تسنيم علي قسوم ابنة السنوات الاربع من مدينة سخنين هي اليوم لا تكف عن الكلام والحركة كطبيعة الاطفال في سنها، الا انها طفلة نابغة قوية الذاكرة ولها عين ثاقبة، وإن لم تحدثها هي تحدثك وتخاطبك ولا تقبل من احد ان يساعدها في الجواب حتى ان شقيقها حسين ابن العشر سنوات لا يجرؤ ان يقاطعها، وعندما وجهنا لها سؤالا حول ما شاهدته أثناء مكوثها لعدة اشهر في بلجيكا حاول وبصوت منخفض مساعدتها فقالت له: "اسكت.. قلت لك لا تساعدني أنا اشطر منك".
هذه الطفلة الملاك قد مرت بأيام عصيبة هي واهلها يوم ان عانت ولعدة سنوات من الفشل الكلوي والكبد وانقلب حال البيت المفعم بالحيوية والنشاط والضحك الى حياة لا يمر خلالها يوم الا والعائلة تنتقل من مستشفى الى آخر.
وتقول الام جملات قسوم إن الطفلة تسنيم قد ولدت بعد سلسلة من العلاجات وبعد تسع سنوات من انجابها للابن البكر حسين، وما ان اصبحت الطفلة بعمر ثمانية أشهر حتى أصيبت بحالة من التقيؤ المستمر وإنتقلت بين عدد كبير من الاطباء والمراكز الطبية والمستشفيات ولم يكتشف أحد المشكلة التي تواجهها .وتضيف الام جملات أن في تلك الفترة كان الدكتور صبحي شاهين خارج البلاد لمدة طويلة وهو طبيب العائلة وبعد عودته للبلاد ومزاولته عمله توجهنا اليه وطلبنا منه ان يجري الفحوصات اللازمة ومن أول مشاهدة لها خاطبنا وقال ان الطفلة تعاني من مشكلة في الكلية وطلب منا التوجه الى مستشفى الكرمل وفعلاً وعند قراءتهم لتقرير الدكتور صبحي شاهين أجروا الفحوصات اللازمة وطلبوا الاجتماع معنا وكانت المفاجئة أن الطفلة تعاني من انسداد في الكلية وهو الامر الذي ادى الى التقيؤ المستمر وهذا الامر تسبب أيضاً بضرب الكبد.
وتقول الوالدة جملات ان المعاناة من تلك اللحظة بدأت لتستمر حتى هذا اليوم فأكثر من سنتين ونحن نتوجه بشكل يومي الى مستشفى رمبام في حيفا حيث نمكث ثلاث ساعات لاجراء عملية الدياليزا ومن ثم نعود ولا تقتصر القضية عند هذا الحد فكان يرافق ذلك معاناة أخرى تتمثل بأن المؤسسات التي تعنى بحالات كهذه قد تخلت عنا ولم نجد مجالا ان ان نعتمد على الله ومن ثم الاعتماد على انفسنا، وليتصور المرئ انه لا يجوز لك ان تتعب او أن تمرض حتى فكل يوم الشارع من سخنين الى حيفا يشهد لنا باننا نعد أمتاره بلا كلل ولا ملل لعل الله عز وجل أن يفرج هم طفلتنا ونور عيوننا تسنيم وأن يتحسن وضعها.
أما الوالد علي فيقول أن وضع تسنيم كان مستقرا لمدة طويلة ومرتاحة على عملية الدياليزا او غسل الكلى حتى جاء اليوم الذي خاطبنا الدكتور المعالج بأنه بحاجة لعقد اجتماع لي ولزوجتي وكانت المفاجئة بإن الطفلة تتراجع ولا يمكن الاستمرار على هذا النحو ويجب أن تجري عملية زرع لكلية وكبد ويجب المسارعة في ذلك عندها فعلاً شعرت أنني يجب أن أكون أصلب مما كنت عليه سابقاً وليس أمامي سوى أن أتحرك سريعاً وبدون أي انتظار من أجل أن ننقذ حياة إبنتنا تسنيم " وما أصعب من أن ينظر الوالد لإبنه وهو يتألم على فراش المرض ولا يستطيع أن يساهم في مساعدته " وتلك النظرات التي كانت ترقبني من طفلتي قد جعلتني شعلة متوقدة وبدأت ابحث عمن بإمكانه مساعدتي للتعرف على أي دولة يمكننا التوجه لمساعدة طفلتي حتى إهتديت الى دولة بلجيكا وقد سافرنا الى هناك برفقة طبيب وممرضة وتم اجراء الفحوصات اللازمة وتم وضع اسم تسنيم في قائمة طويلة وعدنا للبلاد وانتظرنا أشهر أخرى وكانت حالة الابنة تسنيم بين وضع صعود وانحدار حتى جاء ذلك اليوم الذي تلقينا فيه أتصال بأن هناك متبرعا بكبد وعلينا أن نصل الى المستشفى ببلجيكا خلال 16 ساعة لأن الكبد يمكن ان يبقى في وضع جيد بعد انتزاعه بـ 24 ساعة وعند وصولنا تم ادخال الطفلة الى غرفة العمليات ونحن نتضرع لله عز وجل أن يحمي ابنتنا تسنيم وفعلاً فقد كان توفيق الله كبير وأجريت العملية وعبر الاطباء عن ارتياحهم من النتائج الطيبة وتقبل جسم الطفلة لهذا الجسم الغريب واصبحت تتعايش معه.
ويسترسل علي قسوم بالقول انه وبعد مضي فترة النقاهة للطفلة تقرر اجراء عملية جراحية أخرى وهي زرع الكلية ولم يكن أمامنا في سبيل انقاذها الا ان أقدم مني أنا كلية لطفلتي ونتيجة الفحوصات المخبرية التي أجريت لي تبين أن لكليتي من الجهة اليمنى هناك شريانان بدلاً من شريان واحد كما هو الحال عند الناس جميعاً وتبين أن كليتي كبيرة باربع سنتمتر وهو الامر الذي يعتبر معجزة وكأن الله قد اعطاني هذه الزيادة في الكلية لاساهم بها لطفلتي وبعد ان إستأصل الاطباء الكلية مني تم ادخال طفلتي تسنيم غرفة العمليات.ويقول علي قسوم والد الطفلة تسنيم أن مدة العلاج في مدينة بروكسل قد استمرت مدة ستة أشهر وقد حضرت اليه عائلتين اسرائيليتين من الوسط اليهودي وساهموا بشكل طيب في مساعدة العائلة بالمستشفى من حيث السفريات ومن حيث الترجمة، ولم يفارقوا العائلة طيلة أيام فترة العلاج الامر الذي كان لذلك وقع طيب وشعرت كم كانوا فرحين بإبنتي تسنيم وحتى اليوم فإنهم يتصلوا بنا ويطمئنوا على صحتها وإن كان مجال فإنني اتوجه عبر "العرب" لاتوجه بالشكر والعرفان لهاتين العائلتين الذين لم يتركوننا ولو يوم واحد ولفريق العرب فريق إتحاد أبناء سخنين على المباراة الخيرية التي أجراها في كفر مندا للمساهمة في مصاريف علاج ابنتنا ورافقه بذلك مشكور البنك العربي في سخنين.
واضاف علي قسوم أن المعاملة الجيدة التي وجدوها في مستشفى رمبام عامة وقسم الدياليزا خاصة هو أمر يثلج الصدر كما وأن شركة التأمين ديكلا التي ساهمت بما يقارب الـ 300 الف دولار تكاليف العمليات الجراحية.ويدعو السيد علي وجملات قسوم جمهور المواطنين المساهمة في إنقاذ حياة البشر من خلال توقيعهم على مستندات التي تجيز التبرع بالاعضاء بعد حالات الوفاة وذلك بعد ما شاهدته اعينهم وشعروا به من معاناة خلال السنوات الماضية وهما كانا من بين الاشخاص الذين قاموا بتعبأة نماذج التبرع بالاعضاء. وها هي طفلتي من حولي تلعب وتلهو ونحن نحمد الله عز وجل أن من علينا بكرمه الا أن لا بد من عتب من باب النصيحة لوجه الله فعتبي على عدد من المسؤولين الكبار في مدينة سخنين والوسط العربي الذين لم يتكلفوا للمساهمة في مساعدة إبنتنا وهنا أنا لا اتحدث عن الاموال لأن شركة التأمين قد تكفلت بذلك الا ان الحديث عن اجراء اتصالات مع اشخاص في الخارج لتسهيل أمورنا. وعتبي على العربي الذي يريد مالاً مقابل ان يعتنب بنا شخص عزيز له في بلجيكا وعتبي على الفلسطينيين في الخارج الذين رفضوا ان يترجموا لنا الا بمقابل في حين وقف معنا اليهود ستة اشهر بدون مقابل.