"فلسفة الحياة.." - د. زياد محاميد
لا فلسفة.. في نسمات الصباح
إنها توقظ الندى،،، فالنهار يجتاح
document.BridIframeBurst=true;
var _bos = _bos||[]; _bos.push({ "p": "Brid_26338945", "obj": {"id":"19338","width":"100%","height":"320"} });لا فلسفة في زقزقة العصافير
إنها تنشد إنبلاج الشروق والإصباح،
لا فلسفة في تراقص قمم الأشجار
انها تودع الليل المنسل زاحفا ليرتاح
لا فلسفة في وميض الشمس البراق
انه يدفيء أبناء الحياة بود وإنشراح،
لا فلسفة في عناق حبات الندى
إنها تعلم الخليقة الحنان والسماح،
لا فلسفة في قبلة الصباح
انها شرارة حياة لعشاق الحياة،
لا فلسفة في الغروب
انه اسرتخاء للحب
في أحضان القلوب.
لا فلسفة في إقتحامات الليل،
انها ستار العاشقين ،والعشق لا يرتاح
لا فلسفة في توهج الكواكب،
انها تدفق القبل بعد الإرتشاح
لا فلسفة في سواد الليل،
انه سديم الأحلام في الفضاء المستباح
لا فلسفة في ولادات الفجر،
انه وشاح ، تدلى بورع،
على أكتاف القلوب والأرواح
قراءة في نثيرة (فلسفة الحياة) بقلم: الشاعرمحمود مرعي
(فلسفة الحياة) للدكتور زياد محاميد نثيرة رائعة، وحين نقول نثيرة (على وزن قصيدة) فلا يعني الكلام بحال أن النص أقل من الشعر، بل يعني فقط التمييز بين الأنواع الأدبية، فالشعر له حيزه والنثر له حيزه ومن هنا التسمية قصيدة ونثيرة، ما دمنا نتحدث عن الفنية والخيال، وتحديد الأنواع الأدبية. وعن نفسي فأنا أمارس هذا النوع وأكتبه وأضع دوما جانب العنوان كلمة (نثيرة)، كدلالة على نوع النص الذي يندرج ضمنه، ولن أطيل في هذا المدخل فاللبيب تكفيه الإشارة.
(فلسفة الحياة) نثيرة تأخذك إلى أبعد وأعمق من المعنى البسيط وما يكشفه سطح الكلام من معنى تتراءى فيه البساطة بأبهى حللها، وحتى المفردات في هذه النثيرة اختارها الدكتور بسيطة بلا تعقيد، وأن تصل المعنى العميق بالكلام البسيط فهذا يعني أنك تقبض على عصب النص وتضيء أعماقه، والسطح هنا يعطيك الحياة بسيطة وبتفسير بسيط لا تحتاج معه أكثر من قراءة النص حتى تهضم بساطة الحياة واليوم من فجره حتى ليله. هكذا يقدم النص نفسه للقارئ العادي، ولكن هل حقا هذا ما يقوله النص فقط؟؟ قراءة النص المدركة تظهر مستويين من المعنى، الأول وهو البسيط وقارئه العادي، والثاني الذي يحتم عليك الانحياز إلى الانزياح في اللغة، حيث تعطي المفردة معنى لم تعرفه من قبل، والسطح هنا سباحة بسيطة تتكشف معها بساطة المعنى، لٰكِنَّ الغوص إلى العمق يوقفك أمام مغارة السندباد وما تحويه من كنوز لم يجدها غير السندباد؛ وهذا واضح في كل فقرة والبدء بالنفي(لا فلسفة) ثم الجواب أو تفسير اللا فلسفة، وهو ما يعطي بعدا فلسفيا بحد ذاته، والنفي هنا ليس نفيا بل إثبات، وهو بنفي ذاته يؤكد ضده ، ويكون المعنى: هناك فلسفة في كذا وكذا، ولنا أن نقف مع بعض الفقرات والتي يثبت النفي فيها وجود ضده ونقيضه من خلال تأكيده على ذاته (لا فلسفة):
(لا فلسفة.. في نسمات الصباح
إنها توقظ الندى،،، فالنهار يجتاح)
يقول المعنى البسيط لا فلسفة، فالأمر عادي جدا وبسيط جدا، لٰكِنَّ نقيض هذا العادي يلفتك إلى حركة الحياة في بدايتها (الصباح) والنسيم حركة لا سكون، وكذلك الايقاظ ثم النور نقيض العتمة (النهار يجتاح)، فهذا توجيه واع ومدرك إلى الحركة والنشاط والنور، والفقرة تحتمل البعدين الحقيقي والمجازي، وهذا الأخير هو خطاب الدكتور لقارئه المدرك.
(لا فلسفة في زقزقة العصافير
إنها تنشد إنبلاج الشروق والإصباح)
مرة أخرى مع العادي والأعمق، الزقزقة موسيقى روتينية كل يوم تتردد منذ الصباح، لكنها في حقيقتها موسيقى أزلية ماضية حتى الأبد على إيقاعها الساحر، إيقاع الحياة لمن تأملها جيدا، إيقاع الجمال والانسجام مع المحيط، ثم هي زقزقة ليست عبثية بل تنشد انبلاج الشروق، والشروق سحر وجمال، فهي جمال ينشد الجمال، أي يبحث عن مثيله ومكمله، وهذا يعطي الزقزقة في نشدانها المثيل بعدا فلسفيا، وهذا يؤكد الفلسفية في الزقزقة وأنها فيها فلسفة وجمالية وأثر كبير.
(لا فلسفة في قبلة الصباح
انها شرارة حياة لعشاق الحياة).
هنا أيضا تأكيد للنقيض كباقي الفقرات، لٰكِنَّ النقيض هنا ينبثق من الذات وليس كما سبق من المحيط والطبيعة، هنا من الذات الكاتبة، والقبلة لا تكون إلا بين اثنين، لذا كانت شحنة وطاقة وتحفيزًا وحياة لعشاق الحياة، وحتى تكون شحنة فهي بين متجاذبين لا متنافرين، بين حبيبين، وقبلة المحبوب لمحبوبه تمنحه طاقة وشعورا بالتحليق، لا تمنحه إياه أي قبلة أخرى، فهي هنا قبلة محددة بين حبيبين على وجه التحديد، من هما؟ (المعنى في بطن الدكتور) هههههه.
(لا فلسفة في الغروب
انه استرخاء للحب
في أحضان القلوب).
في هذه الفقرة يتجسد الزمان والمكان والشعور في انسجام تام له جمالية، فالغروب (الزمان) نهاية اليوم والفراغ من العمل والشقاء، ويحتاج من يشقى طوال اليوم إلى الاسترخاء والراحة (الشعور)، لٰكِنَّ الاسترخاء هنا للحب، فالنهار للكد والمساء للراحة والحب، وهذه الراحة والحب تحتاج مكانا هو الأحضان (المكان)، والأحضان هنا على الحقيقة والمجاز، فالغروب أعطى معنى نهاية يوم العمل والكد، الذي يحتاج بعده إلى الراحة والاسترخاء في أحضان من نحب لننعم بالراحة والحب معا.
نكتفي بهذا القدر، وقبل أن نختم، نؤكد أمرا:
أرى أن نثيرة الدكتور مشبعة بروح جبران وهذا واضح من السياق، وحتى التكرار (لا فلسفة) الذي امتدة على كامل النثيرة، كما تكررت جملة (اعطني الناي وغن) أو (المواكب/ ليس في الغابات عدل ووو) لدى جبران، وأرى جبرانا كان حاضرا في وعي الدكتور عند كتابة نثيرته ولذا ظهر أثر جبران عنده، وكنت أفضل أن لا يقع في شرك جبران والتكرار.
ختاما: نثيرة الدكتور زياد لها جماليات وإيحاءات، ولا تسلم نفسها من القراءة الأولى، وهذا يحسب للنص وكاتبه دوما.
موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net
عنوان: اختبار طريقة اختبار الشارع P.O. 60009 دولور / ألاسكا
الخامس +1 234 56 78
فاكس: +1 876 54 32
البريد الإلكتروني: amp@mobius.studio