٭ انها مناظر تمزق القلوب، من بقي على قيد الحياة صاح من داخل الحافلة المنقلبة طالبا النجدة ٭ الاسعاف المصري وصل بسيارتين بعد ساعتين من الحادث ولو توفرت الاسعافات في الحال لكان بالامكان انقاذ حياة البعض
سيبقى جرح الحادث المأساوي بالقرب من نوبيع في شبه صحراء سيناء مفتوحا مدة زمنية طويلة. فالمأساة - التي اودت بحياة الابرياء الذين عادوا لتوهم من رحلة استجمامية - تحولت في لحظات الى نار اكلت قلوب من بقي على قيد الحياة من العائلات المكلومة. الشهادات الحية للحادث المروع تقشعر لها الابدان، ومن بين الشهادات المثيرة، شهادة الممرضة مريم شلبي، من قرية سولم، والتي تعمل في قسم الامراض الداخلية في مستشفى العفولة منذ عشر سنوات. كانت من بين اوائل الذين وصلوا الى مكان الحادث ولكنها لم تتمكن من فعل الكثير، نتيجة لانعدام المستلزمات الطبية وغياب رجال الانقاذ والاسعاف المصريين، الذين وصلوا الى المكان بعد وقوع الحادث بساعتين، كما روت لنا مريم، التي تابعت تقول: " استقليت الحافلة التي سافرت خلف الحافلة التي تعرضت للحادث المأساوي، وخلال سفرنا سمعت رجال الامن المصريين يتحدثون بين بعضهم عن وقوع حادث وان المصابين هم من عرب (48) وان سائق الحافلة في حالة من الهلع، لان المسافرين في حالة اغماء، انا شخصيا بدأت استعد لتقديم المساعدة الاولية. وصلنا الى مكان الحادث بعد ربع ساعة من وقوعه وجزعت من هول ما رأيت، فقد سقطت الحافلة في واد يبلغ عمقه حوالي(50) مترا، حيث لا ووجد للحواجز على جنبات الطريق. فلو وجدت هذه الحواجز، لما سقط الباص الى الوادي".وتحدثت مريم عن احوال المصابين عندما وصلت الى الباص فقالت: "رأيت مناظر رهيبة جدا وصعبة، مناظر تمزق نياط القلب. فقد تناثرت الجثث على الصخور، وكانت هناك ضحية طارت على بعد (100) متر من الباص، ورأيت طفلا صغيرا تحت عجلات الباص، واحشاء ضحية اخرى على مقربة من الباص. وكان هناك الكثيرون ممن علقوا داخل الباص طالبين النجدة والمساعدة، ولكن، لم يكن بامكانهم الخروج".واكدت مريم في حديثها معنا انه حال وصولها لم تكن هناك سيارات اسعاف مصرية ولا رجال انقاذ، فقد تم نقل الجثث والمصابين في سيارات الخضار التي تواجدت في المكان واضافت: "لم ار طاقما للعلاج، والذين قدموا العلاج هم من المسافرين، وقد حاولت ممرضة اخرى مساعدتي في تقديم العلاج وكان هناك طبيب اجنبي، لكن لم يكن باستطاعتنا تقديم الكثير، ووجدنا ان جميع من وصلنا اليهم كانوا قد فارقوا الحياة. لقد حاولنا انقاذ حياة سيدة الا انها فارقت الحياة نتيجة لانعدام المستلزمات الطبية لتقديم العلاج الاولي. باعتقادي، لو توفرت الاسعافات الاولية لكان بالامكان انقاذ حياة البعض واضافت: "صحيح ان الحادث قاس جدا، ولكن لو وصلت سيارة الاسعاف خلال فترة وجيزة لكان بالامكان تقديم المساعدة وابقاء بعض المصابين على قيد الحياة. وبعد ساعتين من وقوع الحادث وصلت الى المكان سيارتي اسعاف مصريتين ققط. كان باب احداها معطلا وبدون اجهزة طبية. لقد رأيت شبانا من المسافرين يحاولون الحفر تحت الباص لرفعه، لكنهم لم يتمكنوا". وروت مريم لموقع "العرب" ان الباص الذي سافرت فيه هي، لم يكن على ما يرام ايضا، فقد توقف على جوانب الطريق كثيرا، لارتفاع درجة حرارة المحرك وهو لم يكن مزودا بمكيف هواء. وبودي ان اقول ان السائق كان متهورا بسياقته واستجديناه بان يسوق ببطء، وبعد الحادث اجبرنا السائق بان يسوق بحذر وعلى مهله. واوضحت مريم بان رجال الشرطة المصريين لم يتعاملوا مع جثث الضحايا بصورة محترمة، فقد رموها داخل السيارات رميا، كذلك لم يراعوا حرمة النساء اللواتي لقين حتفهن.واشارت مريم الى انها زارت المصابين في المستشفى وانها صدمت من هول ما رأت، فقد انعدمت الامكانيات في المشفى، فلا وجود للاجهزة الطبية ملائمة، الامر الذي صعب تقديم المساعدة الطبية فقد عمل الاطباء هناك بصورة بدائية. واكدت ان من اجرى اتصالا مع المستشفيات في نوبيع او في الشرم تلقى معلومات كاذبة، حيث اشاروا الى بعض الاسماء انها تلقت العلاج، وغادرت المستشفى والحقيقة كانت عكس ذلك، وهكذا فعلوا مع اهالي ضحايا كفرمندا ومع اهل الضحية من عيلبون.وانهت مريم حديثها بالقول:"على المصريين ان يعملوا على ترميم الشارع، المؤدي الى الشرم من منطقة طابا، وكذلك اقامة نقاط اسعاف على الطريق، هم يعلمون ان الآلاف من المواطنين العرب يؤمون منطقة الشرم للاستجمام ولا يعقل ان تنعدم المستشفيات ونقاط الاسعاف وان تكون الطرقات غير صالحة".