الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 13:01

ليدي- نتالي حسون من الدالية: المرأة اساس ارتقاء الشعوب

لقاء خاص بمجلة
نُشر: 14/10/15 16:47,  حُتلن: 13:32

الشابة نتالي حسون حسون:

شعاري في الحياه كان وما زال ما كتبه الراحل توفيق زياد: "واعطي نصف عمري للذي يجعل طفلا باكيا يضحك"

لقد تعلمت الكثير عن عالم الاولاد والأطفال ولكن تعلمت ايضاً عن خبايا نفسي التي زادتني قوة وإصرارا على العمل في هذا المجال

تقييمي للمجتمع النسائي بشكل عام ينبع من كوني من هذا المجتمع وأعتقد أنه مجتمع غني جداً ومليء بالأمور المثيرة للاهتمام والتحديات بنفس الوقت

اختياري لدراسة علم النفس لم يأت بمحض الصدفه او من فراغ بل جاء من قناعة تامة وإصرار مني للخوض في معالم هذا الموضوع لما يحمل من قيمٍ انسانية تتمحور جميعها بمساعدة الآخر

تدرس الجميلة نتالي حسون حسون (19 عامًا) من دالية الكرمل موضوع علم النفس في جامعة تل ابيب، وقد التحقت بدراسة هذا الموضوع بعد أن خاضت تجربة التطوع في "بيت الأولاد" في حرفيش، فأدركت أن شخصيتها ملائمة للعمل بمجال تخاطب بها النفوس البشرية.. في هذا اللقاء تتحدث نتالي عن اهمية انشاء جيل معطاء وان العلم هو سلاحنا للتقدم والتطور.


تصوير : صالح دقسة/ ماكياج: سرين مصطفى

ليدي: لماذا اخترت دراسة علم النفس، وهل له علاقة بشخصيتك؟
نتالي:
اختياري لهذا الموضوع لم يأت بمحض الصدفه او من فراغ، بل جاء من قناعة تامة وإصرار مني للخوض في معالم هذا الموضوع لما يحمل من قيمٍ انسانية تتمحور جميعها بمساعدة الاخر وخاصة الاولاد الذين يعانون من عسر تعليمي. بعد تطوعي في "قرية الأولاد" في حرفيش وصلت الى قناعه باني املك قدرات وطاقات اذا دعمتها بالتعليم الاكاديمي سيكون بمقدوري دخول هذا المجال من اوسع الابواب ،وكما تعلم ان مجتمعنا وللأسف الشديد حتى هذه اللحظه يعاني من نقص شديد في الكوادر المختصة في هذا المجال.

ليدي: تطوعت لمدة عام في قرية الاولاد في حرفيش، لماذا قررت التطوع بهذا البيت ؟
نتالي: تعتبر قرية الأولاد بيتاً دافئا وفي الوقت نفسه رسالة تربوية هدفها العلم والمعرفة ،مع المحافظة على العادات والتقاليد. لا شك أن القرية تتمتع بإدارة وطاقم يسعى طوال الوقت لتوفير أساليب الراحة والجو الدافئ للأولاد. فالطالب يعود من المدرسة في ساعات ما بعد الظهر يقضي وقته في الدراسة أو في إطار تربوي اختاره من عده فعاليات ودورات. وجود الطاقم المسؤول مع الطلاب على مدار ساعات اليوم يخلق اجواءً من العلاقات الحميمة والعائلية، فالطالب يشعر انه جزء لا يتجزأ من هذه العائله التي تمنحه الامان والحب والإخلاص، كما اسلفت حبي وشغفي في مساعده الاخرين ،وخاصة الذين لم يحالفهم الحظ وقست عليهم دروب الحياه،  فشعاري في الحياه كان وما زال ما كتبه الراحل توفيق زياد: "واعطي نصف عمري للذي يجعل طفلا باكيا يضحك" ،وهنا الجدير ذكره اني ترعرعت ونشأت في عائلة وفي كنف والدين زرعا في نفسي قيمة التعاطف مع الغير".

ليدي: كيف كانت تجربتك وحياتك في قريه الاولاد؟
نتالي: استطيع تلخيص عام كامل بكلمتين، متعة وخبرة، لم اشعر بمرور الوقت اطلاقاً ، وهذا إن دلّ على شيء فأنما يدل على مدى استمتاعي في عملي، وحين كنت اودع اولادي في نهاية الاسبوع كنت اعد الساعات لِلحظة لقائي بهم مجدداً في بداية الاسبوع.
لقد تعلمت الكثير عن عالم الاولاد والأطفال ولكن تعلمت ايضاً عن خبايا نفسي التي زادتني قوة وإصرارا على العمل في هذا المجال، صعبٌ علي أن اصف لك بكلماتٍ تلك اللحظات، التي تتخاطب فيها النفوس قبل ان تتخاطب بها الالسن ،كيف لي أن اعبر عن تلك العيون الحزينة والقلوب الكئيبة والتي برغم الظروف القاسية تبتسم فتنير لك صباحك.

ليدي:عادة ما يقال إن مجتمعنا هو مجتمع يأخذ ولا يعطي، هل هذا صحيح؟
نتالي: انا بالمجل لا احب التعميم في هذا القول، تعميمٌ جارف ضد المجتمع بشكل سلبي، في كل مجتمع وفي كل بلد هناك من يعيش حياته للعطاء وهناك من يعيش حياته في الاخذ، ولكن نرى أنه في الكثير من قُرانا اليوم هناك نهضة متمثله في اقامة وتأسيس جمعيات تطوعيه في شتى المجالات مثل: جمعيات تعمل لنشر التوعية في موضوع النظافة، التعليم، الصحة والثقافة ،طبعاً لم نصل بعد الى ذلك المستوى ولكن نحن في الطريق الصحيح.

ليدي:كيف يمكن لنا ان نطور مجتمعنا ونزيد من ثقافته حول أهمية التطوع؟
نتالي:
التطوع والعطاء قيم انسانية نستطيع أنّ نطورها في المجتمع من خلال برامج التعليم في المدارس، وتشجيع طلابنا على الانضمام والمشاركة في فعاليات لا منهجية ،وطبعاً هناك دور كبير للأهالي وللقيادات في نشر التوعية ،فالكبار هم القدوة الحسنة ، ليس فقط في هذا المجال. فإذا الطالب الصغير يشاهد قيادات المجتمع ،كرئيس المجلس وأعضائه ، المعلمين والمديرين والأهالي يتطوعون ويقدمون لمجتمعهم دون مقابل فلا شك سينشأون في هذه الاجواء الجميلة

ليدي: الى اين تحلمين بالوصول بعد تعليمك؟
نتالي:
لا اريد أن استخدم ما يستخدمه الاخرون من جمل ٍ وشعاراتٍ فضفاضة كالسماء هي الحدود، أو كما قال كلمنت ستون: "صوب نحو القمر فحتى اذا اخطأت ، فأنت ستصيب النجوم". لذلك سأقول بكل بساطة أنني أريد الولوج في هذا المضمار خطوة بخطوة وأن لا اهرول نحو الهدف كي استمتع بخطواتي.

ليدي: ارتفعت بشكل ملحوظ نسبة الطالبات الاكاديميات وخريجات الجامعات من ابناء الطائفة العربية الدرزية، كيف تقيمين تطور المرأة وتحقيق هذه الانجازات ؟

نتالي: تقييمي للمجتمع النسائي بشكل عام ينبع من كوني من هذا المجتمع ، وأعتقد أنه مجتمع غني جداً ومليء بالأمور المثيرة للاهتمام والتحديات بنفس الوقت ، المرأة هي جزء اساسي في المجتمعات الانسانية منذ القدم وكان لها دور اساسي في تغيير الحضارات الانسانية الى الافضل ،وحتى في ايامنا هذه ما تزال المرأة هي مركب اساسي في ارتقاء الشعوب. السبب في تطور المرأة هو مثل السبب في تطور الرجل ومن الصعب ان اعطي اجابة تفصيلية لاسباب التطور، لكن بلا شك المرأة هي المسؤولة الاولى عن تطورها او تخلّفها، بالنهاية هي كيان مستقل وله الحرية بتقرير مصيره للأفضل. اما عندنا فما زال مجتمعنا ابويا، فهناك دور ايضاً للرجل في تمكين المرأة ،فهو ما زال يملك غالبيه مفاتيح التطور ،لذلك لا يكفي ان نقول ان المرأة هي المسؤولة الوحيدة عن تطورها ،بل هناك حاجه ماسه لدور الرجل في الوقوف الى جانبها، يحضرني ما قاله نزار قباني الذي طالب المرأة بثوره: ״ ثوري على شرق السبايا.. والتكايا.. والبخور.. ثوري على التاريخ وانتصري على الوهم الكبير ،لا ترهبي احداً. فأن الشمس مقبرة النسوري... ثوري على شرقٍ يراك وليمة فوق السرير ". او كما طالبها الشاعر مجيد حسيسي ابن بلدي : تمردي! ... تمردي! كوني الحسام الوغى تجردي ..״.

ليدي: ماذا تعني لك مدينتك دالية الكرمل؟
نتالي: دالية الكرمل بثراها بسنديانها بشوارعها، زقاقاتها تعني لي الكثير.. فهي حبي الاول للطبيعة ولأناسها الطيبين ،وكل ما املكه اليوم من قناعات ومن نظرتي التفاؤلية للحياة ما هو الى مرآه لبلدي، احملها في قلبي الى حيث اذهب وأسافر ،فهي مغروسة بكل جوارحي، واشكر الباري لأنه اوجدني في هذا البلد الطيب ،انني كفتاة في مقتبل العمر قضت مرحلة المراهقة في حيفا ،وألان اقضي جل وقتي في تل ابيب اعتز وافتخر بجذوري المعروفية وببلدي دالية الكرمل.

ليدي: كلمة اخيرة ؟
نتالي: في البداية بودي أن اقدم لكم ولمجلة ليدي باقة معطرة بخالص التقدير والاحترام لاختياركم لي في هذا القاء الممتع، واريد أن اؤكد مرة اخرى أننا كمجتمع أقليات لا نملك سوى العلم سلاحاً للتقدم والتطور. لذلك على قيادتنا أن تكثف العمل والاستثمار في كل ما يتعلق بالتربية والتعليم، وعلى الاهالي وضع التعليم في سلم الاولويات، فان جميع الابحاث الاخيرة التي قرأتها تشير بشكل مؤكد الى أنّ العامل الاساسي والاهم في الخروج من دائرة الفقر والمعاناة هو التعليم.

مقالات متعلقة