ما زال المناضل احمد سعدات، الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مرمي في سجن نفحة الصحراوي الذي أبعد إليه عقاباً لتصريحاته التي حذر فيها من أبعاد المؤتمر "انا بوليس" المذكور. وفي الأشهر الأخيرة زادت سلطات الاحتلال العقاب بحق سعدات ومنعت عائلته من زيارته في السجن، ولم يلتقوا به إلا يوم الأربعاء 13\2\2008، مع انعقاد جلسة المحكمة العسكرية في معسكر "عوفر"، بعد تعليقها منذ شهر تشرين الثاني.
ومن المعروف أن المحكمة العسكرية شددت في الآونة الأخيرة من إجراءاتها ضد أهالي الأسرى لتجرد اللقاء بين الأسير وأحبائه من أي بعد إنساني، ولم يسمح بدخول أكثر من أثنين من أفراد العائلة إلى قاعة المحكمة، ويمنع الأهل من الاقتراب من الأسير حتى قبل دخول الحاكم أو في وقت الاستراحة، ويفرض عليهم الالتزام في أبعد مقاعد موجودة في القاعة، الأربعاء حضرت إلى قاعة المحكمة زوجة المناضل احمد سعدات عبلة سعدات وأبنته صمود، وجربتا من هذا البعد المزعج، ومن فوق رؤوس المحامين والحراس، إيصال ما لم تكن إمكانية لإيصاله منذ أشهر من أخبار وحزن على الأحباء المفقودين ومن التشجيع.أما بالنسبة لإجراءات المحكمة، وبعد عدة جلسات خصصت لاستماع شهود من الأسرى الفلسطينيين الذين ظهر أسم احمد سعدات في إفادتهم، وبعد ما نفوا صحة ما كتب على لسانهم في ملفات التحقيق واعتبرتهم المحكمة "شهود معاديين"، جاء دور إفادات المحققين. كانت المحكمة في الجلسة السابقة موجودة بين عالمين، بين الشهود الأسرى الذي يتكلموا بالعربية عن النضال والكرامة والعذاب وبين المحكمة التي تستمع إلى الترجمة العبرية المتقطعة المغلوطة وتسجل في ملفاتها عن التنظيمات المعادية والأعمال التخريبية والاعترافات. ولكن الأربعاء توحدت محكمة الاحتلال مع نيابتها وشهودها إلى كيان احتلالي واحد يتكلم مع نفسه بالعبرية ولم يكون أي مفهوم للترجمة غير المفهومة أصلاً) واحمد سعدات يصر على موقفه المبدئي غير المعترف بشرعية المحكمة ويمنع محاميه محمود حسان من مؤسسة الضمير من أي تعاطي مع إجراءاتها.مثل يوم الأربعاء الماضي ثلاثة محققين أمام المحكمة، عرف كل منهم نفسه، خبرته في جهاز التحقيق، معرفته اللغة العربية التي تعلمها من خلال عمله. تهدف إفادتهم أمام المحكمة التأكيد على صحة الاعترافات التي سجلوها في غرف التحقيق، وبالتالي يظهر كل منهم خبير بروح الإنسان الحرة ويشهدوا كيف روى المحقق معهم اعترافاتهم من "إرادتهم الحرة"! . من منطلق إلا خلاص في العمل يتفنن المحققون الشهود بإبداع إثباتات لهذه الإرادة الحرة، ويوضح الواحد منهم انه لا توجد علامات عنف على المحقق معه لأنه "لو توجد علامات كذلك كنت اكتبها في التقرير"، ويركز الثاني على أجواء التحقيق وبين تسجيله الذي وضح فيه إن "المشتبه به" تناول القهوة والدخان، وأن الثالث منهم وهو يحاول التفسير لماذا رفض أحد المحقق معهم، حمدي قرعان، التوقيع على أفادته "الحرة" وبين في أوراق التحقيق كيف كان هو نفسه يسأل حمدي " لماذا ترفض التوقيع؟ " ولا حد لهذه المسرحية - كذبوا كذبة وصدقوها! -حتى في غياب دور الدفاع، لم يتمكن ممثلو الثلاثة ادوار (حكام، نيابة ومحققين ( من تجاهل الدور المركزي للمخابرات العامة، التي تشكل المُخرج وتلعب الدور المركزي في هذه المسرحية، ولكن تفضل البقاء من وراء الكواليس. رداً على شكوى أحد الشهود الذي أدعى إن اعترافه أنتزع منه نتيجة لظروف التحقيق القاسية أسرع أحد المحققين في إفادته وقال بالتأكيد كان الشاهد يقصد ظروف التحقيق عند المخابرات "لأن ظروف التحقيق عند الشرطة تختلف تماماً". ولإدراكهم لذلك ترتكز نظرية "الإرادة الحرة" عند المحققين والحكام على الفصل بين تحقيق المخابرات وبين التحقيق الشرطي، وينكر وجود رجال المخابرات في وقت تسجيل الإفادات لديهم رغم التأكيد على ذلك من بعض أصحاب الإفادات، ودليلهم على عدم تدخل رجال المخابرات هو عدم وجود أي ذكر لذلك في تسجيلاتهم!حتى في ظروف الاعتقال والتحقيق بدى على أحد المحققين إعجابه بشخصية احمد سعدات وفي نهاية قضاء دوره كشاهد أتى ليصافح سعدات كصديق قديم ويقول له في اللغة العبرية "بهتسلحا"، ومن ثم، كأنه يثبت خبرته بالعربية التي أفتخر بها "بالنجاح". وفي نفس القاعة عائلة احمد لا تستطيع الاقتراب إليه وكما هو متوقع أجبرت على ترك القاعة مع انتهاء الجلسة.وقد عيّنت المحكمة العسكرية جلستها القادمة لسماع مزيد من الشهود في 20/2/2008، الساعة الواحدة بعد الظهر.