلسطيني ال 48 يعيشون في أزدواجية بين هويتهم الفلسطينية ووجودهم كمواطنين في دولة أسرائيل , رأو في الكوفية أمتداد لتواصلهم الفلسطيني الفلسطيني في كل أماكن تواجدهم. لكن ما دعاني لكتابة هذا المقال, ليس ظاهرة أرتداء الكوفية أو الحطة فحسب , وأنما الصور التي وصلتني من أحدى الزميلات والتي تظهر فيها الحطة بأشكال مختلفة كان اّخرها تلك الحطة المكونة من لونيين الأزرق والأبيض وبشكل نجمة داوود ، وهنا تأكدت أن القضية ليست قضية صرعة أو موضة وأنما " لغاية بنفس يعقوب".وهنا تساءلت , ألا يكفي ما سرقوه من خيرات بلادنا ؟. ألأ يكفي أنهم سرقوا الفلافل ليصبح في قائمة الماكولات الأسرائيلية العالمية ," لقمة سليمان ".!ألا يكفي أنهم سرقوا " المغربية أو المفتول ", لتصبح ضمن قائمة منتوجات شركة " أوسم الأسرائيلية ". ! وقائمة الأحتكار طويلة شملت الحلويات والمأكولات وألأزياء والدبكة وغيرها …أذكر وضمن مشاركتي في أحدى الندوات في مدينة رام الله كيف وقفت السيدة مها السقا المختصة بالزي الشعبي الفلسطيني , وعلقت على ما فعلنه مضيفات شركة العال من سرقة " لثوب الملك " الزي الشعبي لمدينة بيت لحم وأرتداءه كزي شعبي اسرائيلي , لكن اليقظة والتوجه للمؤسسات الدولية والأعلام والمواجهة, جعلهن يتنازلون عن الفكرة فأعيد الثوب لأصحابه الأصليين ..ماذا بعد ؟ بعد هذه المقدمة لا بد وأن نذكر أن تراثنا الفلسطيني والذي يعود بتاريخه الى الحضارة الكنعانية والى تلك الحضارات التي أعقبتها , مرتبط أرتباطا وثيقا بالأنسان الفلسطيني وبرصيدةالثقافي , التاريخي والحضاري.أن فلسطين ذات حضارة عريقة , فأن ما أنتجته من ثقافة تراكمية على مر العصور بين ما هو مستجد ( مكتسب ) وبين ما هو موروث , ناتج عن تماسك حلقات هذا المجتمع والتي تتناغم فيه قدراته المعرفية والفنية و خبراته الأجتماعية والمادية ورموزه المختلفة, هذه الرموز التي تركها لنا في عاداتنا وتقاليدنا , في المعابد والطقوس الدينية والزي الشعبي حتى أصبحت جزء لا يتجزء من تاريخه وحضارته.اليوم وفي ظل هذه الظروف المعقدة , تصبح الكوفية الرمز الفلسطيني مصدر أزعاج وأستفزاز للمؤسسة الأسرائيلية خصوصا أولئك الذين يسهرون على تذويب هويتنا الفلسطينية , حيث قام المصممان الأسرائيليان " جابي بن حاييم " وزميله " موكي هرئيل " بتصميم الكوفية الفلسطينية المعروفة تاريخيا بألوانها الأبيض والأسود , بألوان العلم الأسرائيلي الأزرق والأبيض وبشكل نجمة داوود , وبألوان أخرى منها الأصفر , الأخضر والبنفسجي ....أن هذه التصاميم الجديدة للحطة الفلسطينية جاءت بأعتقادي كرد فعل للدور الذي تلعبه الحطة في الحفاظ على الذاكرة الفلسطينية الجماعية بين أفراد الشعب الواحد. ليس هذا فحسب , بل أصبحت رمزا ثوريا لكل حركات التحرر الوطني والحركات الراديكالية في العالم . أمابداية رمزيتها , فتعود لبداية الثورة الفلسطينةالتي أشتعلت بين الأعوام 1936-1939 م. حين بدأت المقاومة الفلسطينة في العمل المسلح ضد الأستعمار البريطاني . وبعدها حين أصبحت رمزا للفدائي الفلسطيني في السبعينيات من القرن الماضي .وأزدادت شعبيتها ورمزيتها أكثر وأكثر حين أعتمدها الزعيم الراحل ياسر عرفات غطاء لرأسه فأشتهر بكوفيتة وطريقة تنسيقها بشكل يشبه خارطة فلسطين .وأستمدت رمزيتها العالمية في الأنتفاضة الأولى عام 1987م لتصبح رمزا عالميا . وما أن بدأ ت الحرب على غزة حتى أنتشرت كأنتشار النار في الهشيم بين كل المتظاهرين في كل أرجاء المعمورة فكانت الرمز الأكثر دلالة للتضامن مع الشعب الفلسطيني . في معترك هذا الصراع الفلسطيني الأسرائيلي , يدرك الاّخر أن هذه الرموز تصبح مقلقة فيحاول طمسها وتذويبها وتغيبها على أمل أن تفقد هويتها ورمزيتها واليوم وفي خضم المسيرات والمضاهرات.أقول لكل من يلبس الحطة الفلسطينية , أن حافظوا على رموزكم وهويتكم , حافظوا على الحطة الفلسطينية بلونيها الأبيض والأسود من السرقة والضياع والطمس , ولا تنقادوا وراء بهرجة الألوان والأصباغ التي تغير من رمزيتها .
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio