تحت عنوان "ماساة لم ترو بعد" نظمت جمعية "يذكرن" (زوخروت)الاسرائيلية جولة ميدانية في الجولان السوري المحتل بمشاركة نحو مائة من الناشطين من اليهود والعرب والاجانب بهدف الاطلاع على قصة التدمير والتشريد التي تعرض لها سكان الهضبة جراء اجتياحها في حزيران 1967. وتندرج هذه الفعالية ضمن منظومة من الفعاليات المشابهة التي تنظمها الجمعية بهدف تعريف الاسرائيليين على الرواية التاريخية الفلسطينية وعلى النكبة ودلالاتها وهي تشمل بضع مئات من الاعضاء والاصدقاء. وقد تاسست الجمعية من قبل مجموعة نساء اسرائيليات في العام 2002 وقد افتتحت اخيرا مركزا للنكبة في تل ابيب يشارك في احياء فعالياته نشطاء يهود وعرب منهم رنين جريس وعمر اغبارية.
مرج الدموع وخلال الجولة التي تولى فيها عملية الارشاد ناشطون محليون الى جانب مسؤولين من "يذكرن" تمت زيارة قرية الخشينية المهدمة وتوقف الزائرون عند مسجدها اليتيم و"المرصع" بالعيارات النارية. وكشف الكاتب سلمان فخر الدين عن قيام عاموس جيتاي وهو مخرج اسرائيلي لاحراق واجهة المسجد باطارات مطاطية لغرض تصوير فلمه نهاية العام الماضي ما الحق المزيد من الاضرار للفيلم. كما تجول الزائرون بين جنبات ومنازل بازلتية لقرية الرمثانية المهدمة والمحاطة باشجار التين والكرمة والزيتزن وقبالة مدينة القنيطرة المهدمة وقف الزائرون ينظرون بعيون مشدوهة الى اكوام الركام في القنيطرة فيما اشار المؤرخ كاتس ان المدينة قد دمرت عمدا معتبرا اياها "هيروشيما الشرق الاوسط".ونوه كاتس الى السهل المترامي قبالة المدينة من الجهة الغربية والذي يسميه الاسرائيليون "مرج الدموع" او البكاء بسبب كثرة القتلى التي تكبدوها في حرب تشرين عام 73 الحرب التي تهدمت فيها القنيطرة ايضا.ولفت كاتس ان "يذكرن" لا تزال تسبح ضد التيار الصهيوني لافتا الى انها نجحت اخيرا في اثارة الوعي وتسليط الضوء على الرواية الاسرائيلية الكاذبة حول اصول الصراع على هذه الديار، واضاف "يوما عن يوم تزداد الاسئلة حول صدقية الروايات التي تلقاها الاسرائيليون في المنزل والمدرسة والجيش وهذا هو هدفنا لانه بدون الاعتراف بمسؤوليتنا عن ماسي ونكبات الاخر لن يحل السلام هنا".
الكرز والتفاح ثمرات الصمودوكانت الجمعية قد وزعت كتابا خاصا، ماساة لم ترو بعد، بالجولان (شارك باعداده وتحريره ندى متى وسليم ابو جبل وتيسير مرعي وايمن ابو جبل ونبيه عويدات وياسمين ظاهر) هو نتاج تضمن قصة دمار المدن والقرى العربية فيه اضافة الى شهادات حية من مهجرين ولاجئين سوريين باللغات العربية والعبرية والانجليزية. ووفق معلومات "يذكرن" فقد تم تهجير 96 % من سكان الهضبة السورية والبالغ عددهم وقتذاك 153 الف نسمة، من بينهم 15 الف لاجىء فلسطيني،عاشوا في 275 مدينة وقرية ومزرعة لم يبق منهم سوى سبعة الاف في قرى شمال الهضبة، مجدل شمس ومسعدة وبقعاتا وعين قينيا والغجر التي يعيش فيها مجتمعة اليوم 20 الف مواطن عربي. ولفت كتاب "يذكرن" الى اقامة 33 مستوطنة على انقاض القرى المدمرة في الجولان والى استغلال مقدراته وخاصة الثروة المائية والمراعي قبل ضمه رسميا في 1981.وكانت جمعية "الجولان للتنمية" في مجدل شمس قد استقبلت الزائرين وقام مندوبوها الكاتب سلمان فخر الدين وايمن ابو جبل والدكتور تيسير مرعي بتقديم الشروحات الوافية حول المكان تاريخيا وجغرافيا الى جانب قصة ثبات وصمود الباقين من السكان بفضل اصرارهم واستغلالهم كل شبر ارض لزراعة التفاح والكرز لتامين استقلالهم الاقتصادي. وفي كلمته اشار الناشط في "يذكرن" المؤرخ تيدي كاتس ان الزيارة هدفت الى اخراج الماساة الانسانية في الجولان الى حيز الضوء والمعرفة راجيا ان يسهم ذلك بانهاء الاحتلال واعادة المهجرين الى اراضيهم. يشار الى ان الجولان يمتد على 1860 كم مربع، 1000 كم منها احتل عام 67 وتتفاوت ارتفاعاته من 15 متر فوق سطح البحر في جنوبه و 2500 مترا في شماله( جبل الشيخ).
بين اللد والخرطوم وفرانكفورت ومجدل شمسوطاف الزائرون بين ازقة وجنبات قرية الرمثانية المهدمة والتي تناثرت بين منازلها الحجرية السوداء اشجار التوت والتين والجوز التي تقف شاهد عيان على خصوبة المكان وقوة نبض الحياة التي اوقفتها مدافع الاحتلال منذ عام 67.في حديث لـ"كل العرب" قالت الناشطة بيروت عيسى من مدينة اللد ان مشاهد القرى المدمرة تجمعان سوريا وفلسطين في بوتقة واحدة واضافت "رغم المعلومات المسبقة يظل الحكي مش زي الشوف.. مناظر الطبيعة في الجليل والجولان تسحرني لكن اثار التهجير فيهما مفجعة ومريعة وفي سري تسري المسرة وانا التقط ثمرات التوت الابيض في الرمثانية لانني في ذلك اسّد ولو واحد بالمائة من غيبة احصاب المكان المهجرين". وهذا ما اكدته ايضا المحامية من اصل سوداني ( ولدت في الخرطوم) والمقيمة في كندا اشنكوج مغوك والتي لفتت انها استغلت زيارتها للبلاد لغرض الدراسة فشاركت لاول مرة في جولات "يذكرن". وافادت الشابة السودانية انها شاركت بالجولة ضمن بحثها موضوع العلاقات العربية-اليهودية في حيفا ولفتت الى ان العلاقات بين ابناء الشعبين في المدينة جيدة واضافت بلهجتها السودانية (المصرية): "الناس هنا حلوين مع بعضهم البعض".
وقالت المتطوعة الالمانية سوزان من فرانكفورت والعاملة في جمعية الجليل انها تشارك في مثل هذه الجولات للاستزادة في المعرفة لافتة الى ان المشاهدة تستبطن بعدا اخرا لا توفره القراءة حول الموضوع .