1. تبدو أحلامنا في السلام والمصالحة في الأرض المقدسة ضربا من المحال. وبالرغم من الجهود المشكورة من قبل السياسيين وذوي النوايا الحسنة لإيجاد حل للصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فان الواقع الأليم يتناقض مع أحلامنا. هنا بعض الأمثلة :
أ) الفلسطينيون ما زالوا بدون دولة تمكنهم من أن يعيشوا في سلام ووئام مع جيرانهم الإسرائيليين. وما زالوا يعانون من الاحتلال وصعوبة الوضع الاقتصادي، وتدمير المنازل في القدس الشرقية والانقسامات الداخلية. والآلاف من الأشخاص الذين يعيشون في القدس أو غزة أو في الأراضي الفلسطينية في انتظار لم شمل عائلاتهم. وبعد سنة من الحرب على غزة، ما زال القطاع يعاني من حصار اقتصادي وانعدام حرية الحركة من وإلى غزة، ومن تلوث مقلق لمياه بحرها، مما يعرض للخطر صحة 1.500.000 مواطن، منهم 50 ٪ تحت سن 14 سنة.
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });ب) والوضع النهائي لمدينة القدس لا يزال قيد المناقشة. تغييرات كثيرة تجري في المدينة المقدسة قد تؤثر على دعوتها الخاصة كمدينة شمولية تجمع الديانات الثلاث وشعبين. في الواقع، القدس مدعوة إلى أن تكون مدينة للتعايش السلمي بين سكانها. ولكن للأسف، الواقع يخالف الحقيقة. فباحة الأقصى شهدت مؤخرا مواجهات بين متطرفين يهود حاولوا اقتحام الحرم الشريف والشبان الفلسطينيين الذين كانوا يدافعون عنه. ولا يمكن التقليل من أهمية هذه الأحداث والاستهتار بأبعادها الداخلية والدولية.
ج. يعيش الإسرائيليون في ظل خوف كبير يمنعهم من اتخاذ قرارات شجاعة لوضع حد للصراع. الجدار الفاصل هو مظهر مادي يجسد هذا الخوف. من جانب آخر، لدينا أمل قوي في أن عملية تبادل الأسرى بين الإسرائيليين والفلسطينيين ستنجح وستعطي أملا للفلسطينيين والإسرائيليين. وكلنا يشعر بالإحباط بسبب تأخير هذا التبادل.
2. ومع ذلك، أملنا لا يزال حياً. الأمل هو "القدرة على رؤية الله في خضم المتاعب والصعوبات، وهو الذي يشجعنا على تغيير الواقع الذي نعيش فيه. الأمل لا يعني الاستسلام للشر، وإنما مقاومته". (إعلان كايروس، 2009) وفي الأرض المقدسة، ليس كل شيء موضع يأس. هناك الكثير من علامات الأمل نذكر بعضا منها:
أ) تجميد جزئي في بناء المستوطنات وإزالة خمسين حاجزا داخل الضفة الغربية. هذا القرار من الجيش الإسرائيلي قد أدخل تحسنا ملحوظا على حرية تنقل الفلسطينيين بين المدن والقرى وربما سيحسن الوضع الاقتصادي. ذلك لا يكفي، وإنما يشكل خطوة إلى الأمام. نأمل أن تتبعها خطوات أخرى قريباً. ومن ناحية أخرى، فإن الفلسطينيين هم أكثر وأكثر ميالون للتعبير عن ذاتهم من خلال مقاومة غير عنيفة. كلها إشارات ايجابية في الاتجاه الصحيح.
ب) الكرم من جانب المجتمع الدولي : الدعم المالي من المجتمع الدولي هو باعث قوي على الأمل. بعد حرب غزة، خرجت إلى حيز الوجود سلسلة تضامنية من جانب الحكومات والكنائس والأفراد. نشكر جميع الجهات المانحة ونعدهم أن نصلي من أجلهم في عيد الميلاد.
ج) زيارة قداسة البابا في أيار 2009: استُقبل البابا بنديكتوس السادس عشر بحفاوة في الأردن وإسرائيل وفلسطين. ونعبر عن عظيم شكرنا لحكومات الدول الثلاث. وقد جاء قداسته إلى هنا حاجاً من أجل السلام والمصالحة. ومما قاله: "لا لسفك الدماء! لا للقتال! لا للإرهاب! ولا للحرب! بدلا من ذلك دعونا نكسر الحلقة المفرغة من العنف". ويمكننا أن نضيف: لا لمعادة السامية، ولا للخوف من الإسلام وربطه بالارهاب. وبكلمات مماثلة، توجه إلينا قداسة البابا خلال زيارته وخطاباته المختلفة والمبادرات التي قام بها من أجل تعزيز الحوار بين الأديان والحوار المسكوني، والدعوة الى المصالحة والعدالة في الأرض المقدسة. ونحن نواصل قطف الثمار من زيارته. ومنها:
1) وصول أعداد ضخمة من الحجاج. في أكتوبر الماضي ، حسبما ذكرت وزارة السياحة الإسرائيلية ، 330.000 حاجا زاروا الأراضي المقدسة. وسيكون العام 2009 مساويا لعام 2000 ، الذي سجّل رقما قياسيا في تاريخ الحج، مع قدوم 2،700000 حاج وسائح.
2) بناء مستشفى جديد للأطفال في بيت لحم يحمل اسم بنديكتوس السادس عشر ، وذلك بتمويل من مؤسسة يوحنا بولس الثاني والكنيسة الايطالية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني في ايطاليا.
3) جامعة مادبا في الأردن : بارك البابا بنديكتوس السادس عشر حجر الأساس خلال زيارته الأخيرة. مثل هذا المشروع سوف يمثل مساهمتنا في رفع مستوى التربية والتعليم تاما كما نفعل في جامعة بيت لحم.
4) بناء مشروع سكني في القدس لـِ 72 عائلة من الأزواج الشابة: القدس الشرقية تعاني من نقص حاد في السكن. تصاريح البناء تعطى بصعوبة والبناء مكلف. هذا المشروع يجب أن يكون رائداً لمشاريع أخرى.
5 ) إن القرار الشجاع الذي اتخذه بنديكتوس السادس عشر باستدعائه لسينودوس حول الشرق الأوسط في أكتوبر 2010 سوف يتيح لنا الفرصة للتركيز مرة أخرى على التحديات الكبيرة التي تواجه الكنائس في الشرق الأوسط.
6) تطويب الأخت ماري ألفونسين. تطويبها يعني الاعتراف بها مثالاً للفضائل البطولية وشفيعة لنا. و تأتي أهمية هذا الحدث من حقيقة أن هذه الأخت ولدت في القدس على مسافة أمتار قليلة من البطريركية اللاتينية. وقد خدمت في القدس وبيت لحم ومدن أخرى من الأرض المقدسة والأردن. إنها مثال يحتذى به وشفيعة قوية. سيكون لها عيد سنوي في التقويم. في الـ 19 من تشرين الثاني كلّ سنة سوف نحتفل بعيد الطوباوية ماري ألفونسين غطاس.
الخاتمة: أفضل هدية نسعى إليها، هدية تسمو على المال والثروة ، هي السلام. إنها أمنية جميع سكان هذه الأرض: الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء. السلام هو هبة من الله لذوي الإرادة الحسنة. وعلينا أن نستحقها. نحن متأكدون أن هناك الكثير من الرجال والنساء ذوي الإرادة الطيبة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. نصلي من أجل السلام ومن اجل أن تتحقق الرؤية الجميلة التي وردت في سفر اشعياء: "ويكون في آخر الأيام، أن جبل بيت الرب يوطد في رأس الجبال، ويرتفع فوق التلال، وتجري إليه جميع الأمم... ويحكم بين الأمم، ويقضي للشعوب الكثيرين، فيضربون سيوفهم سككا، وأسنتهم مناجل. فلا ترفع أمة على أمة سيفاً، ولا يتعلمون الحرب من بعد"(أش 2 : 2-5). عيد ميلاد مجيد وسنة جديدة مباركة لكم جميعا.
† البطريرك فؤاد الطوال
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio