قد فاجأني عند عودتي إلى البلاد ، بعد عشرين عاما من الاغتراب في أمريكا ، تقبل الأهالي وأولادهم الاستشاره النفسيه وارتياد عيادتي في قلنسوة ، كان قد راودني الشك في تقبل أهلنا لخدمات أخصائي نفسي وتربوي في مجتمع محافظ كان في الماضي يرى فيمن يستعين بأخصائي نفسي وكأنه "مجنون".
ان هذا التحول بحد ذاته ظاهره صحيّه تدل على تغيير المفاهيم وتضيف لمجتمعنا مناعة وعافيه .
في هذه الزاوية سأقوم بنشرما اجده مفيدا للقراء من تساؤلات يواجهها الطلاب وأهاليهم علني اقدم بعض الخدمه لمجتمعنا الحبيب افرادا و جماعات.
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });
حدث مؤخرا
في صباح احد الأيام استقبلت مكالمه من ام في صوتها رجفة ظاهره ، وكأنها قد خرجت لتوها من حالت مريعة , قالت : "ابنتي في الابتدائي فجأه ترفض خلع الجربان من قدميها، ولا تطيق فراقي, وترفض النوم في سريرها. تأتي الى سريرنا في منتصف الليل، وهي تنتفض رعبا وتتصبب عرقا باردا. لقد بدأت تشكو مؤخرا من آلام في المعدة ,و احيانا تبلل سريرها اثناء النوم مما دعاني الى التوجه اليك".
كما هو الحال عند توجه شخص ما الى اخصائي نفسي، بدأت بجمع ما امكن من معلومات عن خلفية البنت والعائله وما اذا كانت الطفله قد عرضت على طبيب العائلة و ماذا قال .لقد تبين ان الطبيب لم يجد اية مشكلة جسدية عند الطفلة كذلك لم يحصل أي جديد في البيت كميلاد او وفاة او ازمة ما. اما العلاقات الاسرية فجيدة ولم يطرأ أي تغيير عليها.
لقد حضرت البنت بصحبة امها الى مقابلة شخصية حيث اكدت البنت ما قالته الام عن البيت والعائله وعن احوال العلاقات المتبادله فيه. اما عن المدرسة فأجابت البنت ان الامور في المدرسة تسير على ما يرام.
الموت وما بعد الموت!!!
الا ان ما يلاحظ هو انه قد تبين بعد وقت قصير ان التغير في سلوك البنت قد حصل في المدرسه ليس بسبب ازمة ما مع مدرس او تلميذ اخر... ان من ظواهر خوف البنت من الظلمة ومن النوم في سريرها المنفرد واسرارها على عدم خلع الجربان كان بعد درس الدين الذي كان موضوعه الموت وما بعد الموت!!! فقد قيل في الصف ان الروح تخرج عند الموت من اصابع الاقدام..فاستعملت البنت الجربان حاجزا يمنع خروج الروح! اسهبت المعلمه بوصف يوم القيامة والحساب والموت واشكاله وعن ملك الموت وأطالت مفصلة عن "رجل ذي عين واحدة ورجل واحدة ويد واحدة يقطف ارواح الناس" وان الروح تخرج احيانا من الحلق واحيانا من اصابع الاقدام ..."
قيل ايضا ان النوم على اليد اليمنى يمنع الاحلام والكوابيس وقيل ان الحل لكابوس هو البصق على اليد اليسرى. فهذا يمنع الاحلام البشعة والكوابيس المخيفة.
لقد وقع هذا الوصف- الذي استمر لمدة اسبوع- على البنت وكأنه مسلسل رعب يصف تفاصيل مصورة عن الموت وعن يوم القيامة وقد تخلله مقتطفات عن عذاب القبر وكله بنية تعليم الدين الاسلامي.
الى هنا هذه الحاله.
عندها تساءلت أهو منهاج للصفوف الابتدائية المقرر أم أنه اجتهاد فردي للمعلمة. للاجابة على هذا السؤال ذهبت افحص كتاب الدين الابتدائي وكما توقعت لم اجد في الكتاب فصلا مقررا عن عذاب القبر الامر الذي يدل على واحده من اثنتين:
اما أن يكون هذا اجتهادا من المعلمة التي تسلحت بالنية الحسنه الا انها لم تكلف نفسها التساؤل ما اذا كان هذا الوصف مناسبا للاطفال بهذه السن وما هو الاثر النفسي الذي يقع عليهم جراءه. وهنا اتساءل هل يجوز اجازة مثل هذه المعلمه التي تفتقر الى الحس التربوي ولا تعي وقع ما تقول ولا تفهم السياق الذي هي فيه؟
او ان يكون هذا عملا مقصودا يهدف الى "اصلاح ما فسد من اخلاق طلاب المرحلة الاب" ودعوتهم الى الدين فقد "ارتدوا" عن الاسلام!!! وفي هذه الحالة ايضا قد ضلت.
ملاحظة لمعلمينا
من المؤسف أن يقوم بعض المعلمين وبمعرفة الادارة من اتخاذ نهج الترهيب في تعليم الدين الاسلامي وهو الذي يعتمد الى الترغيب لا على الترهيب لسماحة مبادئه ومفاهيمه المنورة.
معلوم أن الحديث عن الموت يختلف تأثيره ووقعه تبعا للسامع, سنه, وخلفيته الاجتماعية والتربوية. ومن غير الخوض في تفاصيل ذلك, الا انه من غير المختلف فيه انه لا حاجة لطرق هذا الموضوع مع السن المبكره. اما ان كانت لحالة وفاة شخص قريب فالافضل الاستعانة بخبرات الاخصاْءيين.
لقد اختلفت الاراء علميا وتباينت المجتمعات بما يتعلق بهذا الموضوع ففي الغرب اقترح البعض اصطحاب الصغار الى الدفن خاصة وان عملية الدفن هنا تختلف عنها في مجتمعنا. فهناك يترك التابوت لشركة تقوم بعملية الدفن، وفي حالات اخرى تكون عملية الدفن للتابوت وهو مغلق الامرالذي يجعل وقعها اقل وطأة على الصغار منها في مجتمعنا.
اما بما يتعلق بيوم الحساب، فمن المفضل ان يمر المعلم على هذا الموضوع مر الكرام وبلا شرح وافٍ ووصفٍ مفصل خاصة وهو ليس مقررا في مناهج الدراسه.
مع فائق الاحترام لجزء كبير من معلمينا لما يقومون به من أداء الواجب الا انه يتوجب عليهم ان ينتبهوا للآثار السلبيه لاستخدام الترهيب والخوف مع الصغارالذين لا يملكون القدره الكافيه للتعامل مع الخوف. اما هؤلاء الذين يستخدمون التخويف كوسيلة لضبط الصف فانهم يضرون ضررا فادحا ويزرعون الرعب في نفوس الصغار.
انا في شك ان المعلمه الوقور لموضوع الدين تعي مدى عمق الضرر النفسي الذي سببته لهؤلاء الاولاد. فان الاسلام نفسه لا يجيز ترويع صغاره بل يريدهم جيلا قوي الشكيمه, شديد العزم, سديد الرأي, جيلا يؤمن بالله الواحد برغبة واقناع لابالخوف والترهيب.
دكتور نزيه ناطور - دكتوراة بعلم النفس التربوي من جامعة هاوارد – واشنطن دي-سي امريكا وحامل اللقب الثاني بالتربيه الخاصه من نفس الجامعه, محاضر وأخصائي نفسي, مدير "مركز الدكتور نزيه" للتشخيص التربوي والاستشاره النفسيه في قلنسوه.
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio