محمد كناعنة في مقاله:
المؤسسات والصناديق الاوروبية والامريكية والصهيونية تغدق في جولة انتخابات
الأحزاب العربية تخوض هذه المعركة بكل ثقلها كلٌّ ببرنامجه ولكن أن لا تذهب الجماهير العربية للتصويت فهذا تصرف جماعي يضرب في الصميم أن هذه "الدولة" تحترم "مواطنيها" العرب وأنهم ينالون حقوقهم المدنية ويمارسون حياتهم السياسية بديمقراطية في "دولتهم"
document.BridIframeBurst=true;
هذا الشعب ما زال يرفض أن ينصاع لفكرة قبول الاحتلال والاستعمار لا بل ويقاومه ويعمل على التحرّر من نير الاستعباد
هكذا تغدو السياسة مهنة قذرة بائسة اقذر من اقدم مهنة في التاريخ وتبعث في النفس الاشمئزاز وقد عبّر كبار رجال السياسة في العلم عن هذا الرأي
عندما تتحول السياسة هذه الى "فن الممكن" لتبرير التفريط والتنازل السياسي والفكري والمبدئي تصبح مجرد تجارة بالموقف والمبدأ
"السياسة هي فن الممكن"، هكذا يردد دائما السياسيون العرب على مختلف انتماءاتهم الحزبية، ومن على كل منبر وفي كل مناسبة، وفي حالتنا تحديدا، في نقاش الموقف المبدئي الجذري من حل القضية الفلسطينية وما يرتبط به من مواقف مبدئية، سياسيا وفكريا، على سبيل المثال الموقف من انتخابات الكنيست، بمعنى في التصدي للموقف الراعي للمقاطعة المبدئية، وليس الحديث هنا عن الدعوة الى عدم، او رفض خوض الانتخابات، وانما بالاساس الدعوة الى المقاطعة شعبيا وجماهيريا، والامتناع عن الذهاب الى صندوق الاقتراع وعند هذا الامر تثور ثائرة المؤسسة الاسرائيلية معها مؤسسات ومنظمات "الانجزة" المدعومة والمموّلة امريكيا واوروبيا، ولترفع بثقلها اليورو دولاري في سبيل دعم فكرة المشاركة في انتخابات البرلمان الصهيوني – الكنيست، وبالتحديد تصويتا.
لماذا تصويتا بالتحديد؟
أولا المؤسسات والصناديق الاوروبية والامريكية والصهيونية تغدق في جولة انتخابات، وفي غير مناسبة، عشرات ملايين الدولارات في جيوب "الوطنيين" من رؤساء ومدراء بعض جمعيات الانجزة في مجتمعنا العربي بهدف أن تدعم هذه المؤسسات عبر ابحاثها ونهجها البحثي والتسويق لفكرة المواطنة وتعمل بالاظافة الى ذلك على جعل رموز التطبيع السياسي قادة في احزاب سياسية.
ثانيا بالنسبة لهذه المؤسسات الاوروامريكية فالاساس هو مشاركة العرب في الانتخابات تصويتا حتى لو كان ذلك للاحزاب الصهيونية وهنا لا بد من التأكيد أننا لا نساوي ابدا بين التصويت للاحزاب الصهيونية والاحزاب العربية المشاركة في الانتخابات رغم خلافنا واختلافنا المبدئي معهم في هذه القضية في الذات.
خضوع وإنصياع
فالاحزاب العربية تخوض هذه المعركة بكل ثقلها كلٌّ ببرنامجه – مع أن هذه البرامج لا تختلف سياسيا عن بعضها البعض – ولكن أن لا تذهب الجماهير العربية للتصويت فهذا تصرف جماعي يضرب في الصميم أن هذه "الدولة" تحترم "مواطنيها" العرب، وأنهم ينالون حقوقهم المدنية ويمارسون حياتهم السياسية بديمقراطية في "دولتهم" وحتما يطرح السؤال لدى الرأي العام والضمير الانساني العالمي حول سبب مقاطعة العرب لبرلمان "واحة الديمقراطية" في الشرق الاوسط، وحتما سيكون لمقولة ان هذا المشروع – "اسرائيل" – قائم على انقاض شعب اخر وقعا وحضورا في ذاكرة دول الاستعمار شعوبا ومؤسسات وسياسيين وبالذات الدول التي صنعت الكيان الكولنيالي على انقاض شعبنا، وان هذا الشعب ما زال يرفض أن ينصاع لفكرة قبول الاحتلال والاستعمار لا بل ويقاومه ويعمل على التحرّر من نير الاستعباد وذلك عملا بمقولة ماركس وإن كان غائبا عنهم ولكنه حاضرا بمفهومه للتاريخ والثورة: "علينا فهم الواقع من اجل تغييره لا الخضوع له".
فن الممكن
وهكذا تغدو السياسة مهنة قذرة بائسة، اقذر من اقدم مهنة في التاريخ، وتبعث في النفس الاشمئزاز، وقد عبّر كبار رجال السياسة في العلم عن هذا الرأي، فعندما تتحول السياسة هذه الى "فن الممكن" لتبرير التفريط والتنازل السياسي والفكري والمبدئي تصبح مجرد تجارة بالموقف والمبدأ، فهذا الفن الذي تجيده بعض احزابنا العربية دفع بعضهم الى اعتبار معركة العرب في فلسطين بدأت مع ظهوره على الساحة، والبعض اعتبر ان الهبّات الشعبية التي فجرها شعبنا هي من فعل يديه، والبعض يفاخر "بالانجازات" لجماهير شعبنا وقضيتنا التي حققها من على منبر الكنيست، ولهذا السبب بالذات تصوت غالبية جماهير شعبنا في الداخل الفلسطيني بأقدامها ولا تطأ صناديق النفاق، لتعلن بذلك رفضها المشاركة في لعبة السياسة القذرة، لعبة سقفها منح الشرعية لاعلى هيئة تشريعية في دولة الاحتلال.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio