لجنة المتابعة..ما بين هزلية العرض والخوف من المشهد الأخير/ بقلم: ممدوح اغبارية

ممدوح اغبارية:

لجنة المتابعة ومركباتها المختلفة تستدعي أكثر ذهنياتها السياسية والتنظيمية استسلاما ومحدودية في صياغة الموقف وتحديد البرامج

يوم الأرض الذي احتج فيهِ عرب الداخل لأول مرة بشكل جماعي وشكلوا فيه أهم المحطات المفصلية المكونة للهوية النضالية لشعبنا

يتمحور النقاش في أروقة لجنة المتابعة وعلى طاولة الحوار بين الأحزاب المؤيدة والمعارضة للإضراب أساسا، عن جهوزية المجتمع العربي وقابليته للاشتراك في الاضراب والتصعيد النضالي أمام المؤسسة الاسرائيلية وإنجاحه

document.BridIframeBurst=true;

var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });

انتخاب المتابعة وتجديد لجانها والعمل على ضخها بالروح المهنية، وإبداعية تعتمد الديمقراطية الإشراكية، هي ما يتوخاه الشباب وأهلنا من القيادات العربية

" صرلي 30 سنة بمشي ".. بتلقائيةٍ واقتضابٍ يشوبهُ الاستخفاف وخيبة الأمل، أجابني أحد المشاركين المسنين خلال مسيرة يوم الأرض الأخيرة، عندما قمتُ بصب الماء له وسؤاله مستنكرا: "كنك مشيت كثير يا حج؟".

الشعب قرر الإضراب

عبرَ الرجل المسن عما يجول بخاطرِ غالبية المشاركين "التقليديين" خلال المسيرة "التقليدية" في يوم الأرض، إذ يتفق من يتحلى بينهم بالمسؤولية الوطنية واليقظة المستديمة على مستقبل أبناء شعبه، أن لجنة المتابعة ومركباتها المختلفة تستدعي أكثر ذهنياتها السياسية والتنظيمية استسلاما ومحدودية في صياغة الموقف وتحديد البرامج، إذ قررت المتابعة عمليا هذا العام عدم إعلان الاضراب واستنفار الجماهير في يوم الأرض.

يوم الأرض الذي احتج فيهِ عرب الداخل لأول مرة بشكل جماعي وشكلوا فيه أهم المحطات المفصلية المكونة للهوية النضالية لشعبنا.. يوم الأرض الذي تصرف فيه ابن المثلث والجليل والنقب كجماعة قومية لا تربطهم فقط اللغة والتاريخ المشترك، بل هو وجعهم ومصيرهم المشترك.. ذلك اليوم النضالي الذي تصرف آباؤنا فيه كجماعة سكانية لهم هيئاتهم القومية التمثيلية اللتي تعبر عن تطلعاتهم.. حيث سطرت الحركة الوطنية الفلسطينية في ذلك اليوم، حدود نضالها السياسي الذي تخطى مواطنتها الوهمية في الدولة الصهيونية، دولة إسرائيل.. منذ هذا اليوم قرر الشعب الإضراب.

الأحزاب المؤيدة والمعارضة

يتمحور النقاش في أروقة لجنة المتابعة وعلى طاولة الحوار بين الأحزاب المؤيدة والمعارضة للإضراب أساسا، عن جهوزية المجتمع العربي وقابليته للاشتراك في الاضراب والتصعيد النضالي أمام المؤسسة الاسرائيلية وإنجاحه؛ ونذكر بأن هنالك أكثر من 40,000 فلسطيني في النقب سيتم تشريدهم ومصادرة ما يقارب 750,000 دونم منهم.. كما نذكر بمشروع تهويد القدس والمدن المختلطة وأوامر الهدم والاخلاء لبيوت العائلات العربية فيها، والعفو الممنهج عن المتهمين بقتل الضحايا العرب من الشرطة، ومصادرة الأراضي المستمرة في الجليل والمثلث، ومحاصرة أكبر عدد من العرب على أقل رقعة من الأرض، وملاحقة أبناء الحركة الوطنية ومحاولة نزع شرعيتهم السياسية بين أبناء شعبهم، والتضييق المستمر على نشاطهم، هم لوحدهم إن أضربوا واتحد المظلومون بينهم وطرقوا الخزان في القدس أو تل أبيب، سيزعزعون كيان الدولة.

أما عن برنامج يوم الأرض، فحدث ولا حرج.. خطابات لرئيس المتابعة والبلد المستضيف، ويهودي تقدمي، وعند الإبداع تتحدث امرأة.. وإن استمر الحال على ما هو عليه، فبرنامج يوم الأرض سيكون هو هو للسنة القادمة.

سلم أولويات الشعب العربي الفلسطيني

تخدم البرامج والنشاطات الأهداف الاستراتيجية للهيئات التمثيلية والمؤسسات، ويخدم الفعل السياسي الجماهيري الذهنية الشعبية، ويوازن في أقصى صور اعتداله بين الآيديولوجيا والتأثير، لينحاز في نهاية الأمر لأحدهما، وترفع الأحداث المفصلية من أسهم الاثنين معا بتوازي، إذ تقوم الهيئات التمثيلية برفع سقف خطابها السياسي والتوقعات من شعبها في تلك الأحداث، وتوظيف التوافق الشعبي العام (أنظر لماذا تقوم الشعوب بعقد دساتيرها والإضرابات في ثورات وذكرى الانقلابات مثلا).

انتخاب المتابعة وتجديد لجانها والعمل على ضخها بالروح المهنية، وإبداعية تعتمد الديمقراطية الإشراكية، هي ما يتوخاه الشباب وأهلنا من القيادات العربية، إذ أن لجنة المتابعة باعتمادها نموذج الديمقراطية الإشراكية أو السجالية عند اتخاذ قراراتها، تستطيع أن تعبر كما أسلفنا عن الذهنية الشعبية ولا تنحصر بتعبير عن القيادات داخل مبنى المتابعة.

تلك الديمقراطية التي ترفع الوعي عند المواطنين وتزيد إدراكهم بقضاياهم الموجودة على سلم أولويات الشعب العربي الفلسطيني، وإلى ذلك فإن هذه الديمقراطية وهذا النوع من الفعل السياسي، يساعدان المتابعة حقا باتخاذ قرارات سياسية تعبر عن المجتمع العربي بقطاعاته الدينية والجغرافية المختلفة.

ذلك يضمن للمتابعة على الأقل بعد إشراك شعبها في اتخاذ القرار، أن يتحملوا مسؤوليتهم بعد أن منحتهم المتابعة دورهم، ولهذا النموذج صور وأشكال عديدة. وبوسعنا النظر إلى دولة إسرائيل كيف أنها تبنت هذا النموذج عندما طرحت لاستطلاع رأي فك الارتباط مع قطاع غزة.

"بخاف نكمل مشي بعد نكبة النقب".. اختتم الرجل المسن حديثه معي وذاب بين الجموع المشاركة في يوم الأرض.. إنه الخوف من المشهد الأخير.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net