تقرير: أمجد شبيطةقام د. دوف حنين، عضو الكنيست من الجبهة الدمقراطية للسلام والمساواة، وأبناء عائلته، مساء أمس الجمعة، بزيارة جرحى مجزرة بيت حانون الذين يتلقون العلاج في مستشفى "اخيلوف" في تل أبيب، حيث سجّل د. حنين من الجرحى وأبناء عائلاتهم المرافقين لهم، شهادات مؤثرة حول هول المجزرة وفداحة المأساة الانسانية التي ألمت بالضحايا وذويهم.
وقال د. حنين في لقاء مقشعر للأبدان، زاحمت به الدموع الكلمات، "على كل اسرائيلي أن يلتقي بهذه العائلات ويسمع بعضا من مأساتها، ليدرك بأن خلف كل رقم جاف ضحية لها مأساتها وعالمها، لها ألمها وأملها. على كل اسرائيلي أن يأتي الى هنا، ليدرك هول الجرائم التي ترتكبها الدولة باسمه، ليشعر بالألم، الغيظ والعار حتى العظم منه، ويرفع صوته عاليا، أن "لا ترتكبوا هذه الجرائم باسمي"، وأنا اليوم بينكم للتعبير عن رفضي ورفض ألوف الاسرائيليين لهذه الجرائم وللمطالبة باستبدال سياسة الاجرام والعنف بسياسة سلامية، تحفظ انسانية وكرامة كل انسان".
د. حنين خلال زيارته الى المستشفى، مع الطفل صخر العثامنةوأضاف د. حنين "هذه الزيارة، هي استمرار مباشر، لزيارة نواب الكنيست من الجبهة الى بيت حانون غداة المجزرة والى مدينة سديروت لتشييع جثمان ضحية "القسام" هناك، وهي استمرار أيضا لمظاهرات قوى السلام في الأسبوع المنصرم أمام مباني وزارة "ألأمن" الاسرائيلية ومقابل حاجز ايرز، وهمّنا أن نوصل رسالة انسانية واضحة ضد المس بالأبرياء، أيا كانت جنسيتهم. همّنا أن نقول بأن كل طفل وامرأة، كل شاب وعجوز يروحون ضحية دوامة الدم هذه، هو عزيز وغال علينا وفقدانه خسارة انسانية كبيرة، خسارة مجانية، لا تجد ما يبررها."وقال د. حنين عقب اللقاء، "اليوم، التقيت بأناس عظماء، أناس لم تفقدهم وحشية الاحتلال ذرة من انسانيتهم، فهم رغم الألم والمأساة، يصرون على استلال حقهم بالحياة. ومن المؤثر حقا، أن تلتقي أناسا في مثل هذا النبل وهذه الحكمة، فهم لم يسمحوا للجرائم أن تفقدهم البوصلة وما زالوا يراهنون باصرار على الحياة الكريمة بسلام، بين جميع شعوب المنطقة."
فصول وتفاصيل المأساة المروعة.. أسامة أحمد عثامنة، والذي فقد زوجته في مجزرة بيت حانون، وشقيقته وأمه وجدته، والذي يمكث في المستشفى بجانب ابنيه المصابين، صخر، 14 عاما، وصائب، 12 عاما ونصف، سرد مشاهد مرعبة من المجزرة الرهيبة، التي وقعت فجر الأربعاء، الثامن من هذا الشهر. " في الساعة الخامسة وخمس وثلاثين دقيقة بالضبط، وبينما كان كل أفراد العائلة نياما، الا أنا حيث كنت أتوضأ للصلاة، سقطت القذيفة الأولى، والتي لم توقع سوى اصابات بسيطة لكنها دبت الرعب في قلوب أبناء العائلة ليستفيقوا على عجل بحثا عن مصدر الصوت، فانهمرت بعدها 8 قذائف تقريبا خلال عشر دقائق تقريبا" وأضاف "المنظر كان رهيبا، ولا أستطيع أن أصفه رغم أنني لا أتمكن من نسيانه وبأدق تفاصيله، فقد رأيت طفلة في عامها الثاني، انفصل رأسها عن جسدها وطُحِن. رأيت أشلاء متطايرة، أقدام وأذرع ورؤوس" وأضاف "سمعت صرخة مرعبة، فذهبت الى مصدر الصوت لأرى بأن شقيقتي أصيبت بالجزء السفلي من جسدها وبأن قدمها قد قطعت فهرعت اليها برفقة ابني البكر، يزن، ربطنا موقع جرحها بمنديلها، ونقلناها بالسيارة الى مستشفى بيت حانون، ووقعت قذيفة أخرى فأصبت أنا بشظاياها باصابة بسيطة بكف يدي، وحينها كانت زوجتي وأولادي وأمي في الشارع على ما أذكر."
اسامة العثامنة يسرد بعضا من فصول المأساة
لكل جريح وشهيد اسم وهوية..لكل شهيد وجريح اسم وهوية، لكل شهيد جريح عالم دمّر وقصة حب نسفت، وقد سقط في مستشفى اخيلوف، يوم السبت المنصرم، الحادي عشر من الشهر، الشهيد التاسع عشر، باسم جاسم، 37 عاما، فيما بقيت والدته، ياسمين، 62 عاما تتلقى العلاج، وبين المصابين في مستشفى اخيلوف أيضا، جميلة اعثامنة، زوجة عمّ محدّثنا أسامة، وابنها، أحمد مسعود العثامنة، في العشرينيات من عمره، طبعا الى جانب ابنيّ اسامة، السابق ذكرهما، صخر وصائب، ويمكث أحمد اياد العثامنة ابن العامين والنصف في مستشفى تل هشومير."أختي التي استشهدت كانت أرملة وخلفت وراءها خمس بنات وولدت وأختي التي أصيبت استشهد زوجها ولها ابنة عمرها عامان ونصف"، يقول أسامة، ويشير الى أن أنظاره، تتجه أيضا الى غزة، حيث يتلقى العلاج 9 من أبناء عائلته والى مصر حيث يعالج 5 آخرون..
واجبنا الذي لن يبوح به أسامة! أسامة، الذي فقد 19 عزيزا عليه، بينهم 15 فردا من أبناء عائلته، والذي يشهد معركة ابنيه، فلذتيّ كبده، على حياتهما، لا ينسى رغم الألم، اجزال الشكر، للطواقم الطبية ولكل من زار الجرحى في المستشفى، ورغم قساوة الظروف والالحاح، فهو يرفض السؤال والطلب، لكن واجبنا، واجب كل من تسمح له الفرصة، ألا ننتظر سؤالا وأن نقوم بزيارة هؤلاء الجرحى وأبناء عائلاتهم، الذين يسهرون على سلامتهم منذ أكثر من أسبوع، بعيدا، عن الأسرة والراحة ومكان العمل، واجبنا مدهم بالدعم المعنوي الانساني، والمادي ايضا، لمن استطاع اليه سبيلا، لدعمهم بمصابهم ووقفتهم الى جانب أعزائهم..أعزائنا !