الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 23 / نوفمبر 02:02

فيروس الكورونا وزيادة الحوادث المهنية- أ. مالك محمد سلهب

أ. مالك محمد
نُشر: 05/03/21 05:11

منذ مرور أكثر من عام ولا زالت أزمة تفشي وباء الكورونا تُلقي بظلالها على جميع نواحي الحياة الاجتماعية والصحية والاقتصادية...

 (فيروس كورونا أصاب الاقتصاد العالمي بأسوأ أزمة منذ ثلاثينيات القرن الماضي)…

 فمنذ تفشِّي الوباء على نطاق عالمي، راحت الحكومات تغلق مرافقها الاقتصادية والإنتاجية درءاً لانتشار الوباء، حيث أسفر هذ الوباء عن ضربة "غير مسبوقة" للاقتصاد العالمي منذ بداية انتشاره، مما أدى إلى إلغاء 225 مليون وظيفة دائمة، وفقا للتقرير الصادر عن منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة. 

 كما تشير البيانات التي ذكرها تقرير منظمة العمل الدولية الصادرة في الربيع الماضي؛ إذْ قدرت المنظمة أن أربعة من خمسة أشخاص سوف تتأثر وظائفهم بالإغلاق الكلي أو الجزئي علاوة على تكهنات ظهرت في ذلك الوقت أشارت إلى إمكانية تراجع ساعات العمل عالميا بواقع 6.8 في المئة، وكان السبب وراء تراجع نصف عدد الساعات الضائعة هو تقليص عدد كبير من الشركات حجم أعمالها.

 علاوة على ذلك، فقد تراجع معدل التوظيف أيضا على مستوى العالم بحوالي 114 مليون وظيفة مقارنة بعام 2019 بعد أن فقد حوالي 33 مليون شخصا وظائفهم بينما ظل الباقون "غير فاعلين" سواء بسبب التوقف عن العمل أو الاستمرار في البحث عن وظائف بديلة. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن تشهد 170 دولة -غنية وفقيرة- انخفاضا في معدلات التوظيف هذا العام مما يعني انخفاض متوسط مستويات المعيشة.

 ومن ناحية أخرى، فقد حذرت منظمة العمل الدولية من أنه من المرجح أن تؤدي التداعيات الاقتصادية لوباء الكورونا إلى زيادة عدد الأطفال الذين يتم استغلالهم في سوق العمل.

 ولمواجهة هذا التراجع الاقتصادي الحاد، فسيعمل أصحاب العمل على مضاعفة الإنتاج خصوصا لمواجهة الإغلاقات المتكررة والتي هدفت وتهدف الى الحد من انتشار الفيروس، ولكن -وللأسف- قد يتم هذا الامر على حساب إغفال تطبيق إجراءات السلامة والصحة المهنية، مما سيؤدي بدوره الى زيادة تعرض العاملين للإصابات والحوادث.

 وفي ظل استمرارية انتشار الفيروس والإجراءات الوقاية التي تفرضها السلطات المختصة، سأسلط الضوء على بعض النقاط التي من المتوقع ان يكون لها دور في زيادة الحوادث المهنية بين العاملين ومنها:

 الضغط على العاملين وإجبارهم على العمل لساعات طويلة، وبالتالي زيادة احتمالية تعرضهم للحوادث والإصابات.

عدم الاهتمام بتجديد وصيانة المعدات بسبب التركيز على زيادة الإنتاج والوضع الاقتصادي السيئ.

تشغيل الأحداث والأطفال من أجل التوفير في الأجور، فكما هو معلوم فإن الأحداث قليلو الخبرة بمكان العمل ومخاطره.

بعد غياب وانقطاع العاملين لفترة زمنية عن أداء العمل، وعند عودتهم بعد الإغلاقات، فهم معرضون لاقتراف الأخطاء والزلات بسبب نسيانهم القيام بإجراءات العمل السليم والآمن

عدم مراعاة غياب اللياقة البدنية للعاملين والبدانة التي حصلت لهم بسبب الإغلاقات، والتي لها تأثير على طريقة أداء العمال وخصوصا المرتبطة بالمناولة اليدوية.

عدم مراعاة تأثر الحالة النفسية للعاملين بسبب فقدان أحباء أو إصابتهم بفيروس الكورونا، مما ينعكس سلبا على شرود ذهنهم أثناء العمل وزيادة احتمالية تعرضهم للحوادث.

التهاون في تطبيق الإجراءات والبروتوكولات الوقائية من فيروس الكورونا، حيث من المتوقع أن يقوم بعض العاملين بإخفاء إصابتهم بالفيروس من اجل البقاء على رأس عملهم لتأمين قوتهم وقوت عيالهم اليومي، حيث يكون العاملين في هذه الحالة بظروف صحية غير مناسبة للعمل من صداع وهزال قد يؤدي حتما الى إصابتهم.

انتشار البطالة بين العمال بسبب إغلاق المصالح الصناعية والتجارية الصغيرة والمتوسطة، فقد يحدث توظيف للعاملين بدون إعطائهم التدريب الكافي حول مخاطر العمل الجديد، وبالتالي فهم معرضون لمخاطر جديدة هم ليسوا على دراية كافية بها.

وللتغلب على النقاط السابقة، ينبغي على أصحاب العمل:

تنظيم ورديات العمل وعدم السماح بالعمل الإضافي إلا بإشراف مباشر.

الاهتمام بصيانة الآلات والمعدات المختلفة واستبدال التالف منها.

عدم توظيف الأطفال والأحداث، فان لزم الامر توظيف الأحداث فيجب الإشراف عليهم بشكل مستمر.

رفع لياقة العاملين البدنية من خلال برامج وفقرات رياضية قبل البدء بالعمل لتجنب حدوث الإصابات العضلية الهيكلية.

عقد اللقاءات التنويرية Toolbox Talk بشكل يومي ومستمر لتذكير العاملين بمخاطر بيئة العمل وإجراءات العمل السليم.

الانتباه على الحالة النفسية للعاملين، وفي حال معاناة أحد العاملين من ظروف سيئة فينبغي العمل على دعمه نفسياً لتجاوز محنته.

تطبيق الإجراءات والبروتوكولات الوقائية من فيروس الكورونا؛ خاصة قياس درجة حرارة العاملين قبل دخول مكان العمل، وعدم السماح لاي عامل يُشك بإصابته بالدخول.

في حال توظيف أي عامل ينبغي تدريبه على مهام ومخاطر مكان العمل.

في النهاية، ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعانيها معظم القطاعات الصناعية والإنتاجية، ونظراً للغموض الذي يكتنف انتهاء هذا الوباء، فلا بد من الاستمرار في تطبيق إجراءات السلامة والصحة المهنية، وعدم التهاون بها مطلقا للحفاظ على عناصر الإنتاج الثلاث؛ والتي أهمها العنصر البشري.

 أ. مالك محمد سلهب

مدرب واستشاري السلامة والصحة المهنية وادارة البيئة – جامعة بوليتكنك فلسطين

MSc. OSH/GradIOSH/AIIRSM/ACIEH

مقالات متعلقة