الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأحد 10 / نوفمبر 09:02

شرعنة الواقع العنصري/ بقلم: المحامي علي حيدر

كل العرب
نُشر: 17/06/13 19:55,  حُتلن: 07:41

المحامي علي حيدر في مقاله:

ستُمنح الأفضلية في مجالات القبول للعمل في القطاع العام ومؤسسات التعليم العالي ومساكن الطلبة وتخصيص أراضٍ للسكن لمن أدى الخدمة العسكرية والقومية

مشروع القانون يتماهى مع سياسة الحكومة الحالية وخصوصاً نتيجة مشاركة قائمة "يش عتيد" التي رفعت لواء ما يسمى "المساواة في العبء"

مشروع القانون هذا مدفوعٌ بنزعة عنصرية ضدّ المجتمع العربي بشكل خاص ويحاول شرعنة قوننة وتكريس الواقع الحالي لا بل تعميق الفجوات بين العرب واليهود أكثر وأكثر

القانون المقترح يتنافى والقيم الأخلاقية وأسس النظام الديمقراطي كما يتنافى مع بعض القوانين الأساسية في إسرائيل نفسها مثل قانون أساس كرامة الإنسان وحريته

يجب على لجنة المتابعة وقيادات المجتمع العربي والسلطات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني التنادي من أجل بحث ونقاش معمقين لوضع استراتيجية شاملة ومتكاملة تتفق حول مواجهة العنصرية بأشكالها المختلفة وتضع أهدافاً واضحة وتتقاسم المسؤوليات لتحدي ومقاومة هذه الظاهرة الخطيرة

التأمت اللجنة الوزارية لشؤون التقنين في مطلع الأسبوع الحالي، وقررت المصادقة، بأغلبية كبيرة،على اقتراح قانون جديد يميّز ويعطي أفضلية في مجالات متعددة لمن أدى الخدمة العسكرية والقومية. وبحسب الاقتراح الذي تقدم به رئيس الإئتلاف الحاكم، عضو الكنيست، يريڤ ليڤين، فإنه ستُمنح الأفضلية في مجالات القبول للعمل في القطاع العام، ومؤسسات التعليم العالي ومساكن الطلبة وتخصيص أراضٍ للسكن، وبحسب الاقتراح "منح أفضلية لشخص كونه خدم الدولة، وذلك يشمل القبول للعمل، شروط الرواتب ومنح خدمات وتوصية خدمات لا تعتبر تمييزا ممنوعا ً".

عنصرية
لقد سبق وقُدِّم، قبل سنتين، إقتراحٌ شبيهٌ، والذي أقر بعدم دستورية مشروعيته وبعدم القدرة في الدفاع عن القانون في حال القيام بتقديم التماسات ضده للمحكمة العليا، ولذلك تم إلغاؤه بعد تدخّل المستشار القانوني للحكومة، كما فعل أيضاً مع الاقتراح الجديد الذي لم يتم إلغاؤه حتى الآن. من الواضح أن مشروع القانون هذا مدفوعٌ بنزعة عنصرية ضدّ المجتمع العربي بشكل خاص، ويحاول شرعنة، قوننة وتكريس الواقع الحالي، لا بل تعميق الفجوات بين العرب واليهود أكثر وأكثر،مما يذكرنا بطبيعة العلاقة بين السود والبيض في جنوب أفريقيا في فترة الأبرتهايد وفي أمريكا قبل سنوات الستين، حيث منحت المجموعة القوية والمسيطرة امتيازات وأفضليات وهي التي بطبيعة الحال تتمتع بحقوق أكثر وفي أوضاع سياسية، اجتماعية واقتصادية أفضل بكثير.

"المساواة في العبء"
إن مشروع القانون يتماهى مع سياسة الحكومة الحالية وخصوصاً نتيجة مشاركة قائمة "يش عتيد" التي رفعت لواء ما يسمى "المساواة في العبء". من الجدير بالذكر أنه، وبحسب القانون المقترح، إذا تعطّل عمل الثلاجة، مكيف الهواء، السيارة وأصبحت هنالك حاجة لتصليح العطل فستمنح الأفضلية لصاحب الغسالة الذي خدم في الجيش، وستمنح الأفضلية في المطاعم والأماكن العامة لمن أدى الخدمة العسكرية.

الحقوق والواجبات

إن القانون المقترح يتنافى والقيم الأخلاقية، وأسس النظام الديمقراطي، كما يتنافى مع بعض القوانين الأساسية في إسرائيل نفسها، مثل قانون أساس كرامة الإنسان وحريته، ومن نافلة القول بأن المجتمع الفلسطيني في الداخل معفيّ من الخدمة العسكرية ولا يريد المشاركة بها من منطلقات وطنية، وأنه لا يوجد أية دولة ديمقراطية ليبرالية في العالم تربط رزمة الحقوق بالواجبات، وخصوصاً أن المجتمع العربي في البلاد يقدم الواجبات المفروضة عليه مثل دفع الضرائب واحترام القانون بالرغم من أنه مقموع ومقهور ومضطهَد، إضف إلى ذلك بأن هنالك مجموعات داخل المجتمع اليهودي لا تؤدي الخدمة المدنية وقد حصلت بصورة غير مباشرة على مدار السنين على امتيازات وحقوق أكثر من الجميع (أمثال اليهود المتزمتين)، والأنكى والأصعب أن هنالك أجزاء من الشعب الفلسطيني في الداخل تخدم في الجيش إما نتيجة لإلزام قانون أو بشكل اختياري، ولكنها لا تحصل على حقوق متساوية، على العكس تماماً فإن مستوى التعليم والعمل والبنى التحتية أسوأ بكثير.

سياسات عنصرية 
إن المتابع والمتأمل في السياسات الرسمية، والمسلكيات الشعبية يستطيع أن يلحظ بأن لديها سياسات عنصرية من الأعلى إلى الأسفل، ومن الأسفل إلى الأعلى، بمعنى أن هنالك قرارات وقوانين عنصرية وتمييزية من جانب الحكومة، وهنالك تحركات شعبية مثل الاعتداء على المساجد والكنائس وحرق السيارات وكتابة الشعارات المعادية والعنصرية وعدم السماح للعرب بالدخول إلى بعض الأماكن العامة، كما حصل قبل أسبوعين في "السوبرلاند"، أو عدم السماح لعربي بفتح حساب في أحد فروع بنك هبوعاليم، والأمثال كثيرة ومتعددة .

دونية المجتمع العربي
إن المتقدمين بالمشروع يسعون إلى تكريس دونية المجتمع العربي واحتقاره ومن ثم محاولة السيطرة عليه، وبناءه من جديد، بحيث يتناسب والذوق والعقلية الإسرائيلية. إن هذا المسعى، الهادف إلى هندسة مجددة للفلسطينيين، وخلق حالة بلبلة حول تركيب الهويات، وصهر الوعي العربي من جديد ومحاولات التضييق، مصيره الفشل الحتمي،عندما تتوفر الإرادة والعمل الجماعي والقيادة العربية الحكيمة المتواصلة مع المجتمع وهمومه.

ظواهر العنصرية
على ضوء تصاعد وازدياد الظواهر العنصرية، على المستشار القانوني للحكومة أخذ دور أكثر فاعلية ومسؤلية لمراقبة، متابعة، محاكمة ومعاقبة العنصريين. كما يجب على لجنة المتابعة وقيادات المجتمع العربي والسلطات المحلية ومؤسسات المجتمع المدني التنادي من أجل بحث ونقاش معمقين لوضع استراتيجية شاملة ومتكاملة، تتفق حول مواجهة العنصرية بأشكالها المختلفة، وتضع أهدافاً واضحة وآليات وأدوات ناجعة، وتتقاسم المسؤوليات لتحدي ومقاومة هذه الظاهرة الخطيرة، التي يريد اليمين الإسرائيلي، من خلالها، استدراجنا إلى مواجهة عنيفة وليس فقط إقصائنا والتمييز ضدنا. كما يترتب علينا التخلي عن النفسية والفكر الضحويّين، وأخذ مسؤولية عن الواقع الصعب الذي نعيشه، لأنه إذا لم نأخذ مسؤولية، ونبدأ عملا عربيا مشتركا وحقيقيا، فسوف تستمر مسيرة التردي.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة